تشتت جهد الدولة المبعثرة،ولم يعد بإمكانها لملمت كافة أوراقها،وكادت الانزلاقات الخطيرة أن تؤدي بها إلى النهايات المظلمة،بعد ان هبت عواصف الإرهاب والفساد بوقت واحد،وبعد ان تسببت السياسات الخاطئة “سياسيا وعسكريا” للحكومة السابقة،بكوارث لا يمكن ان تمحى من الذاكرة العراقية بسهولة.
ورغم ان معول الإرهاب الدامي لم يتوقف منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا ماسكا بمنجل الموت،ومستمرا في حصاد أرواح أتباع أهل البيت،إلا ان انكسار الموصل وجرائم سبايكر وبادوش والصقلاوية ونزوح الملايين من مناطق القتال كلاجئين ومشردين في ظروف مأساوية،اخذت كافة المديات وأطاحت بكل كبرياء الدولة وخيالها.
ومع هذا التراجع الرهيب في المنظومة العسكرية،ومع الانكسار المدوي في معنويات الشارع العراقي”المدني والأمني”، ارتفع صوت المرجعية الدينية عاليا،ليعيد الى المنطقة بصورة عامة والعراق بصورة خاصة،حالة الوعي المغيب وإحداثيات رسم خارطة المستقبل،التي كادت تضيع في لحظات الحماقة والفوضى.
وكان على مكونات الشعب العراقي ان تتفاعل مع فتوى المرجعية الدينية العليا بوجوب الجهاد الكفائي،وتتابعت عناوين التفاعل وضخ كبرياء روح التحدي بين صفوف العراقيين الأبطال،وفي سوح الجهاد،وتناغم العسكر مع هذا التفاعل وتحولت لغة الانكسار والتردد الى قبضة التحدي والصمود،كل بحسب موقعه وفهمه لآليات التفاعل وشد الأزر والحضور في الميدان.
ومن حسن حظ جميع المعنيين بالشأن العراقي،ممن هم في خندق المقاومة والممانعة،ان تتوالى رسائل المرجعية الدينية وتوجيهاتها،بما يتعلق بمعالجة أخطاء المرحلة الماضية،والاستفادة من الزخم الشعبي ومن حالة الصمود والانتصار،وما يمكن تقديمه للمجاهدين من دعم مادي ومعنوي وتوفير السلاح والإمدادات والمعلومات والمتابعة الميدانية والاطلاع على أوضاع المقاتلين ومعالجة مشكلة النازحين وتقديم الدعم لهم ومعالجة مشاكلهم.
ولان الحكومة لا زالت وليدة،ولا يمكنها معالجة كافة المشاكل والانكسارات التي ورثتها من الحكومة السابقة،كان على الجميع ان يبادر إلى وضع الحلول والمعالجات،وان يساهم بما يمليه عليه واجبه الوطني وتكليفه الشرعي،وقد يكون السيد الحكيم “عمار” أكثر العراقيين تفاعلا وحضورا في الميدان ،وبين المنكسرين والمشردين وسوح الجهاد.
ومواقف السيد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ليست وليد المرحلة الراهنة،بل هي نتاج تجربة ثرية في التلاحم مع مكونات الشعب العراقي والدفاع عنه وتحمل مسؤولياته ومشاركته أفراحه وأحزانه منذ عشرات السنين،بل ان هذه المشاركة امتزجت بأغلى الدماء وتجسدت بأقدس عناوين الجهاد والمشاركة الفاعلة وبعناوين الدفاع عن مظلومية الشعب العراقي،والحضور معهم في كل افراحهم واحزانهم وتوفير كل ما يمكن توفيره للمحرومين والمعوزين.
ان ما يقوم به السيد الحكيم من زيارات ميدانية لمواقع الجهاد وسوح القتال،وزياراته المتكررة للنازحين والمهجرين وسعيه لاشاعة روح التحدي والصمود بين المقاتلين وبث روح الامل والتفاؤل بين المهجرين والنازحين مصاديق أكيدة لعناوين القيادة الحكيمة والرؤية المستقبلية.