في إطار التصاريح الكثيرة التي تصدر من أعداء الشعب الكردي للنيل من مشروعه القومي ، وتوجهه نحو الاستقلال بالتوافق مع بغداد ، لم يستطع أعداء الكرد وكردستان أن يتستروا على نواياهم العدوانية ليسارعوا إلى الإدلاء بتصاريح تشتم منها رائحة الحقد والكراهية للكرد ، والتهديدات المبطنة والمكشوفة التي لم تنقطع يوماً وكلها تصب في خانة العداء للكرد والنيل من تجربتهم الناجحة في إقليم كردستان ، ومحاولة إجهاض هذه التجربة التي تشيد معظم دول العالم بنجاحها رغم المعيقات والعراقيل التي حاولت تحجيم إقليم كردستان ومحاصرته لئلا يتوسع ويتمدد على ما تبقى من أراضيه بالتنكر للمواد الواردة في الدستور من تطبيع للأوضاع واستفتاء على ضوء نتائجه تقرر المناطق الخارجة عن إدارة الإقليم مصيرها .
لم ينتظر الكرد تباطؤ سلطات المركز وتلكؤها في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه ، فبادروا من طرفهم إلى تحرير تلك المناطق بدماء البيشمركة وتضحياتهم وضمها لإقليم كردستان ، بعدما سلمتها حكومة المركز إلى داعش دون أن تقاتل وتدافع عنها في صفقة تآمرية خبيثة عرابها ومهندسها نوري المالكي .
واليوم وبعد أن اكتمل تحرير ما تبقى من أرض كردستان بالدماء والتضحيات الكثيرة ، وتوجه إقليم كردستان نحو الاستقلال الكامل ودون أن بقفز فوق موافقة بغداد ، ليكون الاتفاق وبالتراضي وبموافقة المركز، ومن ثم الدول الخليجية المؤيدة للكرد وحقهم المشروع في تقرير مصيرهم ، واستحصال الموافقات من معظم الدول الصديقة والداعمة للكرد ، وهي تبدي استعدادها للاعتراف بالدولة الكردية إذا أعلنت .
في هذا السياق تنبري الأبواق المناوئة للطموح الكردي وهي تكشّر عن أنيابها مدعومة من دولة الملالي في إيران التي كشفت التقارير مؤخراً أن اكثر من ( 13 ) مليون من مواطنيها تعيشون تحت خط الفقر ، وأن هناك آخرون ينامون في المقابر ، وبلغ التذمر الشعبي والغضب الشعبي أعلى معدلاته لدرجة بات يهدد بتفجير الوضع في الداخل الإيراني إذا لم يتم التعامل مع أزمة الفقر في بلد يعتبر ربما من أغنى بلدان المنطقة ، بفعل السياسات العدوانية والتهديدات الموجهة لدول المنطقة ، والتدخل السافر في شؤونها ، وتصدير الطائفية المقيتة إلى دول الجوار ، في هذا الوقت صرنا نسمع اصواتاً نشازا تهدد إقليم كردستان جهاراً نهاراً من جهات عديدة يجمعها قاسم مشترك واحد ألا وهو الإجهاز على التجربة الكردية الرائدة في المنطقة والأنموذج الأفضل لدول تسكنها قوميات ومكونات عديدة .
في هذا الإطار التهديدي والانتقامي يتصدر السيد عكيد كلاري قائد قوات الـ بي كي كي في شنكال المشهد العدواني فيخرج بتصريحات تهديدية رداً على دعوة الإقليم لهم للخروج من شنكال قائلاً : ” إذا ما حوربنا سنجعل من هولير حلب الثانية ” ويمضي في تصريحاته العدوانية مهدداً بنقل المعارك ” إلى شوارع العاصمة هولير لنقوم هناك بتصفية حساباتنا ” وإلى كل أماكن تواجد حكومة إقليم كردستان ، ولن يستثني منها منطقة ” في حرب أسمها بـ ” المفتوحة ” وسيعلنها حرباً شاملة في ” قنديل وهولير وكركوك وشنكال ” واصفاً قوات البيشمركة البطلة التي أبهرت العالم بشجاعتها وتضحياتها بأنها ” قوة قومية كلاسيكية مثل الديمقراطي الكردستاني ” .
وبعدما أفرغ عكيد كلاري مافي جعبته من الحقد والكراهية والأهداف الحقيقية لحقيقة تواجدهم في شنكال ، يتلوه في نفس المنحى والسياق ، وفي وقت واحد ، متهور آخر هو قيس الخزعلي قائد عصائب أهل الحق ، ليزرع الشك في وحدة البيشمركة في مسعى منه إلى زرع بذور التفرقة بين أربيل والسليمانية والبيشمركة ، ناسياً أن من حرر كركوك من هجمة داعش الأخيرة هم بيشمركة الاتحاد الوطني الكردستاني تيار الدكتور برهم صالح ، وكوسرت رسول ، والقيادي في بيشمركة الاتحاد الوطني جعفر مصطفى، ملمحاً إلى أن تياراً جديداً قيد التشكيل من ” الاتحاد – وربما يقصد كتلة هيرو خان – والتغيير واحتمال المواجهة مع البيشمركة ” لكن غاب عن تصور الخزعلي أن الكرد متفقون على المضي في المشروع القومي الكردستاني ، ولن يستطيع هو وأمثاله من الحاقدين والمتآمرين على الإقليم الكردي وقيادته الحكيمة أن يشقوا صفوف قوات البيشمركة ويشككوا في وحدة القيادة السياسية مهما امتلكوا من مكر ودهاء . .