يحدث في كل تمفصلات الحياة المختلفة المبنية على أسس منطقية للنجاح بان الشخص المتصدي لعملٍ ما يتحمل مسؤولية نجاح او فشل المشروع الذي يكون ضمن مسؤولياته، فنحن نسمع باستمرار في الدول المتحضرة بان الوزير الفلاني استقال او حوكم او مدير المؤسسة الفلانية اطيح به نتيجة الفشل التجاري، اما اذا ثبت تقصيره العمد او مؤشر لفساد ما فسيحال حتما للمحاكمة، وهكذا البلدان والمؤسسات ترتقي بعملها وتتسلق سلم النجاح .
موضوعنا عن مجتزأ لما يتعرض له العراق والعراقيون من مواضيع شائكة تربك الحالة العراقية بمزيد من الإحباطات التي تضيع طرق الوصول عبر بوصلة فاقدة لاتجاهاتها، حيث ان الأشياء تنزلق بسرعة متشابكة ما ان تمسك نقطة بداية حتى تتوه في نقاط اخرى متسارعة وتضيع التفاصيل والتي هي اساس البناء، فالكتلة الكونكريتية التي يجب ان تجتاز المواصفات تتكون من تفاصيل خاضعة ايضا للمواصفات من حصى ورمل وماء وحديد فان تهمل واحدة من تلك التفاصيل ستنتج كتلة كونكريتية فاشلة في المواصفات ومن ثم تفشل المشروع البنائي برمته ، فلذلك مشكلة ما يدور في العراق من هدم وعدم بناء هي إهمالنا للتفاصيل والدخول في عالم المهم والاهم المتسارع والمتشابك بخلطة معقدة تنتج الفشل العام الذي يحيق بالعراق واهله .
من ضمن التفاصيل المهمة التي بسببها زهقت ارواح وعطلت اعمال وأصابت الكثير من العراقيين باليأس والاحباط والمزيد من التداعيات المجتمعية الا وهي جهاز كشف المتفجرات (ID) الذي منذ توريده للعراق عبر شبكة من وزارة الداخلية المتعاقدة مع ( رجل الاعمال ) البريطاني ( جيمس ماكورماك ) من خلال سمسرة غير غريبة او نشاز في العراق عن كيفية إتمام الصفقات، هذا الجهاز الذي سبب تراخي في صفوف السيطرات العراقية التي اعتمدت على فعالية الجهاز ولا اود الدخول بالتفاصيل المزعجة والمصاحبة لعمل الجهاز ، هذا التراخي مع الأداء المتردي لمنتسبي القوات الأمنية أدى الى عبور عشرات المفخخات والمواد الداخلة في صنع التفجيرات التي تسببت بكثير من الأيام الدامية راح ضحيتها الكثير من أبناء بلدي الاحباء .
اين تكمن مسؤولية عقيل الطريحي ؟
امس ظهر محافظ كربلاء ( المفتش العام السابق في وزارة الداخلية ) السيد عقيل الطريحي للإعلام بعد ان ضربت كربلاء عدة تفجيرات مؤلمة وانتقد الإمكانية التقنية لجهاز الـ (ID) وقال :
قلت مرارا بان هذا الجهاز لا يعمل وغير ذا فائدة . فهل ان الطريحي في هذا التصريح يبرأ نفسه من الادانة التي أشار اليه بها الكثيرون بأصابع الاتهام لشخصه كونه كان ولعقد من الزمن المفتش العام لوزارة الداخلية وهي الجهة المراقبة في وزارة الداخلية ، اي ان أية صفقات او قرارات يجب على المفتش العام الاطلاع عليها وهذا هو السياق الإدراي لعمل المفتش العام وبالتالي فأي شبهة او خروقات او تردي في الأداء تقع على مسؤولية دائرة المفتش العام ، وبالتالي الطريحي تقع عليه مسؤولية كبرى بصفقة شراء هذا الجهاز اللعبة .
التوقف عند بعض تصريحات الطريحي بتصرف :
” ذهبت الى بريطانيا وشهدت ضد مصنع ومصدر هذا الجهاز الذي حكم عليه القضاء البريطاني بالسجن ” سؤالي.. باي صفة تذهب الى بريطانيا للشهادة ؟
من المؤكد بان الصفة التي منحت لك الحق بها للشهادة ان تكون الجهة المستفيدة – اي تمثل العراق – اي انك جزء من هذه الصفقة فعليه يقع عليك تبعات تداعياتها .
” كلما أمر بموكبي اخجل عندما ارى قواتنا الأمنية تستعمل هذا الجهاز اللعبة “
كما اسلفت بانك جزء من الصفقة لا يكفي ان تخجل او تغمض عينيك لتفادي الخطيئة فعلى الأقل كما نوه الاعلامي انور الحمداني في برنامجه الاشهر ستوديو 9 من على قناة البغدادية بان تفعل الممكن باعتبارك المفتش العام لوزارة الداخلية وهو ان تقوم بالذهاب مع محامي الى الادعاء العام وتقدم شكوى بذلك من اجل احقاق الحق وتبرئة نفسك من هذه الخطيئة وخصوصا الموضوع مرتبط بدماء العراقيين .
وهنا نؤكد على ضرورة استضافة السيد عقيل الطريحي في ستوديو 9 ليدلي بشهادته امام محكمة الشعب قناة البغدادية التي اثبتت ذلك بجدارتها وصلابة موقفها المهني والوطني كما ارى.
استجواب الطريحي من قبل أعضاء مجلس محافظة كربلاء !
تم قبل ايام استدعاء المحافظ للاستجواب بقضايا تخص الفساد الاداري والمالي وهدر للمال العام وهذا هو دور مجلس المحافظة المنتخب ليمثل جموع الناخبين كعين للشعب الراصدة والمتابعة لما تقوم به الجهة التنفيذية .
في البدء طالب السيد المحافظ ان تكون الجلسة علنية وقد أشدنا بهذه الخطوة ، لكنه غير رأيه ولا اعرف لمٓ فعل ذلك، ربما لطبيعة الأسئلة المحرجة ؟
بل شاهدنا ان تحشد بعض المتظاهرين الذين هتفوا باستقباله عند مبنى مجلس محافظة كربلاء المقدسة بـ ( علي وياك علي ) ! ، الأخبار تقول بان الطريحي لم يكن موفقا في الإجابة ولم يقنع المستجوبين وخصوصا صاحب مشروع الاستجواب المهندس محمد الطالقاني ولذا سيتم التصويت على اقالة المحافظ وللآن لم يتم ذلك ! السبب نحيله سؤال الى أعضاء مجلس المحافظة لأننا كرأي عام نقف على مسافة واحدة مع الجميع ومايهمنا ان تتم اقالة المحافظ اذا ما كان مقصرا وكذلك الاشادة به ومؤازرته اذا ماكان فاعلا إيجابيا وبذات الوقت سنقف مع المحافظ ضد مجلس المحافظة بعد كل شيء يجب ان بكون واضحا وملموسا .
دكتور حيدر العبادي في كربلاء التوقيت والقراءة !
من الطبيعي ان يزور رئيس الوزراء المحافظات ويجتمع مع اداراتها التشريعية والتنفيذية للوقوف على عملهم ومن ثم التقييم لان هذا من صميم عمله ، لكن الغير مالوف بروتوكوليا وقانونيا بان رئيس الوزراء عندما زار كربلاء لم يتم استقباله الا من قبل محافظ كربلاء ونفر قليل من أعضاء مجلس المحافظة ، وهذا مؤشر واضح للانقسام الحاصل بين مجلس المحافظة والمحافظ حيث ان معظم من يود التصويت على أقالة المحافظ لم يحضر باجتماع الدكتور حيدر العبادي في كربلاء، وهذا يؤشر بتصوري على ان العبادي بزيارته تلك لم يكن زائرا من باب المسؤولية الروتينية التي يجب عليه القيام بها وإنما للملمة الامر وإيقاف ما يود مجلس محافظة كربلاء المضي به قدما في أقالة الطريحي
لماذا؟ سؤال ننتظر الأيام الحبلى بالتوقعات الإجابة عليه .
أسئلة تمور في الذهن من خلال المعطيات نتمنى ان نحصل على إجابتها فالعملية الصحية تكمن باحترام الالية الدستورية والقانونية وتكريس حقوق المواطنة اذا ما أردنا ان نوقف نزيف الدماء المهدورة يوميا ولنرتقي بالوطن.
ختاما العراق بخير !
حملة يقوم بها بعض المتفائلين مفادها ان العراق بخير ، أُحيل الجواب على لسان ام او فتاة فقدت حبيبا في الانفجار الذي لن يكون الأخير بان العراق لا .. ليس بخير .
وكما قال جوستاف لوبون ” لا يملك الانسان رغباته ، ولكنه يملك ارادته ” وكما قال ايضا” التطور الديمقراطي الصحيح لا يُنزل النخبة الى مستوى العامة ، بل يرفع العامة الى مستوى النخبة “.
