18 ديسمبر، 2024 11:14 م

لماذا يكتب الكاتب في هذا السوق الشعبي غير المحدود؟ إنّه رصيف للنشر يتسكع عليه أدباء ومفكرو ومؤرخو فيسبوك ومواقع الدردشة ومواقع الدعاء المضحكون. فوق ذلك فعلى النت توجد ملايين الكتب المجانية، وكل الكتب التي حازت جوائز كبرى؟

 

لا حقوق لما تنتجه عقول الناس في العالم العربي، وكل الحقوق لما تنتجه أياديهم! إنها “قسمة ضيزى” بها يتدنى المنتج العقلي إلى مرتبة أقل من المنتج اليدوي. ويتعاظم الخطر بانتشار منابر التواصل الاجتماعي وقدرات الهواتف الذكية غير المحدودة في التصوير والتوثيق. الأفكار برسم السرقة واللصوص من كل مكان.

 تحولت حدود المعرفة إلى مساحات بحجم السنين الضوئية مقارنة بالحدود التي عرفها الإنسان في عصور الكتاب الورقي والمعرفة التقليدية. كل شيء في متناول الجميع، اختلطت الحقائق بالأكاذيب، ويتنافس لصوص النصوص والصور والمقلدون مع الأساتذة المبدعين. في هذا العصر الصعب لا معنى للحقوق.

في العالم العربي ما زالت القرصنة سيدة الموقف بلا حكومة ولا سلطة ردع، إذ لا توجد قوانين ملكية تحمي حقوق النشر والتأليف، لذا بات الإنتاج الأدبي والفني مباحا للجميع، بات أغلب ما ينشر في صحف ومجلات العالم العربي مستنسخا بسرعة عن صفحات اصيلة توارى كتابها في ضجيج الحروب.

وكسبيل لردع القائمين بالسرقات سُنت قوانين صارمة تعاقب القائمين بالقرصنة الأدبية. ولكن السؤال الأصعب يبقى هو من يطبق تلك القوانين في عصر “الربيع العربي” والمد الشعبوي والثقافة المزيفة المنسوخة، هذا عصر ذابت فيه الحدود وتلاشت الدول وباتت المجتمعات مائعة متداخلة؟

في الغرب يمكن متابعة السرقات، وكمثال على ذلك الحكم الذي أصدرته محكمة سويدية عام 2009 بسجن صاحب موقع قرصنة على الإنترنت لمدة سنة وغرامة مالية تقدر بالملايين، نتيجة خرقه لحقوق التأليف والنشر. لكن هذا الأمر لا يصح في إفريقيا وفي الشرق الأوسط، وحتى في أجزاء من آسيا ومن أمريكا اللاتينية.

غوغل هو الخصم وهو الحكم

غوغل محرك البحث الذي توجد فيه ملايين الكتب معروضة على النت دون مقابل، غيبّ تماما مسألة حماية حقوق التأليف. ويعتبر المستشار القانوني في مؤسسة اتحاد دور النشر في ألمانيا كريستيان شبرانغ ، حسب ما نقل عنه موقع دويتشلاند.دي أي ” أنّ مشروع غوغل المتمثل في إيجاد مكتبة إلكترونية مجانية يشكل خطراً على حقوق أصحاب هذه المؤلفات” ويكمن هذا الخطر ـ حسب رأيه ـ في أن غوغل عندما تقوم بنسخ ملايين من هذه الكتب وتطرحها على الإنترنيت، فإن ذلك سيعني احتكارها لسوق الكتب الرقمية الذي مازال في طريق التطور. ويعني ذلك أيضا “سيطرة شركة تجارية خاصة على مجال هو ملك للجميع “.

وفي ظل غياب القوانين، بادرت منظمات ثقافية واتحادات فينة وأدبية وحقوقية عديدة إلى اطلاق مبادرات تتوخى حماية حقوق التأليف والنشر، منها: الجمعية المصرية لقانون الإنترنت، واتحاد كتاب الإنترنت العرب.

الجمعية المصرية لقانون الإنترنت كتنظيم غير رسمي طالبت بوضع قانون للإنترنت يجرِّم الأفعال غير المشروعة على الإنترنت ويعاقب مرتكبها، ومنها جرائم النشر التي تهدر حقوق الملكية الفكرية وحقوق المؤلف .

حقوق الكتاب الرقميين ما زالت افتراضية!

وينقل موقع اليسير الالكتروني المصري، أنّ اتحاد كتاب الإنترنت العرب، يسعى إلى الدفاع عن حقوق الملكية الفكرية للكتاب على شبكة الإنترنت، وجرى تشكيل لجنة حماية حقوق الملكية الفكرية ضمن لجانه المتعددة، لتحقيق هذا الهدف، من مهام هذه اللجنة:

  1. التوعية بحقوق الملكية الفكرية لمنتسبي الاتحاد خاصة فيما يتعلق بحقوق الملكية الأدبية والفنية والنشر الالكتروني.
  2. إنشاء زوايا إلكترونية على موقع الاتحاد تتضمن معلومات متعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية ونشر كتب محاضرات وندوات وقوانين عربية ودولية واتفاقيات.
  3. إنشاء قسم إلكتروني لتقديم الاستشارات القانونية بخصوص حماية حقوق الملكية الفكرية والنشر الإلكتروني.
  4. إعداد دراسات مقارنة للاتفاقيات العربية والدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية والنشر الإلكتروني.
  5. تعيين مندوبين في البلدان العربية لرصد أعمال التزوير والإبلاغ عنها مع التوثيق ما أمكن لمعلوماتهم ونشر قضايا الاعتداءات على حقوق المؤلفين .
  6. إنشاء سجل لاستقبال الشكاوى المتعلقة بالاعتداءات على حقوق المؤلفين.

كل هذا الجهد يبقى مجرد احلام حبيسة الكومبيوترات والألواح الالكتروني، فواقع الحال العربي عبارة عن غابة من سرقات وغزوات ونهب أدبي وفني بلا رادع. والصور والمقالات تدور بين المواقع العربية بلا رادع وكلٌّ يدعي أنها له، وحتى تنتظم قوانين حماية الملكية، تبقى الثقافة والفن العربي في انحدار يقترب بها من عصور الظلام.

ربما وجدت مقالي هذا بعد أشهر مسروقاً ومنشوراً على موقع آخر باسم آخر، ما يحمني حينها هو تاريخ النشر، غير ذلك سأحار الى أين أذهب ولا مركز للشرطة يقبل شكوى كاتب، فالكُتّاب لا مكان لهم في عالم الشرطة، ولا عزاء للكاتبات طبعاً!