19 ديسمبر، 2024 12:29 ص

عقول مفخخة

عقول مفخخة

الجهل مرض عضال, قد يصاب به الإنسان بسب اختياراته الخاطئة, أو قناعاته المغلوطة, وربما يتجاهل آخرين بعض الأمور لمصالح خاصة, أومكاسب فردية تعبر عن أنانية داخلية أو عجب أو تكبر.

كلما خيم الجهل في مجتمع ما فتكتك بذلك المجتمع الشبهات والأمراض الاجتماعية, وبرزت طبقات انتهازية تحرف بوصلة الجمال, وتشوه حقيقة الواقع, تقوم هذه المجاميع باستغلال جهل الأفراد لتمرير مخططتاها ومآربها, بل حتى لتمرير أمراضها النفسية.

لا يختص الجهل بمجتمع دون آخر, فكل المجتمعات في بلدان العالم من الممكن أن تصاب بالجهل, وما الاعتقادات المنحرفة التي تنتشر في كثير من البلدان, إلا دليل على ما نقول.

الجهل يقسمه أهل المنطق إلى قسمين: الجهل العادي -إن صح التعبير- والجهل المركب, وهو الأخطر, وهو الجهل بشيء مع الجهل بأننا نجهله, مما يولد اعتقادات وقناعات كارثية, فيظن المصاب بهذا الجهل أنه عالم, في حين إنه لا حظ له من العلم.

الجاهلون هم قنابل موقوته, وعادة ما يربط الباحثين في علم الاجتماع الجهل بالتخلف, وبالتردي الثقافي, وبالانحطاط التعليمي, وببساطة المعرفة وسذاجة التفكير, الأمر الذي ينعكس سلبا على الاعتقادات, فيستميت هؤلاء الجاهلون في الدفاع عن أفكارهم, واعتقاداتهم, متخذين سلاح التخوين والتهمة لمن يخالف فكرتهم, وعادة ما يكون التحاور مع هؤلاء صعبا, لأنهم يناقشون على أساس القناعة الشخصية, لا على أساس الحجة والإقناع.

هناك مشكلة كبيرة أخرى ترتبط بالجهل النابع من العصبية, أو ما يسمى بالعناد نُصْدَم بها, ألا وهي تصدي بعض الشرائح المثقفة أو الأكاديمية أو عِلْيَة القوم للدفاع عن شرائحهم, حتى وإن كانت تلك الشريحة مصابة بمرض ما, فعندما نأتي لتوجيه نقد لموقف معين, صدر من احد افراد هذه الشريحة, تجد إن المنتمين لهذه الشريحة يدافعون بكل عصبية, ولا يتقبلون النقد, ولا يسعون لتصحيح هذه السلبية الصادرة من شريحتهم, ويتساوون في هذه الحالة مع من ليس لهم حظ من العلم, وينسون كلمة الإمام الصادق ( ع ) في هذا المقام إذ يقول”: ليس من العصبية أن تحب قومك ولكن من العصبية أن تجعل شرار قومك خيرا من خيار غيرهم”