27 ديسمبر، 2024 5:53 ص

عقوبة الاعدام بين مؤيديها ومعارضيها

عقوبة الاعدام بين مؤيديها ومعارضيها

كثر الحديث في الاونة الأخيرة عن عقوبة الاعدام ، حيث ادان الاتحاد الاوروبي ومنظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية كثيرة ، احكام الاعدام في الدول التي مازالت تنفذ هذه العقوبة .

وترصد منظمة العفو الدولية سنويا تنفيذ عقوبة الإعدام لجميع البلدان، وتقوم بمسائلة الحكومات التي تواصل استخدام هذه العقوبة القاسية واللاإنسانية . وفي أبريل/نيسان 2020، صدر أحدث تقرير لمنظمة العفو الدولية عن أحكام الإعدام في العالم لعام 2019 ، حيث سجّلت المنظمة في هذا العام ما لا يقل عن 657 عملية إعدام . ويتم تنفيذ معظم عمليات الإعدام المعروفة في كل من الصين وإيران والعراق والمملكة العربية السعودية ومصر .

وباستثناء الصين، فقد تم تنفيذ 86٪ من جميع عمليات الإعدام المبلغ عنها في أربع دول فقط هي إيران والمملكة العربية السعودية والعراق ومصر .

تعَرَّف عقوبة الاعدام بانها قتل شخص نتيجة ارتكابه جريمة عظمى، كما يُحددها قانون البلد الذي يُحاكم فيه. ويُشترط أن تكون العقوبة صادرة عن حكم قضائي ، بعد محاكمة تجري أمام محكمة معترف بها ومشكلة وفق القانون.

ما تزال عقوبة الإعدام قضية جدلية في اغلب دول العالم ، فهناك من يؤيدها وهناك من يعارضها .
حيث يجد بعض الاشخاص أن هذه العقوبة غير إنسانية ومذلة بينما يرى البعض الآخر أنها طبيعية وعادلة .

ونحن هنا لانناقش الموضوع من الناحية الدينية . بل لاعتبارات إنسانية محضة .
يقول الروائي والاديب فيكتور هوغو ان قتل النفس بحق أو بغير حق هو ترجمة فعلية للبربرية .

وفيما يأتي نقدم حجج كل من مؤيدي هذه العقوبة والمعارضين لها
ونترك للقارئ حكمه بشأن هذه المسألة الجدلية .

مؤيدوا عقوبة الاعدام يقدمون اسبابا عديدة تدفع المجتمع لتنفيذ هذه العقوبة لعل اهمها :

اولا_ أن عقوبة الاعدام تتناسب مع فعل جريمة القتل . بمعنى إذا قتلت شخصًا ما ، فيجب أن تقتل أيضًا ، والعقوبة من جنس العمل .

ثانيا_ بالقضاء على حياة القاتل سنمنعه من ارتكاب جرائم جديدة . وبالتالي سيكون هناك عدد أقل من الجرائم في المجتمع .

ثالثا_ إن الفرص الضئيلة لإعدام متهم برئ ، تقابلها الفوائد التي تعود على المجتمع في التخلص من المجرمين والقتلة .

رابعا_ ان هذه العقوبة تمنح قاضي التحقيق وسيلة تهديد للمتهم حتى يتمكن من تقديم معلومات كاملة عن الجريمة .

خامسا_ ان عقوبة الاعدام تشعر اهالي الضحايا بالعدالة وتمنعهم من تحقيق الاقتصاص او الانتقام بأنفسهم .

سادسا_ تخفف عقوبة الإعدام من اكتظاظ السجون وتمكن العاملين فيها من التركيز على السجناء الذين لديهم فرصة لإعادة الاندماج في المجتمع .

اما معارضوا الاعدام فانهم يقدمون الحجج الاتية :

اولا_ ان عقوبة الإعدام تتعارض مع أبسط الحقوق الإنسانية واولها الحق في الحياة ، وهذا مكرس في الاعلان العالمي لحقوق الانسان .

ثانيا_ الاعدام عقوبة قاسية ومهينة ، فعندما يعدم الشخص باي طريقة كانت فانها تسبب بالتاكيد الموت البطيئ والمؤلم ، مما يعد تعذيبا منافيا للانسانية .

ثالثا_ عقوبة الإعدام ليس لها ذلك التأثير الرادع الذي يدعيه مؤيديها . فهي غالبا لاتمنع الناس من ارتكاب جرائم خطيرة . ولا توجد علاقة بين عقوبة الإعدام وقلة الجرائم في اي دولة .

رابعا_ انها تفرض في كثير من الاحيان على الفقراء والاقليات الدينية او العرقية اوالطائفية . وهذا منافي للعدالة وعدم التمييز بين الافراد .

خامسا_تُستخدم عقوبة الاعدام في بعض البلدان كوسيلة سياسية للقضاء على المعارضين السياسيين .

سادسا_ ان البلدان التي تنفذ العديد من عمليات الإعدام ليس فيها نظام قضائي عادل . ففي اغلب هذه الدول يواجه الأشخاص محاكمات جائرة . ويتم فرض العديد من أحكام الإعدام على متهمين مفترضين لعدم وجود ادلة قاطعة ، غير الاعتراف تحت التعذيب .

سابعا_ في بعض الأحيان تقع اخطاء من قبل العدالة، وإذا كان الشخص المدان بريئًا بالفعل؟ فاننا نكون قد ارتكبنا خطأ” لايمكن تصحيحه ، بعد زهق روح مواطن برئ .

ثامنا_ يمثل حكم الإعدام انتقاما اكثر مما هو تحقيقا للعدالة . ويمكن الاستعاضة عنه بالسجن لسنوات طويلة .

تاسعا_لايمكن تبني الرأي القائل بان الاعدام وسيلة فعالة ضد الارهاب . فقد ثبت ان الأشخاص الراغبين في ارتكاب اعمال عنف تجاه المجتمع لايبالون كثيرا بالعقوبة .

عاشرا_ ان عقوبة الاعدام ترسخ فكرة القتل بدلا من العمل على مكافحته .

هذه هي آراء وحجج كل من مؤيدي ومعارضي عقوبة الاعدام .
وغالبًا ما نشاهد الدعم لهذه العقوبة يترافق مع الافتقار إلى المعلومات الموثوقة حول هذا الموضوع ، وتستند في كثير من الأحيان على الفكرة الخاطئة بأنها ستحد من الجريمة . وتميل بعض الحكومات إلى الترويج لهذا الإدعاء ، على الرغم من عدم وجود دليل يدعمه . وفي احيان كثيرة نواجه خطر إعدام شخص بريء نتيجة ظلم المحاكمات والطبيعة التمييزية لعقوبة الإعدام .

وعليه فان الأمر يتطلب اعادة النظر في فلسفة العقاب على ضوء تطور العلوم الانسانية والاجتماعية ، والتركيز على هدف الاصلاح كبديل انساني ومتمدن عن فكرة الانتقام التي ترافق عقوبة الاعدام .