19 ديسمبر، 2024 12:44 ص

عقد القرآن عند أهم الأديان

عقد القرآن عند أهم الأديان

(( نتيجة الصراعات الدولية والتطورات السلبية وآثارها على المجتمعات العالمية منذ بدايات النصف الثاني من القرن الماضي ألقت بظلالها على الأسرة وتركت كثيرا من الأزمات الثقيلة منها على سبيل المثال موضوع بحثنا هذا وهو كثرة الطلاق المبكر الذي أدى بدوره إلى تدمير ونخر الأسرة والمجتمع وما يهمنا هو المجتمع العربي والإسلامي حيث ساهمت هذه السلبيات إلى عزوف الشباب عن الزواج أو التخوف من الإقدام على هكذا تجربة جديدة لعدة أسباب مهمة منها عدم وضوح الرؤيا للمقبلين على الزواج لما يصدمهم من النمط الجديد لحياتهم تحت الضغط المعيشي والسياسي والاقتصادي ومدى ضخامة المسئولية الملقاة على عاتقهم مقابل عجز الحكومات عن توفير المعيشة النموذجية لأبسط مضامينها وعدم أدراك وفهم الرباط المقدس لمشروع الزواج ومفهومه الصحيح وما أريد منه من قبل المشرع المقدس الله سبحانه وتعالى في صيانة وخدمة المجتمع من الانحراف الخلقي و الاجتماعي والعقائدي فكل الأديان تُسمي الزواج بالمقدس لما فيه من أسس وضوابط وثوابت وصيغ متشددة للحفاظ عليه باللفظ والتطبيق . فالزواج يعرف بالميثاق الغليظ والعقد الملزم بين المتعاقدين . وبما أنه ميثاق وعقد فيجب أن يدون على الورق ككتاب موثق بشاهدين وأعلانا له من قبل المتعاقدين ولو استعرضنا عقد الزواج في الديانات السماوية المهمة التي سبقت الإسلام المحمدي أقصد القرآن الكريم الذي نزل على نبينا محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه منها الصابئة المندائية واليهود والمسيحية فقد كان عبارة عن صيغة ووعدا مقطوعا على الزوجين عند اليهودية وميثاقا عند المسيحية وعهدا عند الصابئة أما عند الإسلام فما نراه اليوم سوى ألفاظا يرددها الزوج لزوجته على الشفاه أمام الشهود وولي الأمر ورجل الدين وبعدها توثق بعقد زواج مكتوبا فيه كمية الصداق أو المهر المعجل والمؤجل عند محاكم الأحوال المدنية لتثبيت حقوق الزوجة فقط على العكس ما يطرحه المشرع المقدس في القرآن الكريم لجميع الأديان المذكورة فلنأخذ الزواج عند الصابئة المندائية حيث يأخذ العهد الموثق بكتاب مخطوط بيد الزوج وموقع من قبله أمام الشهود من الطرفين العريس والعروسة ويسمى هذا العهد ( صيغة العقد ) عندهم ( الكاشطا ) وهو قَسَمُ الإخلاص للعروسة من قبل العريس أمام الأهل والرجل الدين وأمام الله تعالى ولائكته وبالنص التالي ( هذا عهد قطعته على نفسي أمام الشهود بأني ساخذ فلانة بنت فلان زوجة شرعية لي يشهد الله الحي العليم ويشهد رسله وملائكته الأثيريون ويشهد هؤلاء الكهنة المندائيون كلهم شهودي بأني لن أحيد عن عهدي وميثاقي ولن أخون زوجتي وأغشها وسوف أوليها رعايتي وأسلمها بالحق وأني بعهودي التي ربطتني بها أمام الله تعالى ) . أما عند الطائفة اليهودية حيث يسمى عقد الزواج وعدا مقطوعا من قبل العريس لعروسته ويسمى عندهم ( كيتوباه) وله شاهدان وهو عبارة عن وعدا مستقبلي يقطعه الزوجين بينهما ويكون سن الزواج عند الذكور 13 سنة وللإناث 12 سنة ويودع عند رئيس الطائفة يسمى ( كتوبة ) حيث يوثق بشروط كالمهر أو النقود أو أي شيء آخر معنويا كالخاتم وكذلك المؤجل يكون أكثر من الحاضر ويدرج في هذا الوعد أو الوثيقة ( العقد ) ويدرج فيه التزاماته اتجاه زوجته وبيته القادم مع توقيع شاهدين ويكون مكتوبا بالعبرية تسمى ( كتوباه ) .
أما عند المسيحية : فيسمى عقد القرآن عند المسيحيين ( ميثاقا ) ويُتلى هذا الميثاق أمام الشهود والأهل ورجل الدين للكنيسة بالألفاظ ويتعهد أن يرعاها أي ( الزوجة ) في السراء والضراء وفي الصحة والمرض والصبا والشيخوخة ويحافظ على مالها وعدم أهانتها ففي المقابل تعطيه فروض الطاعة والعصمة والوفاء ويكون علنا أمام الشهود والحضور وهذا ما نص عليه القرآن الكريم في كثير من مواضعه التي تحض الزواج والنكاح بين المسلمين وبما أن الإسلام هو الدين الجامع المُوَحَد لجميع الملل السماوية الغير محرفة لهذا يكون المشرع الإسلامي المحمدي جامعا لكل الشرائط التي تُجمَع في عقد القرآن ( الزواج ) من أخذ للوعد والميثاق والعقد بشروطه الموثقة لدى الزوجين .
عقد الزواج عند الإسلام :يعني العقد وهو الربط والوثيقة كما جاء في لسان العرب والعقد هو النكاح
وألفاظه هي الزواج والنكاح كما جاء في القرآن الكريم ( فلما قضى زيدا منها وطرا زوجناكها .. ) سورة الأحزاب آية 37 وكذلك ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ….. ) سورة البقرة الآية 22 وكذلك ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ……. ) سورة النساء الآية 3 وهذا العقد هو الميثاق الغليظ والوسيلة الوحيدة لكلا الجنسين كما قال سبحانه وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ….. ) سورة المائدة الآية 1 وشرط هذا العقد هو الوفاء والالتزام بشروطه المكتوبة والمنصوص عليها في كتابة العقد ويتضمن الإيجاب والقبول باللفظ والشهود والإعلان به مستثنى من ذلك ذو عاهة بدنية كالأخرس والأعمى وكما ورد في الحديث الشريف 0 فاتقوا الله في النساء فأنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة من الله ) فأن مفهوم الزواج عند المسلمين هو عقد الزواج وأركانه فالعقد هو ( الميثاق الغليظ والوسيلة الوحيدة لمعاشرة كلا الزوجين ) أما الركن فهو الجزء القوي من العقد كما مبين أدناه .
الشافعية : فهو ( الزوجان – والولي – شاهدان – صيغة ) .
المالكية :هو ( الصيغة – الولي – الزوج – الزوجة ) .
الحنفية :هو ( الصيغة هي الإيجاب والقبول – ) فالإيجاب هو الطلب الذي يقدمه الزوج والقبول هو رد الطرف الثاني ( الزوجة ) بالقبول باللفظ والكتابة ).
الحنبلية :هو ( الإيجاب – القبول – الزوج – الزوجة ) .
الأمامية : هو ( الإيجاب – القبول ) .
وبعد هذا الشرح المبسط لعقد القرآن وأركانه عكس ما نراه اليوم فهو بعيدا كل البعد عن مفهومه ودوافعه وشروطه وما أوضحه الله تعالى في كتابه الكريم وبلسان عربي مبين ومفصلا بين يدي الناس حيث نراه اليوم هو مأدبة طعام وحفلة بين الأهل والأقرباء تسبقها كلمات تعارف بين العائلتين ضمن شكليات اجتماعية وترديد بعض الكلمات يُلقن بها العروسين كالببغاء بدون إفهامهم مدى أهمية هذا الرباط المقدس والمشروع المستقبلي الإلهي وخطورة الالتزام به أمام الله تعالى وأمام الناس أخلاقيا واجتماعيا ويجب الحفاظ عليه وعدم الاستهانة به في المستقبل لبناء أسرة قوية متماسكة مبنية على مخافة الله تعالى وشرعه وعهده لكلا الزوجين إزاء أسرتهما ومجتمعهما وهذا بالمجمل تقع مسئوليته على كُبّار القوم وأهل الحل والعقد والمؤسسات الدينية خاصة بعقود الزواج والرجال التابعين لهذه المؤسسة الدينية فعليها اختيار رجال دين يقع على عاتقهم مهمة توعية الزوجين لصيانة هذا المشروع والرباط المقدس ( الزواج ) الغرض منه نشأة جيل محصن من السلبيات والمشاكل والعقد النفسية ) ضياء محسن الاسدي