توتر العلاقة بين التحالف الكردستاني وأطراف في التحالف الوطني ، يعكس علامات تباعد وإفتراق في الرؤى والتوجهات، من وجهة نظر مراقبين لتطورات الوضع في العراق، الذين باتوا يعدون هذا التحالف ( ورقة مستهلكة ) ، لم تعد لها قيمة لدى التحالف الكردستاني، حتى وان حاول الطالباني إضفاء بعض الطابع العملي على إستمراريتها.
ويستند هؤلاء المحللون في قرائتهم لمستوى هذه العلاقة والتوتر والتصعيد الذي شهدته مؤخرا، على ان مديات هذه العلاقة مضطربة فعلا، لكنها مع ذلك لن تصل الى حدود القطيعة، وتبقى ( شعرة معاوية ) ضرورية للحفاظ على الحد الادنى من هذه العلاقة التي شهدت انتكاسة على أكثر من صعيد.
التحالف الكردستاني كان قد ألقى باللائمة على شخصيات في دولة القانون بأنها هي التي كانت السبب في توتير أجواء هذه العلاقة ، والى ان تصل الى هذا الحد من الاحتراب وتصاعد حدة التصريحات، ويبدو ان التحالف الوطني غير راض عن تدهور هذه العلاقة هو الآخر، ويحرص على ان لايزج نفسه طرفا في هذه المواجهة، ويحاول قدر امكانه ان يحافظ على البقية الباقية من خيوط هذه العلاقة التي اصابها الفتور والتباعد، بل وتقاطع وجهات النظر، الى الحد الذي عده ( البعض ) انهم دخلوا في مواجهة مباشرة، وهي حالة لاتسر التحالف الوطتي ويدرك قياديوه انهم الان في حالة يرثى لها ، ان بقي التصعيد والتوتر ياخذان جانبا مهما في مستوى هذه العلاقة بما يؤدي بها الى انفراط عقدها، ومع هذا تحرص اطراف التحالف الوطني ان تظهر نفسها وكأنها ما زالت قريبة من التحالف الكردستاني وترتبط مع قياداته وبخاصة مع حزب الطالباني بروابط قوية ، وان اضطر الاتحاد الوطني لطلب توضيحات من التحالف الوطني عن طبيعة تصريحات نواب في دولة القانون، كالتي فجرها النائب سامي العسكري، والنائب ياسين مجيد ، وادت الى تدهور في اشكال هذه العلاقة، ووصلت الأمور بينهما الى اعلان حالة حرب في التصريحات لم تتوقف حتى هذه اللحظة.
النائب سامي العسكري لم ينكر حقيقة تدهور هذه العلاقة وقال ان التحالف بين الاكراد والشيعة ” أكذوبة ” فعلا، ولا تبدو في الافق حسب قوله اية ملامح لهذا التحالف ، بل ان الاكراد ربما تحالفوا مع السنة واطياف عراقية أخرى ، ما يؤكد انهم يبحثون عن مصلحتهم الشخصية ، وليس هناك تحالف بالمعنى الحقيقي حاليا بين الطرفين، سوى بالأسم، اذ يقول النائب سامي العسكري اننا نسمع بالتحالف بين الأكراد والشيعة ولكننا لانجد له تطبيقا على أرض الواقع، بل ان الاكراد حسب قول النائب سامي العسكري كانوا قد وقفوا اكثر من مرة ضد التحالف الوطني في جلسات البرلمان عند مناقشة الكثير من القضايا الحيوية والمهمة،، متسائلا : كيف يكون هناك تحالف بينهما والامور تصل حد الإحتراب؟
وهنا يطرح الكثير من العراقيين ساسة وجماهيرا شعبية ، وهو سؤال مشروع: لما تحالف الاكراد مع الشيعة ضد السنة ؟ وماذا يستهدف الجانبان من هذا التحالف، وماهي مبرراته اصلا، الا يتقاطع هذا مع رؤية الكثير من العراقيين الذين يرون في مثل هذه التحالفات على انها اصابت الشعب العراقي بويلات ونكبات مريرة وعادت على الشعب العراقي بأضرار كبيرة ، ثم لماذا يتحالف العراقيون ضد بعضهم البعض وهم إخوة في المصير والانتماء ،، وهم يتساءلون : لماذا لايكون شكل التحالف بين اطياف العراقيين جميعا ضد اعدائهم وليس ضد بني جلدتهم ، ولماذا تحالف الشيعة مع الأكراد ضد طائفة من العراقيين ، رغم ان الكثير من العراقيين يعرفون ان الطلئفة الأخرى المستهدفة ربما كانت اكثر المتضررين مما اصابهم من ظلم وحيف في سنوات ما قبل السقوط .. ثم الم يكون كبار قيادات الشيعة هم من الطبقة الحاكمة والحزب الحاكم وفي قيادات عليا في الاجهزة الأمنية والعسكرية أنذاك ، وهم الذي يدينون بالولاء الاعمى للنظام السابق ، فكيف تحولت الاحوال بقدرة قادر وتحول الشيعة نحو الكرد وتركوا اخوانهم من الطائفة الاخرى في صراع مرير معهم.
والصحيح من وجهة نظر العراقيين ان يعود الشعب العراقي الى أصل تأريخه الخالي من العقد، وفي ظل صلات وطيدة لاتحكمها الطائفة أو العرق أو الدين، بل تحكمها قيادات تتحمل مسؤولية أخلاقية في أن تعيد للبلد هيبته وكرامته المهدورة، وتعيد له امنه واستقراره ، في كل بقاعه، وان لايتحالف العراقيون ضد بني جلدتهم، بل يتحالفون ضد من يضمر لهم الشر والاحقاد، ويريد تصديع وحدتهم الداخلية، ويجعلهم فرقا وشيعا تتقاتل فيما بينها، وهذا ما تحقق للطامعين بفضل أطراف عراقية أبت الا ان تحمل معول الهدم والتخريب، لتنخر في الجسد العراقي وتغرس فيه سكاكينه، ليتقاتل أبناؤه فيما بينهم، وهم يرتبطون بوشائج نسب وقربى وصلات التاريخ والعيش المشترك، ما يدعونا جميعا كعراقيين ان نتوحد صفا واحدا عربا واكرادا وتركمانا ويزيدا وصابئة وكل أشكال التنوع العراقي في وحدة واحدة، ونودع الاحقاد البغيضة، لنزرع البسمة على شفاه العراقيين وتروح تلك الايام العصيبة وايامها اللعينة ، الى غير رجعة، وهو أمل العراقيين جميعا، ولكن هل يسمع ساسة البلد نداء شعبهم، ويعودوا الى طريق الخير والصلاح، ويعيدوا اللحمة بين العراقيين ويشدوا من أزر شعبهم، ويقظون على الفساد ومن يوغل في الجسد العراقي قتلا وتدميرا، ويعيشوا اخوة متحابين، كما كانوا طيلة عهود مضت، وكانوا مثال للتلاحم والصمود، وفي أن يكونوا رمزا لكل فضيلة وعنوانا لكل بطولة وترسم طريق العراقيين، نحو غدهم المشرق الوضاء، وتودع أيام الظلمة والاحقاد ، ونبني وطنا تسوده المحبة والوئام والعيش الآمن المشترك، وبلا منغصات أو آلام.. ولكن من يسمع ياترى.. فلقد أسمعت لو ناديت حيا..ولكن لاحياة لمن تنادي!!