22 نوفمبر، 2024 11:52 م
Search
Close this search box.

عقارب الساعة تدور باتجاه واحد

عقارب الساعة تدور باتجاه واحد

كثيرة هي الأمثلة والأقوال التي سجلها التأريخ عن الوقت وأهميته، وكثيرة أيضا الحكم التي تحثنا على استغلاله والاستفادة منه وعدم التفريط به. فلطالما سمعنا أقوالا مثل؛ الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، أو؛ لاتؤجل عمل اليوم الى الغد. أو كما قال شاعر:
لاتدع فعل الصالحات الى غد
لعل غدا يأتي وأنت فقيد
في عراقنا اليوم -كما هو بالأمس- لا يولي مسؤولوه ومتقلدو المناصب الحساسة والتي في تماس مع يوميات المواطن ومشاكله وهمومه أية أهمية للوقت، حتى وهم محصورون بين فكي ثورة الشعب وقبضة الاتهامات بالفساد وسجالات الاستجوابات، بل هم يتخذون الوقت شفيعا لتبرير التقصير والإهمال الذي بات سمة من سمات أغلبهم، لاسيما في الجوانب الخدمية علاوة على الجانب الأمني، وأكبر شاهد على كلامي هذا هو الشارع العراقي وماتنطق به بل تستصرخه زواياه من الإهمال والتهميش المتعمدين. أما الجانب الأمني فالحديث عنه بات يدور دوران الناعور، إذ لايقف عند تهاون او تواطؤ او جهاز فاشل، فضلا عن المعارك الدائرة في محافظاته المسلوبة، والتي اتخذت من الموصل اليوم محطة يتمنى العراقيون جميعهم أن تكون الأخيرة. فقلما يمر يوم من دون أحداث عنف، تتناوب شدتها مع مزاج المنفذين والممولين والمخططين والمستفيدين والمحرضين، الذين بدورهم مرتبطون بوشائج وروابط وحبل سري واحد، مع كتل وأحزاب وشخصيات هبطت على العراق والعراقيين مع أمطار نيسان 2003. ورغم كل هذا يتجاهل أغلب عناصر الوزارات الأمنية -قادة ومنتسبين- عامل الوقت، ويمررونه من دون إيجاد الحلول الناجعة لإيقاف نزيف الدم.. وبات الحديث عنه أقل بكثير عن القيمة الحقيقية لقطرة دم تراق من جسد عراقي شريف (على باب الله) يكد على عياله من مال الله الحلال، او امرأة لها من الأطفال من ينتظر حنانها وحليبها وعطفها، او تلميذ ينظر اليه أبواه كشمعة تنير لهم دارهم، يبارونه في كل مايملكون من مال وحب وحنان كما نقول: (كل شبر نذر). كل هذا يحدث ونحن في السنة الثالثة عشر من زوال حكم الطاغية، وأصبحت (مرگتنا على زياگنا) وولى زمان الحزب الواحد، وحلت محله التعددية والحرية، واتخذت الانتخابات فيه جانب الشفافية والمصداقية كما يدعي ساسة البلد. أفبعد كل هذا يبقى عنصر الوقت مهمشا بل ملغيا في أغلب جوانب حياتنا نحن العراقيين؟!.
لقد بات العرق -وهذا مايؤسف- اليوم أكثر بلد لايعير شعبه -فضلا عن مسؤوليه وقادة مؤسساته- أهمية للوقت، ومن المفارقات أن أكثر بلد يقتني شعبه الساعات اليدوية باهظة الثمن هو العراق. اما ساحات البلد التي تم نصب ساعات فيها فهي كثر، ومعظمها عاطلة عن العمل او مهملة بلا صيانة. في الوقت الذي لو رجعنا الى القرن التاسع عشر، وعلى قدم العمران في بلد كان محتلا من قبل العثمانيين، نجد ساعة القشلة شاخصة على نهر دجلة في سراي الدولة، وكانت بغداد بأكملها تعتمد في توقيتاتها عليها.
اليوم.. ونحن على أبواب تحرير آخر مدينة من مدن العراق، التي سلبت تحت جنح ليل كانت فيه عيون السراق والخونة يقظة، أليس الأولى بكم ياقادة البلد النزهاء وصناع القرار الشرفاء وأولي أمر هذا الشعب الوطنيين، ان تضعوا للوقت حسابا تحققون من خلاله منجزا يسجل لحسابكم قبل فوات الأوان؟ فيتزامن حينها العمل المثمر في مؤسسات البلد مع النصر الأمني والعسكري المتحقق والمتأمل اكتماله على آخر شبر من أرض العراق، فعقارب الساعة ياساستنا تدور باتجاه واحد.
[email protected]

أحدث المقالات