9 أبريل، 2024 10:58 م
Search
Close this search box.

عقاب الله المهلك،،،الرشاوى في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn
لن اتناول هذا الموضوع -المعروف كنهه و المعروف قبحه و المعروفة عقوبته القانونية- من الناحية الاخلاقية او الوضعية او الشرعية ، فقد حفظ ذلك الناس حتى ملوه و مامله المرتشون و لا الراشون ! و لأني لست فقيها و لا متنطعا في الفقه “كبعض اهل زماننا” و لاحقوقيا .
ولن اتناوله كمواطن اهلكته هذه الآفة من بين الآفات الاخرى التي اسها فساد الطغمة السياسية الحاكمة بأمر اسيادها البوم ، لان المواطنين اشبعوا الموضوع شكوى و شكاية و لا من مجيب الا الله .
و لكني انسان قبل كل شيء و اريد ان احافظ على انسانيتي و أن لا اشعر بالتقزز عندما ادخل مصلحة حكومية عمومية صغر شأنها ام كبر ، وجوه الموظفين و هم ينظرون الى القادم اليهم من اول اجتيازه لحمى دائرتهم كقطيع من الضباع راى ظبية مكسورة الساق ، تعطش مخيف للحمها و عظمها ، تتخيل المنظر عندما يأكل هذا الوحش الوضيع فريسته و هي حية و لايمهلها حتى تموت كما تفعل السباع و لاحتى الذئاب . ضباع آدمية قذرة مخزية.
ما اتناوله في كل يوم مبارك مثل هذا هو جانب آخر اكثر خطورة علي و على الناس من كل ماسبق ذكره ، علي انا قبل ان يكون على المجتمع ، فانا اليوم اقول (يانفسي) ، فلست نبيا لأقول ياأمتي . بل يانفسي و لكن نفسي لا تنجو بنجاة افعالها ، أو تقواها و انعزالها ، فهذا امر خطير ، تحول في بلادنا من امر نادر وان المرتشي بدينار كان يعرض على العامة في التلفزيون و يفضح ايام الدكتاتور “الظالم”!  الى امر يتباهى به الموظفون و يشتركون ايام الحرية و “العدل”! ،فبلغت خطورته اليوم حد النذر و قرب ارسال الحاصب و العياذ بالله.
اولا دعوني اذكركم بحديث زينب بنت جحش ام المؤمنين عندما ردت و قالت : “يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: نعم إذا كثر الخبث”
و الخطر يأتي من هذا ، فما نغع ان اكون صالحا-ان كنت- ثم اهلك مع السفلة والفاسدين ! و هذا يحصل-كما رايت في الحديث- اذا عم الخبث وكثر ، و هل اكثر من هذا الخبث شيء؟ نحن مأمورون غير معذورين ولامخيرين أن نغير و نصلح و الا دخلنا في الفاسدين و هلكنا معهم ففي الحديث الصحيح يقول ﷺ: “إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب” .
و للمتنطعين الجدد- من منكري الحديث و مدعي القرآنية- احيلهم الى القران العظيم و هو يحذرنا من ذلك و ينذرنا و يرينا مصائر من قبلنا ممن ساروا كما هو اليوم سيرنا .
فان كل الامم التي اهلكت بالعقاب الجماعي المبير الذي مافرق بين الصالح و الطالح قد اشتركوا بأمر واحد اذا تتبعت الايات الكريمات انهم (كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه) و كان عقابهم جماعيا موحدا مع اختلاف طرق الهلاك و الله لايظلم احدا :
“فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُون”
فهل تظنون اننا آمنون من مكر الله :
“أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُون . أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُون . أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُون . أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُون”
فان من الكبائر الأمن من مكر الله كما روى البيهقي من حديث ابن مسعود ووافقه الطبراني : “من الكبائِرُ: الإشراكُ بالله، والأمنُ من مكرِ الله، والقنوطُ من رحمة الله، واليأسُ من روحِ الله”
فالعذاب العام لن يستثني الصالحين
“وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً”
فاتقاء البلوى العامة لايكون الا بالتحرز من اسبابها و إلا صرنا على موعد مع عقاب الله :
“وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا” فهل ترى بعقلك ان في تلك القرى لم يحيا رجل عادل صالح غير راض عن الظلم و الفاحشة، لا شك كان ، و لكنه ذهب تحت عذاب الله مع الفاسدين . و لاتظن ان احدا على الله بعزيز او دولة لله معجزة :
“وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِين”
و لايغريك من الله صبره و مهله فانه لايهمل و لا ندري متى يأتي امره :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن اللهَ ليُملِي للظالمِ حتى إذا أخذَه لم يُفلِته، ثم قرأ: “وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيد”
فان العقاب المبير يأتي من السكوت و عدم التناهي عن المنكر و الظلم كما هو حاصل بيننا اليوم .
قال المصطفى “إن الناسَ إذا رأوا الظالمَ فلم يأخُذوا على يديه أوشكَ أن يعُمَّهم الله بعقابٍ”
و قال العلماء :(وأشدُّ الظلمِ ما يُسبِّبُ فواتَ الدين أو النفسِ أو العرضِ  أو المالِ)
و ان التناهي عن المنكر و الأمرُ بالمعروف أمَنَةٌ من العذابِ:: “وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُون” و هذا ان كان عموم اهلها مصلحين و يلجمون الفاسدين، لذلك قال العارفون :
(فما أعظمَ بركةَ المُصلِحين، وما أقبحَ أثرَ الناسِ عليهم ) اذ انهم ينجون الناس بالعامة من العذاب و الخراب ، بينما يهلكهم الناس و يدخلونهم في عذابهم ان كثر الخبث و صار المصلح وحيدا .
فمن حديث الامام احمد الذي حسنه الحافظ ابن حجر عليهما رحمة الله :
:”إن اللهَ عز وجل لا يُعذِّبُ العامةَ بعملِ الخاصَّة حتى يرَوا المُنكَرَ بين ظهرانَيهم، وهم قادِرون على أن يُنكِروه فلا يُنكِروه، فإذا فعَلوا ذلك عذَّبَ اللهُ الخاصةَ والعامةَ”
فان كنا غير قادرين بعجزنا على انكار فساد السياسيين لعذر جبان فما عذرنا عن ترك المرتشين من صغار الموظفين وكبارهم يتفشون بفحشهم بيننا حتى يعمنا الله بعقابهم .
و لأهل الرشاوى من الطرفين اقول ان في الحديث : “إذا رأيتَ اللهَ يُعطِي العبدَ من الدنيا على معاصيه ما يُحِبُّ، فإنما هو استِدراجٌ. ثم تلا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: {فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُون”
فقال احدهم :”مكِر بالقومِ وربِّ الكعبة أُعطُوا حاجتهم ثم أُخِذوا”. وقال قتادة: “بغَتَ القومَ أمرُ الله، وما أخذَ اللهُ قومًا قطُّ إلا عند سَكرتهم وغِرَّتهم ونِعمتهم”
فكل عذاب عام ام خاص مرده الى ظهور الفساد :
“ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون”
افلا نتعظ من الامم التي اخذها الطوفان و الامم التي اصابتها الريح الصرصر او من الذين اخذتهم الصيحة او الذين ارسل عليهم حاصبا او الذين خسف بهم الارض او الذين سلط عليهم الله الجوع و العطش و ضيق الرزق او المسخ او البلايا و الامراض اما بسبب  بخس الناس اشياءهم او الخسر في الميزان او شيوع الفاحشة او مثله ، و كل هذا مذكور في ايات القران الذي اتخذه كثير منا مهجورا .
او لعلنا اليوم الذين سلط الله عليهم الخوف و الذل وقدرة العدو وكثرة القتل و لحرب : “قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ”
فليس امامنا للنجاة و الله الا طريق الضرب على يد الظالم الاصغر مثل الظالم الاكبر و ان نتناهى عن منكر الرشوة هذا وغيره و نتقي عذاب الله و لايكفي اننا مؤمنون فلعل الله ان يلطف بنا و ينزل علينا بركته :
“وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ”
انه على كل شيء قدير.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب