23 ديسمبر، 2024 8:41 م

عفو علي ,وبطش داعش

عفو علي ,وبطش داعش

أذا رأيـتَ الظـالم مُـستمراً فـي ظُـلمه .. فأعرف أنَ نهـايتهُ مَـحتومة

وإذا رأيـتَ المَـظلومَ مُـستمراً فـي مُـقاومته ..

فأعرف أن إنـتصارهُ مَـحتوم

سيد البلغاء والحكماء الإمام علي (ع)

قتل علي,وقتلوا معه مشروع الأمة الذي يريد من خلاله أحياء كرامة الإنسان وتسليحه بالقيم والمبادئ التي لا تتجزأ,وتجريده من كوامن الشر والحقد المترسخة في ذاته ,هو التاريخ يعيد نفسه مع فارق الزمن ب(1400) عام ,فعلي رفض المساومة والمهادنة على حساب مبادئه مع الخوارج الذين جاؤوا بدين جديد ,دين القتل وسفك الدماء وهم يدعون أنهم أولى بقيادة الأمة الإسلامية منه ,كان باستطاعته أن يعقد صلح معهم ويحتويهم ويستخدم الحيلة والمكر,لم ولن يفعل لأن ذلك يشكل خللاً في منهجه للإصلاح الذي أراده للأمة وللمجتمع ,ويتجنب الاغتيال الذي طاله في المحراب وهو أقدس مكان يعيشه المرء وهو أمام جبار السموات والأرض,لقد منحهم علي حق الرأي المعارض لحكمه على اعتبار أنها حرية رأي وتعبير,فكانوا أول تشكيل سياسي في تاريخ الإسلام ضد السلطة في زمنه ,استشهاد علي هو بمثابة حجر العثرة التي كانت لهم بالمرصاد وإزاحتها من الطريق هو لفسح المجال ليعيثوا بالأرض فساداً وخراباً فكرياً وليؤسسوا ثقافة الحقد والكراهية بفتاوى ليس لها مثيل لا في أرض ولا سماء ,داعش الإرهاب الفكري والشذوذ في الممارسات والأعمال الوحشية هي ليست نتاج اليوم المنبثق من مخاض الصراع الفكري لجهلة العلماء وعدم معرفتهم بالدين الإسلامي الوسطي المعتدل وسماحته ,أو التحديات الأمنية التي تحيط بالعراق ,نتيجة تدخل دول الجوار بشؤونه الداخلية تحت عناوين عديدة ومسميات متنوعة كأن تكون حماية السنة من التهميش والإقصاء والظلم الذي لحق بهم من قبل الشيعة الحاكمين ,هذه كلها تغذية للعنف ودعم لأستمراريته حتى تبقى الدكاكين التي تعتاش عليها مفتوحة وتقبض الأموال تاركة ورؤاها مأساة نازحين تركوا ديارهم بسبب مسخية داعش وجرائمها ,وكيف لا وهي وريث ذلك الانحراف الفكري المريض الذي قتل علي وهو يناجي ربه في صلاته ؟فبشاعة قتل المصلين في المساجد والجوامع والكنائس وتهديمها عليهم هي ليست حديثة الولادة وإنما هو أرث دموي يستمد من عمق التاريخ الذي عاشته الأمة

الإسلامية جراء تولي الطغاة على مقاليد حكمها ,والعبث والتلاعب بتحريف القرآن والسنة النبوية الشريفة بتفسيرهما وفق ما تشتهيه أنفسهم وبما يخدم بقاء سلطتهم ولشرعنة ظلمهم على رعيتهم عن طريق اختلاق أحاديث وهمية موضوعة لا تمت بصلة لمقام الرسول (ص) وهنالك وعاظ للطغاة يصوغونها حسب طبيعة الحدث المعني للسلطان وللأمير القضية عندهم لا تتعدى سوى كيس ملؤه الأموال يلهثون وراء الغنائم والمكتسبات ,لم ينقلوا عفو النبي وبساطته وتجاوزه عن المسيئين وانه الرحمة للعالمين,بل ادعوا أن الرسول جاء بالذبح وأي افتراءاً وكذب وهو صاحب الخلق العظيم ,وهو القائل في وصايا ه لسرايا المسلمين:{لا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة}،واذكر جيداً عندما بعث الأمام علي (ع) عبد الله بن عباس ,الملقب بحبر الأمة وترجمانها للاحتجاج مع الخوارج قال له ” لا تخاصمهم بالقرآن فان القرآن حمال أوجه ، ذو وجوه ، تقول ويقولون ،ولكن حاججهم بالسنة ، فأنهم لن يجدوا عنها محيصا “,هذه المناظرة حدثت قبل أربعة عشر قرن فما بالك اليوم يا أمير المؤمنين والدين والقيم الإنسانية تشترى وتباع بأبخس الأثمان وبضمائر ميتة لا تعرف أي معنى لحرمة الإنسان,اتجه الخوارج إلى النهروان وواجهتهم في طريقهم إلى هناك مجموعة من الحوادث تبين مدى جهلهم و بعدهم عن جادة الصواب حيث اخذوا بتطبيق ما يرونه مناسبا وفقا لاجتهاداتهم الخاصة ومنها قتلهم لمسلم كان قد صادفهم في طريقهم وابقوا على حياة رفيقه النصراني فهذا المسلم عدوه كافرا لا لشيء سوى مخالفته لمعتقداتهم الواهنة والباطلة ومنها أيضا أنهم صرخوا بوجه احد أفراد العصابة لأنه وضع في فمه رطبة وقعت من نخلة فالقاها تورعا ,وكذالك قصة الخنزير الذي قتلوه فتخاصموا فيما بينهم فقائل يقول هذا افسد في الأرض والأخر مؤيد للمسألة وكذالك منها قصتهم مع النصراني صاحب النخلة الذي طلبوا منه أن يبيع لهم النخلة مقابل مال فقال لهم ذاك النصراني عجبا لكم أتقتلون مثل عبد الله ابن خباب ولا تقبلون منا نخلة إلا بثمن ؟ وعبد الله ابن خباب قتل أبشع قتله على يد الخوارج حيث اقتطعوا رأسه عن بدنه فيما بقروا بطن زوجته الحامل وقتلوها مع جنينها ,الاختلاف في الأسماء والعناوين بين الماضي والحاضر لداعش والخوارج لكن النتيجة واحدة فكلاهما لهما منهج طريق واحد لدين جديد ملؤه الدم واستباحة الأعراض ونهب وسلب الأموال ,وعفو علي ملؤه العفو والطمأنينة حتى شمل عطفه ورحمته كبيرهم وهو قاتله عبد الرحمن ابن ملجم ,انه تربية السماء ,وهم تربية الشيطان .