كثيرا مايمز البعض من الاشخاص بين الرجال والنساء بلرغم من ان الاخير يعد سببا من اسباب وجود الاول ! ولكن بتالي هي مجموعة دوافع انسانية موجودة في انفس الناس وخاصة بالمجتمعات الشرقية تدفعهم للتفكير بهذه الطريقة التي تفتقر للكثير من الحيادية في اغلب الاحيان , فعادة مانشاهد شريحة من الرجال يسمون نفسم رجالا ظننا منهم بان الرجال هم من خلقهم الله ذكورا وليسوا اناث لاغير !! ان المجتمع العربي المعاصر يعد من المجتمعات الاكثر سخرية في العالم للمرأة وهي حقيقة لايمكن اخفائها , حيث يسود منطق القوة والتسلط لاعلى درجاته والتي عادة ماتصل في بعض الاحيان الى ضرب الرجل للمرأة لاابسط الاسباب ! قبل ايام كنت في زيارة سريعة الى شارع المتنبي في بغداد في واجب معين حيث بحار الكتب والمجلدات والتي بدت هي الاخرى مهجورة بعض الشيئ بلرغم من وجود العديد من الاشخاص فيها ولكنهم فضلوا الجلوس في مقاهيها بعيدا عن بسطيات الكتب نفسها !! واثناء مروري في احدى البسطيات سمعت رجلين ممن تجاوزا الاربعين من العمر , يتجادلان فيما بينهم في سجال حاد , لم افهم مايقولان بظبط ولكن انطلقت احدى العبارات من احدهما نحو الاخر كثيرا ماسمعتها بين الناس في وقت سابق , فقال : ( صاير انت رجال ؟ هو وين أكو رجال بهلوكت !!! ) تأملت مع ماقاله ذلك الرجل لحظة انفجار اعصابه وقلت مع نفسي مالذي كان يقصده ؟ هل حقا لايوجد في العراق المعاصر رجال بحق معنى الرجال الصحيح ! بعد دقائق نزلت اعاصير الاحدايث مابين هؤلاء الاشخاص لتنحدر الى اسفل مستوياتها حتى وصلت الى درجة الضحك والمزاح بعد ان تدخل احد المارة والذي كان يعرف اطراف النزاع ..اقتربت من الرجل الذي وصف صفاء العراق من الرجال وتحدثنا قليلا واستغليت احدى اللحظات لاسئله عن سبب وصف العراق بتلك الكلمة الجارحه ؟ فقال : نعم ياعزيزي في العراق المعاصر لايوجد رجال بمعنى الرجال على الاطلاق ؟ وكيف لا ؟ فمنذ فترة الثمانينات وتسلم الطاغية امور البلاد لم اشاهد احدا يقف في وجهه ويقول له كلمة لا , او يعترض على أي كلمة تصدر منه ؟ وان حدث ذلك فهو بطراز ضيق للغاية , فمعظم العراقيين كانوا مغرمين على العيش في داخل العراق وهم يعرفون ان الجميع لايحبون هذا المنطق من الحياة وسط زمرة من الانتهازيين الذين ادخلوا العراق بحرب مع ايران لمدة ثمانية اعوام لتستزف جميع القدرات البشرية والمادية !! فبقي كل (رجال العراق) !! مأمورين بجنون ذلك الدكتاتور الظالم ليخسروا اثمن الارواح نتيجة قبول ( الرجال ) بهذا المنطق المزري , ومثل ماهو معروف لم ينتهي الحال عما هو عليه فقد كرر الحال مع العراقيين بصورة افضع بعد ان دخل العراق الكويت ولم يستطع احد من ( رجال العراق) وقف ذلك الغزو او منع الطاغية من تنفيذ مايريد , واستمر الحال طوال فترة حكمه المظلمة ولم يستطع احد ان يتخلص منه ويجنب العراق مخاطر الاحتلال الذي كان يهدد العراق ويقتل اطفاله وشيوخه في سنوات الحصار التي حاصرت( الرجال ) انفسهم !! لتدخل القوات الامريكية بعدها العراق ولم يستطع احد من (رجال العراق) ايقافها عن الدخول بلرغم من ان نصف الجيش الامريكي كان من النساء !! وبقيت تلك القوات تعبث بلبيت العراقي طوال عشرة اعوام دون ان يفعل احد شيئ من ( رجال العراق) !! وهانحن نعيش بلا كهرباء وبدون ابسط حقوق الانسان نسير وسط المفخخات والمفرقعات التي تقتل اهلينا وذوينا يوميا دون ان نحكم سيطرتنا على موجات الارهاب ونوقفها عن دخول العراق والقتل العمد الذي تقدمه لنا لكي نستطيع ان نحمي على الاقل من تبقى من اهلنا واصدقائنا واحبائنا ….. كل ذلك وتسألني لماذا اقول لايوجد رجال في العراق !! انها حقيقة لايجرء احد على قولها ….. غادرت المتنبي وتمثاله الذي اهمل هو الاخر بشكل ملحوظ وفي طريق العودة اعيدت لي كلمات ذلك الرجل , انني اعتقد ان ماتحدث به ينصب لاتجاهين الاول قد يكون صائب بعض الشيئ وهو تراكم نظريات المؤامرة والحروب والارهاب التي عاشها العراق بشكل كبير ومعقد والتي ولدت احباط كبير وشديد بمنظور الرجولة عند العراقيين على حد سواء والذي جائت عن طريق انتشار الظلم والاستبداد في ارض واسعة من العراق طوال العقود الماضية مماافرز نخبة من الاشخاص التي تعتقد ان الرجولة قد دفنت في العراق , والاتجاه الثاني ان منظور سيطرة الرجل في بيته واستخدامه لطريقة ( سي سيد ) في العقود المنصرمة قد تلاشت واختفت فصعود المرأة ومشاركتها الفعالة في ميادين الحياة وعلى جميع الاصعدة دفعت بقلة من الذكور للاحباط كون ان البعض منهم لايؤمن بمساوة الرجل مع المراة نتيجة لتدفق الدماء الشرقية والتي عادة ماتدفع بلمشاعر لتمديد العادات والتقاليد القديمة ومنعها من الاختفاء وتخاذها كوسيلة للظغط على الطرف الثاني … ان الرجل ومعناه يختلف تماما عن ماذكره الاخ في شارع المتنبي!! ان الرجل الحقيقي هو من امتلك القلب الكبير الواسع الذي ينصف المظلوم ويحد السيف على رقاب الظلمة والرجل الحقيقي هو من امتلك والحكمة الواسعة ورجاحة العقل في تصرفاته امام الله وامام الناس وهو من يحاول ان ينفذ اوامر الله في حب الوطن والحكم بين رعيته بلصدق والعدل .
