نسمع كثيراً عن تشريع قرارات من مجلس النواب ولكنها للأسف لا تخدم السواد الأعظم من شرائح المجتمع˛ وعلى سبيل المثال لا الحصر قانون رفحاء الذي يمثل برأيي سرقة لموارد البلد ولكن بالقانون˛ فهو يشبه عملية أغتصاب الفتيات الأزيديات من قبل عصابات داعش التكفيرية تحت ذريعة ملك اليمين. ولكني سمعت اليوم ماهو أغرب من ذلك˛ فأحد نواب البرلمان الحالي يطالب بإرجاع المفصوليين من المنتسبين من دوائرهم بسبب تزويرهم الشهادات التي تم تعينهم على أساسها. بحجة هناك الكثير من النواب والوزراء من الذين تكلفوا بمهامهم بعد عام 2003 قد أستخدموا مثل تلك الوثائق لغرض حصولهم على مناصبهم.
وقد طالب ذلك النائب بالعفو عن أصحاب الشهادات المزورة بحجة أن أصحاب الشهادات أنهم شباب عراقيين ويجب أن يعيشوا حياة كريمة والبرلمان مسؤول عنهم وأن لا نجعل تزوير الشهادة أو التحصيل الدراسي حجر عثرة أمام مستقبله˛!! ولعمري ما قاله ذلك النائب ليس سوى كلمة حق يراد بها باطل وأنا هنا أسال هل يصح أن المسؤول عن تطبيق القانون وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم هو أول من يخرق القانون؟ لا أعتقد ذلك ففاقد الشيء لا يعطيه أضافة إلى أنه قد سرق فرصة الغير في التعيين ممن يمتلك شهادة حقيقية.
وإذا كان سبب تزوير الشهادات الذي أقدم عليه هولاء الشباب هو حاجتهم للتعيين بسبب الفقر والعوز فكيف للقضاء العراقي الذي حكم على طفل عمره أثناعشر عاماً بالسجن لمدة سنة لأنه سرق أربعة علب من المناديل الورقية؟!˛ وهل يصح بعد ذلك من سرق لأنه حتى يعيش من قام بالأتجار بالمخدارت أو تبيض الأموال لنفس السبب؟ أن برلماننا يخترع يومياً مفاهيم جديدة على الأنسانية لم توجد سابقاً وربما لأحقاً في أي بقعة من سطع المعمورة.
ويعود ذلك برأي لسببين أولهما: سعي أعضاء البرلمان لكسب قاعدة شعبية وبدون تشريع قوانين قد تؤدي لخسارة المنتفعين في الشارع العراقي˛ والذين يحركون الجماهير ويأتون بهم إلى مقاعد البرلمان أو تقديم خدمات تحتاج إلى أعداد دراسات مما يتطلب مهارات وأمكانيات غير متوفرة لديهم. وثانيهما هو أن البرلمان العراقي ليس سوى جمهور من الناس يتصف بالتبسيطية في الأفكار˛ والنزق وسرعة الغضب˛ والقابلية للتحريض˛ والمبالغة في العواطف˛ والتأثير الكاسح للمحركين والقادة. حيث أن أي مجمع من العلماء أو الفنانين لا يصدر حول المواضيع العامة أحكاماً مختلفة جداً عن الأحكام التي تصدرها جمعيات البنائين والأمين على وصف الفيلسوف المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون.