23 ديسمبر، 2024 5:14 ص

عفرين و”مجازر” السلطان

عفرين و”مجازر” السلطان

انها من “الغنائم”، بهذه الكلمة اشار احد مقاتلي “الجيش الحر” الذي تسانده القوات التركية الى جثمان المقاتلة الكردية “بارين كوباني” قبل أن يهتف البقية مكبرين ليجردوها من ثيابها وينهشوها كما تنفرد الوحوش بفريستها، نعم ياسادة انها احدى القصص التي تعيشها مدينة عفرين السورية بعد اجتياحها من قبل الجيش التركي بأوامر مباشرة من سلطانهم اردوغان بعملية اطلق عليها “غصن الزيتون”.

لا تستغربوا من عنوان المعركة فهي غصن الزيتون لكن على طريقة “سلاطين ال عثمان” الحالمين بالتوسع على حساب حرية الشعوب وحقوقهم مهما كان الثمن فالدماء لدى هؤلاء رخيصة واستباحتهم للأراضي مشروعة بأعرافهم، فالتاريخ الممتد لأربعة قرون من عمر الدولة العثمانية (اجداد اردوغان) متخم بقصص المجازر وقطع الرؤس ليس فقط للشعوب التي استولت عليها تلك الدولة انما تعدى ذلك حتى اصبح الغدر بين “الاخوة” من اجل السلطة احدى الصفات التي تلازم سلاطينهم، واليوم يحاول حفيدهم اعادة تلك المجازر لكن بوسائل متطورة وبمكائن إعلامية تصور المعركة وكأنها استعادة حقوق “مسلوبة”وتوهم المواطن التركي بان جيشه يخوض حربا “مقدسة” للقضاء على الاٍرهاب وتتجاهل كيف كانت اسطنبول ومطاراتها المحطة الاولى للارهابيين المتدفقين من كل “حدب وصوب” باتجاه العراق وسوريا.

يا سادة.. التاريخ لا يرحم وسيروي للاجيال قصة حاكم سقط بانقلاب وعاد للسلطة عبر “الاسكايب” ليستمر بسياسته الخارجية التي اقل ما يقال عنها “فاشلة” وكأنه يعيش في اوهام السلطنة التي اغرته بان دعم “القتلة والمجرمين” وتخريب البلدان افضل وسيلة للاستمرار في الحكم، كما سيروي التاريخ كلمات الفتاة التي مزقتها “حراب” القتلة وهي تخبرنا قبيل ساعات من مقتلها قائلة “لم أكن أعرف شيئاً عن عالم السياسة أو النضال العسكري، قبل انضمامي إلى وحدات حماية المرأة، لكنني أدركت لاحقاً بأن حريتي تبدأ بدفاعي جنباً إلى جنب مع أبناء بلدي عن أرضي وشعبي ومفاهيم الحرية الديمقراطية التي نسعى إلى تحقيقها في سوريا”.

قد تكون تلك العبارات هي من اثارت القتلة ودفعتهم لتعريتها والتمثيل بجسدها في رسالة واضحة لكل من يطالب بالحرية وتحقيق الديمقراطية في بلد استباحته العصابات منذ سبع سنوات بدعم علني وواضح من السلطان التركي “الحالم”، فقصة السمراء “بارين” لم تكن لحظة عفرينية خالصة انما هو مشهد اخر من فصول المأساة السورية بوصفها جريمة “حلال” ستكون وصمة “عار” اخرى في جبين الانسانية “الصامتة” تجاه ما حصل في جميع البلدان العربية التي نهشتها “وحوش” السلطان.

لكن الحديث عن اردوغان ومخططاته لن يمر بسهولة فقد يتهمني البعض بالتغاضي عن “مهازل” السياسة والخوض في سجال “لاناقة للعراق به ولاجمل” وسيقول اخرون، كان الافضل أن تتحدث عن “حلبة” البرلمان وصراع الاستجوابات، لكن اسمحوا للفقير ان يخبركم بأن، الكلام عن مفاجآت السياسة وقصصها لن ينتهي في بلادنا التي ستعيد انتخاب الوجوه نفسها لكن بمسميات “محدثة” وحينها سنقف جميعنا على التل ونندب حظنا،، اما السؤال الذي يبحث عن اجابة، فسيكون من يستطيع ايقاظ السلطان من احلامه وايقاف “المجازر”؟