23 ديسمبر، 2024 5:26 ص

عـمـــار الحكـيــــم…. وهــــواية صـنـاعــــة الأخــــــطاء

عـمـــار الحكـيــــم…. وهــــواية صـنـاعــــة الأخــــــطاء

لايمتلك السيد عمار الحكيم حكمة وحنكة وحُلم أبيه المرحوم السيد عبد العزيز الحكيم رضوان الله عليه و واقعيته في العمل السياسي ، فقد حصل المجلس الأعلى بعد انتخابات عام 2005 على 29 مقعد من مجموع مقاعد التحالف الوطني البالغة 128 مقعد في مجلس النواب ، ومع ذلك أقنع السيد عبد العزيز الحكيم شركائه وحصل على مراكز قيادية عليا في إدارة الدولة العراقية.

تعددت أخطاء السيد عمار الحكيم على صعيد المشاركة في العملية السياسية منذ تصديه لرئاسة المجلس الأعلى ، فكلما ارتكب خطأ وقع في آخر مما أثر سلبا على الواقع الشيعي في العراق.

ولو عدنا الى انتخابات مجالس المحافظات عام 2009 والتي اكتسح فيها المالكي الشارع ، لم يلتفت السيد عمار الحكيم الى مراعاة مشاعر الناخب الشيعي ومزاجاته ، فجعل من غريمه مقتدى الصدر حليفا له بدلا من المالكي القوي متناسيا أن مقتدى الصدر هو الخصم الأول لتيار المجلس الأعلى وليس المالكي ، ناكرا أيضا لجميل المالكي الذي قضى على مسلحي مقتدى وميليشياته التي كانت تشكل خطرا على وجود عناصر المجلس الأعلى حيث اغتالت خيرة رجالهم واحرقت مقراتهم ، ولم يفهم أن المالكي هو الأقرب والأنصح له من مقتدى الصدر والذي كان حليف المالكي بالأمس القريب. وفر تحالف عمار مع مقتدى فرصة ثمينة للتيار الصدري فأغتنمها ليحصد 40 مقعد من مجموع 159 مقعد في انتخابات عام 2010 ، ولم يلتفت عمار لهذا الخطأ بل بقي مصطفا مع مقتدى الصدر لغرض عرقلة تشكيل الحكومة ولم يجني شيئا يذكر ماعدا منصب نائب رئيس الجمهورية والذي استقال منه عادل عبد المهدي طمعا في منصب رئاسة الوزراء اذا ما سحب البرلمان الثقة من حكومة المالكي ، في حين حصل الصدر على ست وزارات اضافة الى نائب رئيس مجلس النواب ، وبهذا خرج السيد عمار الحكيم ومجلسه الأعلى بسلال الحصرم يمضغونها وهم يضرسون.

كان المؤمل من السيد عمار الحكيم أن يستفيد من ممارساته الخاطئة ، لكنه عاد عام 2014 ليمارس هوايته المفضلة في صناعة الأخطاء ، فبدلا من التحالف مع المالكي ودخوله بعناصر كفوءة وذات تاريخ ناصع راح معلنا تشكيل قائمة مليئة بعناصر دخيلة على تيار المجلس الأعلى ولا تؤمن بتوجهاته وأفكاره وغير مضمونة الولاء وغير مأمونة البقاء معه تحت قبة البرلمان.

كل هذا يهون ياسيدي وتعال معي الى الخطأ الأفدح الأخطر الذي ارتكبه السيد عمار الحكيم مؤخرا عندما أقحم المرجع الديني آية الله بشير النجفي والذي أفتى بحرمة انتخاب المالكي ، وكان لهذا الخطأ مخاطر جمة على شيعة العراق وتحولت فتوى الشيخ البشير الى سلاح ذو حدين ، الحد الأول أحرجت المرجع الشيخ البشير نفسه لأن أغلب المكلفين لم يلتزموا بها وعاندوا وانتخبوا المالكي وهذا يعني أن الأغلبية لاتعترف بمرجعية الشيخ النجفي كما إنها اكتشفت أن هذا العمل كان من وراءه السيد عمار الحكيم ، أما الحد الثاني أن هذه الفتوى فقد أثارت حفيظة الأغلبية الشيعية التي استشعرت أن هناك خلافا بين مراجع الدين في النجف ، وأثارت كذلك غضب مراجع الدين في قم ، كما أن ايران لم تشعر بالإرتياح لهذه المواقف التي تعتبرها موجهة ضدها وهي الساندة للعمل السياسي الشيعي في العراق. والحقيقة أن هذا الخطأ الفادح يشير الى أن السيد عمار الحكيم نسف كل جسور التواصل مع المالكي وبلا عودة..! ومن هنا نستطيع القول أن المالكي كان يرصد وبدقة كل أخطاء السيد عمار الحكيم ليجعله

ومجلسه الأعلى هدفا لهجومه القادم وكانت الإشارة الواضحة هي عدم حضوره الحفل التأبيني السنوي لذكرى استشهاد آية الله السيد محمد باقر الحكيم أعلى الله مقامه.

والذي يقرأ الموقف وبإنصاف وتجرد يرى أن المالكي يجيد لعبة تفيت خصومه وتعريتهم مستفيدا من هفواتهم ويتغاضى عنها لحين الوقت المناسب للإنقضاض عليهم ، وضع المالكي عمار الحكيم الأول في هذه المرحلة وسيحاصره وحيدا بعد تحييد حلفائه كي يتخلوا عنه وأولهم مقتدى الصدر الخاسر الأول في الإنتخابات ومن ثم تفكيك كتلة المواطن لتكون نسيا منسيا كما فكك قائمة أياد علاوي من قبل ، في حين أن قائمة المواطن مؤهلة بدرجة عالية للتفكك بوضعها الحالي و تحمل بذور التشرذم في داخلها ومن أبرزها التنافس الحاد على رئاسة الحكومة بين باقر صولاغ وعادل عبد المهدي وأحمد الجلبي وعبد الحسين عبطان ناهيك عن الإختلافات في الرؤى السياسية والإنتماءات الأيدلوجية المتعددة ، مما يكرر سناريو تمرد العامري والتحاقه بالمالكي في الدورة الماضية…

نتمنى على السيد عمار الحكيم وقيادات المجلس الأعلى أن يتعاملوا مع الأحداث بواقعية تامة ، وأن هذه الأخطاء ستأتي بنتائج كارثية ليس على المجلس الأعلى فحسب وإنما على جميع شيعة المنطقة وليس شيعة العراق وحدهم ، ومن باب النصيحة للسيد عمار الحكيم أن يقترب من السيد المالكي ويتحالف معه في هذه الفترة ، فالمالكي هو أقوى بكثير من الفترة الماضية ليس فقط في فوزه الساحق في الأنتخابات الحالية وإنما تشرذم خصومه من السنة والكرد جعله يزداد قوة كما أن وجود السيد عمار الحكيم في تحالف مع السيد المالكي يزيد الشيعة قوة و هو الخيار الأفضل للمشاركة في إدارة الدولة..

*[email protected]