23 ديسمبر، 2024 12:57 ص

ماهي المرأة؟ كيف ينظر إليها البعض؟ هل هي مجرد مخلوق أنثوي وُجِد لأسعاد الرجل من الناحية الجسدية أم أن لها دور آخر في حركة الحياة؟ من ينظر الى المرأة على أنها مجرد وعاء لتفريغ الشحنات الذكورية وإنجاب مخلوقات آخرى لتستمر ديمومة الحياة دون النظر إليها على أنها كائن مقدس أوجده الله للقيام بأدوار متعددة في الحياة , يمكن أن نطلق عليهِ على أنه مجرد من الروح ألأنسانية بكل مقاييسها ومبادئها. بنظري الشخصي أن المرأة هي العنصر الفعال لأسعاد الرجل بعدة جوانب لاتقتصر على متعة الجسد فقط وإنما يكون لها أدوار متعددة ليس لها حصر . المرأة هي ألأم هي ألأخت هي الزوجة هي البنت هي الجدة هي العمة هي الخالة. لو ناقشنا كل صفة من صفات المرأة لتوصلنا الى أنها مصدر الحياة بكل تفاصيلهل ولايمكن للمخلوق الذكري البشري أن يعيش بمنأى عن وجودها في حياته. لحظات الولادة تعاني آلام ليس لها حصر من أجل تقديم مخلوق جديد لرفد حركة الحياة وديمومتها. كأم تستمر في رعاية ذلك المخلوق حتى يشتد عوده ويتحول الى كيان مستقل يكون له دور كبير في الحياة ..لولا المرأة لما أصبح ذلك المخلوق الصغير قائداً كبيراً في الجيش أو قيادة إحدى الدول العظمى. المرأة كحبيبة وكزوجة لها دور في رسم خارطة حياة رائعة وجميلة لعنصر آخرمن عناصر الحياة. الرجل بدون زوجة ليس له وجود مهما علت منزلته وكثرت ثروتهِ ..ربما يقول قائل من أن الرجل الثري يستطيع أن يشتري عشرات النساء..هذا صحيح ولكن في المحصلة النهاية أنه بحث عن إمراة وليس ذكر. إذن هو لايستطيع أن يعيش بدون إمرأة. المرأة شيء عظيم لايمكن أن تتكون حياة بدونها.

لقد عرض القرآن الكثير من شؤون المرأة في أكثر من عشر سور منها سورتان عرفت إحداهما بسورة النساء الكبرى وهي سورة النساء , والأخرى عرفت بسورة النساء الصغرى وهي سورة الطلاق . وعرض لهما في سورة البقرة والمائدة والنور والأحزاب والمجادلة والممتحنة والتحريم . وقد دلت هذه العناية على المكانة التي ينبغي أن توضع فيها المرأة في نظر الإسلام وأنها مكانة لم تحظ المرأة بها لا في شرع سماوي سابق ولا في قوانين بشرية تواضع عليها الناس فيما بينهم . وعلى الرغم من هذا فقد كثر كلام الناس حول وضع المرأة في الإسلام وزعموا أن الإسلام اهتضم حقها واسقط منزلتها وجعلها متاعاً في يد الرجل يزعمون هذا والله تعالى هو الذي يقول في القرآن : وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .[1] ولو وقفنا وقفة المتأمل عند هذا التعبير الإلهي وهو قوله تعالى :{ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ } النساء، لعرفنا كيف سما القرآن بالمرأة حتى جعلها بعضاً من الرجل وكيف حد من طغيان الرجل فجعله بعضاً من المرأة. وإذا كانت المرأة مسؤولة مسؤولية خاصة فيما يختص بعبادتها فهي في نظر الإسلام أيضاً مسؤولة مسؤولية عامة فيما يختص بالدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والإرشاد إلى الفضائل والتحذير من الرذائل . وقد صرح القرآن بمسؤوليتها في ذلك الجانب وقرن بينها وبين أخيها الرجل في تلك المسؤولية فقال تعالى : مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ .. 
ولم يقف الإسلام عند حد اشتراكها مع أخيها الرجل في المسؤوليات بل رفع من شأنها وقرر احترام رأيها شأنها في ذلك شأن الرجل وإذا كان الإسلام جاء باختيار بعض آراء الرجال فقد جاء باختيار رأي بعض النساء . فقد بدأت سورة المجادلة بأربع آيات نزلت في حادثة بين أوس بن الصامت وزوجته خولة بنت ثعلبة حيث كان شيخا كبيرا فدخل عليها يوما فراجعته بشيء فغضب فقال : أنت علي كظهر أمي ـ وكان الرجل إذا قال لزوجته ذلك في الجاهلية حرمت عليه ـ

ثم دعاها فأبت وقالت كلا والذي نفس خولة بيده لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه. ثم خرجت حتى جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت . فقال عليه الصلاة والسلام : ما أمرت في شأنك بشيء حتى الآن وما أراك إلا وقد حرمت عليه . فقالت ما ذكر طلاقاً يا رسول الله ؟ وأخذت تجادله عليه الصلاة والسلام وتكرر عليه القول إلى أن قالت : إن لي صبية صغار إن ضممتهم إليه ضاعوا وإن ضمهم إلي جاعوا وجعلت ترفع رأسها نحو السماء وتقول : اللهم إنني أشكو إليك اللهم فأنزل على لسان نبيك وما برحت حتى نزل قوله تعالى : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ . نزلت الآيات تبين أن الظهارـ وهو تشبيه الزوجة بالأم أو غيرها من المحارم ـ ليس طلاقاً ولا موجباً للفرقة بين الزوجين . فانظر كيف رفع الله شأن المرأة وكيف احترم رأيها وجعلها مجادلة ومحاورة للرسول صلى الله عليه وسلم وجمعها وإياه في خطاب واحد { وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا }. وكيف قرر رأيها وجعله تشريعاً عاماً خالداً لنعلم أن آيات الظهار وأحكامه في القرآن الكريم وأن سورة المجادلة لم تكن إلا أثراً من آثار الفكر النسائي . وصفحة إلهية خالدة نلمح فيها على مر الدهور احترام الإسلام للمرأة ورأيها وأن الإسلام لا يرى المرأة مجرد زهرة ينعم الرجل بشم رائحتها وإنما هي مخلوق عاقل مفكر له رأيه ولرأيه وزن وقيمة. القرآن الكريم جعل للمرأة كل تكريم.. فعاشت ماضيها البعيد محرومة من كرامتها، وفي ظل الإسلام وجدت رعاية التكريم وعناية التعظيم، وجدت قضيتها حكم فيها خالقها ولا حكم بعده، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا. نخلص من كل ماتقدم أن للمرأة مكانة كبيرة في ألأسلام والمجتمع والحياة بكل تفاصيلها. ألف تحية للمرأة في كل مكان.