في ظل ديمقراطية منحرفة .. وفضاء مفتوح .. وقانون مطاط يفسًّر على الهوى .. وفي ظل فوضى اعلامية سائبة وانفلات قيمي تام .. وفي ظل شبكة اعلام عراقية يتقاتل القائمون عليها على الادارات والكراسي والمناصب وفق المحاصصة ؛ وعلى ملء الجيوب وتعيين ( الحبربش) والاقارب .. فقد ظهرت عشرات المواقع الاليكترونية ؛ غالبيتها تتعاطى الشان الصحفي والاعلامي .. وتنشر الاخبار دون رقيب ولا حسيب ؛ ولا وازع من ضمير او ذمة .
واذا اطلعت على هذا البعض من المواقع فان الحسرة ستملؤك على هذا الانحدار الرهيب في الاخلاق المهنية والخيانة الصحفية وعلى تاريخ الصحافة العراقية الذي يداس بالاقدام .. فلا صحافة ولا وشرف ولا مهنية ولا امانة ولا هم ينشرون .. بل هناك عاجل عاجل عاجل ؛ وهو اشاعة اطلقت قبل ايام وجرى تكذيبها عشرات المرات .. وهناك دائما : قال مصدر .. وغالبا ما ( رفض الكشف عن اسمه ) .. واضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ( ثانية ) ان : سيارات الاسعاف نقلت القتلى الى دائرة الطب العدلي والجرحى الى المستشفيات !! في حين انك كنت تظن ان القتلى نقلوا الى المسرح الوطني والجرحى الى وزارة التربية ..!!!.. وفي المفردة الاخيرة حدث وتحرج ..فذلك يغلف الخبر بالنعي وينعت القتلى بالشهداء اذا وقع الحادث في منطقة معينة .. والاخر يعكس الاية ..وهكذا اصبحنا نتاجر حتى بدماء الناس الابرياء ونتناحر بها.
كما ان هناك بعض المواقع وقد اصبحت ابواقا ودكاكين لهذا الحزب او ذاك التيار تسبح بحمده وتراه الاوحد والاكفا والانزه والاثقف .. واخرى تحولت الى وسائل شتم وقذف لهذا السياسي او ذاك بعد ان قبضت من خصمه المقسوم وبالاخضر ..ولا شيء غير الاخضر يتكلم هذه الايام .. اما القسم الاخر فقد اخذ على عاتقه البحث في المواقع المختلفة ليلغف منها خبرا او سبقا ليعيد صياغته بطريقة توحي بانه سبق مهني له وحده .. ولا باس بالبهارات التي تشي ان الخبر قلق من ناحية المصداقية ؛ حتى اذا ظهر العكس فهو كان قد اشار الى انه : لم يتم التاكد من مصادر مستقلة !!..
والامر في كل هذا لا يحتاج الا الى نصف متعلم ؛ او حتى امي لا يعرف الفرق بين أنّ و إنّ .. والى جهاز كومبيوتر .. وغرفة بائسة بعيدة عن العيون .. وعدد من اصحاب الاذان المرهفة السماعون للاشاعة والكذب الرخيص .. وقليل من القيل والقال .. ولا باس بـ ( شوية ) فوتوشوب او تحوير او تكبير الصور لازالة الـ ( لوكو ) ..وينتهي كل شيء..
نمط جديد دخل على الساحة هذه الايام وهو على شكل حملات بحلقات لفتح ملفات فساد ؛ وهمية كانت ام حقيقية او انها مجرد اشاعات او اقاويل او حتى شبهات .. ضد هذا المسؤول او ذاك الشخص .. لتبدا بعدها في السر طبعا مفاوضات بين السماسرة لدفع المقسوم وايقاف الحملة ليصبح المتحاربون بالامس اغلى حبايب ويا دار ما دخلك شر .
وحدها ؛ بعض المواقع الرصينة والتي تحترم الناس والذوق العام وتحترم نفسها وتتبنى رسالة اعلامية وطنية واضحة وصادقة .. وحدها مازالت تجاهد لتثبت مواقعها وسط امواج متلاطمة .. في زمن نكاد فيه ننعى الكلمة الصادقة .. وفي زمن كثرت فيه الدكاكين والعطاريات التي تدعي انها تقدم مادة اعلامية وصحفية في حين انها تبيع البقوليات والبهارات والحامض حلو !!!