نائب محافظة نينوى حسن العلاف : بعد اعادة تحرير المناطق تمكنا من فتح أكثر من 25 مدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية ومباشرة الكوادر التدريسية
روبرتاج: واثق عباس
محمود جاسم لم تسعه الفرحة بعودته الى منطقته في الرمادي حي نزال، لكي يعيد اسرته الى بيته بعد فراق دام اكثر من عام ونصف، ويبدء رحلة جديدة من اعادة اولاده الاربعة الى مقاعد الدراسة بعد ان سيطر داعش على العملية التعليمية بالكامل مثلما غير كل مفاصل الحياة واجبر السكان المتبقين على ان يكونوا بخدمته وانعكست هذا المعانات بشكل كبير على اهالي المناطق التي عادت اليها الحياة من جديد.
*اثار دمار داعش
يقول محمود: دخل داعش لمناطقنا ليعبث بمقدرات البلد، ويهلك الحرث والنسل واثر ذلك على مجمل حياتنا، وعمل التنظيم على ايقاف المدارس بشكل مباشر وبحجج مختلقه وفرض العديد من القيود.
والان بعد ان تخلصنا منهم فرضت شروط اخرى على الكادر التدريسي وكيفية التعامل مع الطلاب والتدريس واستلام الرواتب مع عدم توفر ابسط الشروط التي تمكن الطالب من الدراسة .
ويؤكد محمود بالقول: عمل التنظيم على إيقاف المدارس والمدرسين بشكل واضح وكبير وبطرق متنوعة، وأعاق بشكل مستمر ومتعمد التعليم في المحافظة ومنع البنات من الإلتحاق بالمدارس وفرض العديد من القيود والشروط ومنع المعلمين من الذهاب إلى مناطق اخرى لإستلام رواتبهم بل إتهمهم بالخيانة والعمالة للحكومة، وهذه القرارات الداعشية الهدف منها إيقاف العملية التعليمية كلياً من اجل التشديد الأمني والعسكري من التنظيم وقرارات بإغلاق المدارس ورفض مناهج التعليم في المناطق المسيطر عليها داعش، وجميعها عوامل أصابت العملية التعلمية بشلل كامل، وهذا يحتاج بناء من جديد لاعادة مايمكن الى الوضع القديم والذي اصبح من المستحيل الرجوع اليه وذلك لاكثرة المشاكل والعراقيل وفقدان الابنية بل وحتى ابسط مقومات العيش.
* مدارس تحولت الى ركام
الموطنة اسراء محمد تقول: بعد عودتنا الى بيوتنا نراى مناطقنا تفتقد الى كل ابسط مقومات الحياة فلا يمكن العيش بدون وجود الخدمات الإغاثية والطبية والتعليمية .
مناطقنا الان مطوقه بحزام داخل مركز المحافظة، ومع ذلك الكل يتعامل بحذر وخوف على الاولاد وكيف نذهب بهم الى المدارس التي تحولت الى ركام وحرقت وهدمت اجزاء كبيره منها وهناك حوادث تجعلنا نخاف على ابناءنا من كثرة المقذوفات والقنابل، والتي لم تستخرج لحد الان وموجودة داخل بعض المدارس.
وتضيف اسراء : النازحون اصبحوا مشكلة للحكومة والاقليم والمحافظات والمنظمات والجمعيات واللجان، كما أنها تحدي ومحنة كبيرة صار اليها النازحون
بعد عودتهم فلقد تركوا خلفهم كل مايملكون هربا من الحرب، وبعد عودتهم بدأت المعانات الجديدة ولم تنتهي بل تحولت الى ضنك، كل مايتمنون ان تعود الحياة كما كانت وليس الحاجة الى تحقيق اماني جديدة، ونلاحظ هناك كثير من الساسة تتاجر بمعانات الاسر العائدة فهم بأسم الانسانية يذبحون الانسانية، فلقد استفادوا حتى اغتنوا من السحت.
افكار مسمومة *
المدرس ابراهيم كامل في نازح من احدى مدارس الرمادي يقول:
بعد الاجراءات التي حصلت وبعد طرد التنظيم المجرم الذي لعب بعقول الصبية ومنع اغلب المدارس من الدوام بل عمد على تغير المناهج وعمل الى اجبار الجميع ان يوافقوه بكل افكاره وتصرفاته الهدامة من توبة المدرسين واخضاعهم الى مايريدون من مناهج ودورات.
والان الناس متخوفه من تاثيرات تغير المناهج، والغى مجموعة من المواد، بل ان هناك تقصير واضح من عدم ايصال المواد الدراسية والمناهج وتاخرهما، مع معانات حقيقية داخل المدارس من قله الهيئة التدريسية وعدم ارسال الطلاب الى المدارس خوفا عليهم لعدم وجود الامن والامان التام داخل المحافظة والامور الاخرى التي تخدم الطالب وتقدم له مستقبل واعد.
* الحكومات المحلية تناشد
وذكرعضو المجلس المحلي لمحافظة الانبار محمد ياسين قائلا:
من المعلوم أن قطاع التعليم والصحة، من أهم القطاعات، التي تجري عبرهما عملية قياس الأوضاع المجتمعية، وتعتبر معايير رقيهما وترديهما، وهما مؤشرا مهما لسوية تلك المجتمعات.
وإذا تتبعنا مسار التعليم، خلال الأزمة لوجدنا ان هذا القطاع من أكبر القطاعات، التي طالها الدمار، والتي تنذر بدمار قادم، فعدد الطلاب في مرحلة التعليم الأساسي، الذين فقدوا القدرة على حيازته تجاوز النصف في كثير من الأحيان، وهو وضع غير مسبوق في المجتمعات المتحضرة، الأمر الذي سيضعنا
كمسؤولين في المستقبل القريب، أمام قنبلة بشرية، لم تحصل على حقها الطبيعي في التعليم
وربما سنصطدم لاحقا، بشريحة أشد خطرا، وهي تلك التي تلقت تعليمها عبر مؤسسات محكومة بمناهج داعش، وأشباهها في مناطق التي سيطرة داعش عليها، وغير خافا أبدا ما قام به من تدمير ممنهج للبنى التحتية التعليمية، عبر قيامه وبشكل مكثف ورتيب، بقصف المدارس واعتقال المعلمين، الأمر الذي ترك ملايين الأطفال، نهب الضياع وعرضة لشتى صنوف الإفساد، التي تجد في الجهل والتجهيل، تربتها الخصبة.
في هذا المناخ القاتم، ورغم الجهود الهائلة التي تقوم بها مؤسسات المجتمع المدني، مدعومة بمنظمات دولية، لاعادة الحياة والاوضاع الدراسية كما كانت سابقا، إلا أن الأمر أكبر من أن يحاط به، فلايمكن ان تعود الامور طبيعيه دون جهود دولية مشتركة.
وفي اتصال هاتفي قال عضو مجلس محافظة نينوى حسن العلاف: إنّ التنظيم قام بالبداية استمالة الطلاب، وعمل على تدريس الكتب المطبوعة من قبل الحكومة، إلا أنه سرعان ما اعاد طبع المناهج ووضع فيها الأفكار المنحرفة والبعيدة كل البعد عن الحقيقية وكان يحاول ان يرسّخ لغة العنف والقتل والتفجير، ولهذا لم يستطيع اهالي المحافطة ارسال اولادهم الى المدارس .
وأضاف العلاف : بعد اعادة المناطق وتحريرها تمكنا من فتح أكثر من خمسة وعشرين مدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية وسجلنا مباشرة الكوادر التدريسية للمحاولة على الانتظام في الدوام بالاضافة الى مدارس فتحت في بعض المخيمات لتعليم الأطفال وعدم إضاعة فرص تعليمهم .
الدكتور نافع حسين مدير تربية الرمادي خص بالقول:
اننا نقوم بكل جهدنا الى سد الشواغر ومنع التسيب لدى الطلاب من اجل تحريك عجلة الدراسة والمظلة التعليمية في كل ارجاء المحافظة، بعد العودة الى مناطقنا واستقبال ابناءنا الطلابه .
وكشف حسين عن توقيع اتفاقية بين المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة والاتحاد الأوروبي، لدعم تعليم مئة ألف نازح، بعد انقطاعهم عن المدرسة جرّاء احتلال محافظات العراق .
ويقدّر عدد الذين اضطروا الى ترك مقاعد الدراسة في العراق، بأكثر من نصف مليون طالب وطالبة، بعد نزوح اهالي المحافظات إثر اجتياح تنظيم داعش مدنهم منذ عام 2014.
وقال حسين : إنّ الاتفاقية وقّعت لدعم التعليم الأساسي والثانوي للنازحين واللاجئين الأطفال والشباب في العراق، كون التهجير خلف مئات الآلاف من الأطفال والشباب غير قادرين على نيل فرص التعليم الجيد، ووضع مستقبلهم في خطر.
وأضاف مدير تربية الرمادي: أن برنامج اليونيسكو يتضمن الحصول على التعليم الابتدائي والاعدادي ذي الجودة الشاملة في المناطق المتضررة من الحرب في العراق، وسيعطي البرنامج فرصة لمئة ألف نازح ولاجئ من الأطفال و الشباب فرصة العودة إلى المدرسة لبدء من جديد أو مواصلة تعليمهم، بعد انقطاعهم عنها بسبب الحرب .
وأوضح أن البرنامج سيقوم بربط جهود اليونيسكو القائمة أصلا في هذا المجال، لضمان اعادة الفرص لحصول التعليم المناسب للعوائل التي عادت سوى كانت مهجرة او نازحة، كما سيدعم تطوير القدرات الوطنية لتخطيط وإدارة التعليم في حالات الطوارئ في العراق، وبطريقة أكثر فعالية، وفي التوقيت المناسب .
* منظمات المجمتع المدني ترمم
وتقول ايناس عماد عضو منظمة المريا للاغاثة والتنمية:
تزداد معاناة اهالي المحافظات الذين اضطروا لمغادرة بيوتهم، وعادوا بعد استرجاع مناطقهم، حيث منعهم داعش لاكمال دراسته ابنائهم وحاولوا الانتظام بالدوام ولكن كانت العرقلة والروتين معضله جديدة، وقد تعرض الكثير من الطلاب الى مضايقات كثيرة، واتهامات مستمرة، وتركزت المخاوف من استقطاب الشباب الى التنظيم الارهابي .
وتضيف عماد : أن الطرف الرابح في تعثر عمل المدارس هو الجهل و داعش، فقد لوحظ في المناطق التي تتوقف فيها المدارس وخصوصا الابتدائية اوالثانوية وحتى الجامعات أيضا لوحظ توجه عدد من المنقطعين عن الدراسة إلى الاضطرار بالتعاون مع تنظيم داعش لأسباب تتعلق بالحالة المادية أو الأمنية، أو بالإجبار من قبل التنظيم من خلال ممارسة نوعين من الإقناع الدروس الدينية الموجهة التي يقيمها التنظيم في مناطق سيطرته، والمنشورات التي تستهدف الشباب دون غيرهم بأفكار حماسية.
وبينت عماد : نلاحظ الكثير من الاسر يخافون على أولادهم، ليس من المستقبل وإنّما من الحاضر، وسط وضع أمنيّ غير مستقرّ في البلاد، ناهيك عن كثرة الانفجارات والعمليات التي ظهرت حاليا وهي الخطف، فضلاً عن مشاكل اجتماعية عدّة تتسبب في انحراف المراهقين والشباب، بالتالي العوائل لم يعودوا قادرين على التخطيط بطريقة سليمة لمستقبل أولادهم، وإنّ كلّ ما يحيط بنا صار عدواً لمستقبل الأجيال المقبلة لست وحدي من يشكو ذلك، فالقلق صار ملازماً لأولياء
الأمور جميعاً، ما يحصل اليوم ليس طبيعياً وأولادنا في خطر، لذلك نحاول جاهدين أن نحمي أولادنا من هذه الأخطار .
وقال المسؤول في منظمة اليونيسكو كريستوفر كاسل: ان المنظمة تعمل من اجل اعادة البنية التعليمة لمدارس العراق وخاصة المدن التي تعرضت للاحتلال وتقوم المنظمة بهدف لدعم الجهود العالمية لضمان استفادة جميع الأطفال والمراهقين من حقوقهم الأساسية في التعلم في بيئة تعليمية آمنة.
والعمل على كيفية مكافحة العنف والعداء داخل المدارس، وللذين كان ضمن سيطرة التنظيم، بالإضافة إلى دراسة سبل إنشاء منصة جديدة لتعزيز رصد التقدم المحرز في هذا المجال، خاصة تعزيز القيادة والوعي وإقامة شراكات وإشراك الأطفال والشباب، وبناء قدرات المعلمين وإنشاء نظم إعداد التقارير وتحسين جمع البيانات والأدلة تماشيا مع أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالتعليم والأهداف الأخرى.
يُذكر أنّ العراق يعاني منذ ثمانينيات القرن الماضي من قلّة المدارس، ما يجعل أكثرها يتبنى نظام الدوامَين أو الدوامات الثلاثة، من دون أن تُحلّ المشكلة .
فعدم توفّر مبان ملائمة للتدريس ولا مختبرات علمية ولا أخرى للمعلوماتية، مع وجود المباني المتهالكة التي شيّدت في ثمانينيات القرن الماضي، والتي دُمّر عدد كبير منها على قلّتها من جرّاء العمليات الإرهابية، في وقت ازداد عدد التلاميذ، وقد قامت وزارة التربية إلى اعتماد حلول الترقيع، بقرارها دمج المدارس كل اثنتَين في مبنى واحد مع دوامَين صباحي ومسائي، وقد نجد ثلاث مدارس في مبنى واحد، وبهذا يشمل الدوام فقط ثلاثة دروس يومياً.
ونشير إلى أنّ الأهالي في بعض المناطق، عمدوا إلى بناء مدارسهم على نفقتهم الخاصة أو أعادوا تأهيل أخرى كانت قد أحيلت بقرارات سابقة إلى الهدم، وكل هذا ينعكس سلباً على المستوى التعليمي، خصوصاً أنّنا نجد أكثر من خمسين تلميذاً في الصف الواحد، ومنهم من يجلس أرضاً لعدم توفّر مقاعد، كذلك فإنّ كثرة العطل والامطار أثّرت كثيراً على سير الدوام بالطريقة الصحيحة، وعلى عدم استكمال المنهج المقرّر.