قبل بيان حقيقة الذنوب التي إرتكبها بعض الأنبياء – أكرّر بعض الأنبياء وليس كلهم – إريد بيان حقيقة واضحة فاضحة تكشف شيطنة سعي بعض العلماء الذين كانت لهم غاية دفينة من وراء الدّعوة وآلترويج للعصمة المطلقة لتبرير ذنوبهم و أخطائهم في الحقيقة, و بآلتالي تقويض سفر العاشقين نحو مدينة الخلود, بإعطائهم – أي للأنبياء – قدسيّة خاصة .. مطلقة تصل لدرجة العصمة الألهية والصّفة التكوينية الربوبيّة التي لا يمكن نيلها من قبل أحد و التي تُحصّنهم من أدنى ليس فقط عمل مشين بل حتى التفكير في الذنب و تضعهم في مكان يستحيل وصوله من أي مخلوق كان, لجعل مرتبهم مرتبة مقدسة خاصة لا يصلها حتى المقربون, لذلك فمن العبث السعي للّحوق بهم والتقرب منهم لنيل مراتبهم, و بآلتالي تبرير الذنوب بآلنسبة لغير المعصومين بكونها مسألة عادية, و هذه التفاسير إنما أستحدثت بوحي من مصالحهم و ربما تقارنت مع أسماء و صفات الله ألغير ألذّاتية بكونها أزليّة غير مخلوقة كما القرآن نفسه الذي إعتبر أزليّاً, لتبرير مواقفهم وجعل الخطأ و العصيان مسألة طبيعة للعباد, لكونهم ليسوا بمعصومين ولا يمكنهم حتى البدء بآلأسفار ومن هنا يبدأ الفرق بين العرفاء و العلماء .. والعصمة درجة خاصة لا يمكن حتى التقرب منها أو التفكير فيها بإستثناء عصمة الأئمة المعصومين(ع) لأنّ درجة الأمام تعلو النبوة!
و بذلك يكون هناك مساحة عادية للأنسان الغير المعصوم يستطيع إرتكاب المعاصي بإعتبارهم من البشر .. هذا مع عدم فهمهم من الجانب الآخر لصفة الآدمية وفرقها عن الأنسانية وهكذا الآدمية مع كل الأسف كمراتب بيّناها في مبادئ (الفلسفة الكونية العزيزية)(1).
أمّا بآلنسبة للآية 121 من سورة طه و مثيلاتها العديدة التي وردت في القرآن العربي المبين, فلا يحتاج لتأويل أو تدشين أو تفسير بغير ما بيّناها الباري تعالى و هو أصدق وأبين القارئين جل تعالى, حيث قال:
[فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۚ وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى].
قال الفراء : و(طفقا)؛ في العربية أقبلا ؛ قال, وقيل : جعل يلصقان عليهما ورق التين.
قوله تعالى : [وعصى آدم ربه فغوى] ففيها عشرة مسائل, أهمها بنظرنا:
قوله تعالى : وعصى تقدم في ( البقرة ) القول في ذنوب الأنبياء قال بعض المتأخرين من آلعلماء: والذي ينبغي أن يقال : إن الله تعالى قد أخبر بوقوع ذنوب من بعضهم ، ونسبها إليهم ببيان واضح و بلغة لا تقبل التأويل، وليس هذا فقط .. بل وعاتبهم عليها ، وأخبروا بذلك عن نفوسهم وتنصلوا منها ، واستغفروا منها وتابوا, و قد ورد ما هو أبين في قصة موسى مع العبد الصالح, حيث أخطأ و كرّر أخطائه حتى ضاق الخضر به ذرعا على ما لم يستطع عليه صبرا .. و القصة معتبرة و متفق عليها، وأمثال تلك القصص وردت في مواضع كثيرة لا تقبل التأويل جملتها، وإن قبل ذلك آحادها، وكل ذلك مما لا يزري بمناصبهم، وإنما تلك الأمور التي وقعت منهم على جهة الندور، وعلى جهة الخطأ والنسيان و مراتب المعرفة كما في قصة موسى و الخضر عليهما السلام، أو تأويل دعا إلى ذلك ، فهي بالنسبة إلى غيرهم حسنات، وفى حقّهم سيئات بالنسبة إلى مناصبهم ، وعلو أقدارهم ؛ إذ قد يؤاخذ الوزير بما يثاب عليه السائس؛ فأشفقوا من ذلك في موقف القيامة ، مع علمهم بالأمن والأمان والسلامة.
قال : وهذا هو الحق ولقد أحسن الأمام المعصوم (ع) وربما الحلاج .. الذي نسب له ذلك الحديث أيضا, حيث قال : [حسنات الأبرار سيئات المقربين] ؛ فهم صلوات الله وسلامه عليهم – وإن كانوا قد شهدت النصوص بوقوع ذنوب منهم ، فلم يخل ذلك بمناصبهم التكوينية ، ولا قدح في رتبتهم السماوية ، بل قد تلافاهم ، واجتباهم وهداهم ، ومدحهم وزكاهم واختارهم واصطفاهم ؛ صلوات الله عليهم وسلامه.
على كل حال الأقوال تدور رحاها في المحور الذي أشرنا له, و أيا كانت التأويلات و التفاسير؛ فحذاراً من الأدعاء بذلك لتبرير ذنوب العالمين و تبرير ذنوب بعضهم بكونها كانت من باب ترك ألأولى, و علينا أن نفرّق بين الطابع التكويني لما يخص أمور الرسالة الكونية, وبين الطبيعة الذاتية لشخصية بعض المرسلين فما يخصّ الأوّل لا نقاش ولا خطأ فيه لكن كلامنا يخصّ الثاني.
أخواني المهمتمين بحقيقة الوجود و أسراره وجماله؛
لا بأس من الأنضمام لكروب الفلسفة الكونية العزيزية .. للتثبت على النظرية الفلسفية الخاتمة بإعتبارها – ختام الفلسفة – و معرفة جواب الأسئلة الستة و مواضيع معقدة أخرى لم يتوصل لها الفلاسفة الربانيون من قبل و شكرا.
ملاحظة: عصمة الأئمة (ع) تختلف عن عصمة الأنبياء, لكون الأمامة مرتبة أعلى لا يصلها آلنبي إلا بعد إمتحانات معقدة لا بد له من عبورها كي ينال مرتبة الأمامة , و هذا ليس محل حديثنا الآن.
ألفيلسوف الكونيّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)[الفلسفة الكونية العزيزية], هي ختام الفلسفة في الوجود و تأتي بآلدرجة السابعة و الأخيرة بعد المراحل الفلسفية الستة التي مرّت على البشرية, للتفاصيل راجع فلسفتنا الكونية.