9 مارس، 2024 10:41 م
Search
Close this search box.

عصر قديم أنتهى.. وعصرجديد قادم ..جدلية الزمان والمكان

Facebook
Twitter
LinkedIn

في عراق العراقيين..؟
عصر قديم بكل قوانينه وعاداته وتقاليده أنتهى من زمن .مثلته دولة اليونان والرومان والفراعنة والفرس،وحضارة العراقيين القدماء.لم ينتهِ كوجود مادي ،بل انتهى كعصرِ حضاري، عصر أنتهت فيه القيمة الحقيقية لأي ثمرة حضارية حين أنهارت فيه قيم الحياة المقدسة،لما ارتكب فيه من تجاوزات القانون والاعتداء على انسانية الانسان.
عصر جديد قادم اليوم نقل الامم الى معرفة الانسان بالتاريخ والمعرفة واحوال البشر ،وما تجمع له على مر السنين من أراء وأنظار،وما استخرجه بنفسه من ملاحظات جديرة بالأهتمام.فأخذ يطرحها على نفسه وفكره لتقرير حقائق ثابتة تفتح له باب التفكير والمناقشة في اتجاه سليم ليصل الى ما يرغب ويريد،وهكذا وصل ببحثه وجهده الى ما يريد،فأوفى على الغاية.
هذا ما جاهدت الشرعية القانونية من تحقيقه بموجب نظرية روح القوانين التي أهملها القانون الروماني القديم من قبل .فدونها محمد رسول المسلمين (ص) في وثيقته المدنية المغيبة اليوم حين قال: “ان الجميع يمثلون مجتمعاً سياسياً واحداً متنوعاً في أنتمائه المدني،اخذت بتصرف من وثيقة المدينة”
2
فأهملها السلف.ثم جاء مونتسكيو الفرنسي ليكتب كتابة نظرية روح القوانين التي طبقها الخلف ،أعقبه كوندرسيه حينما تحدث عن التقدم ” معناه ومغزاه” ،واخيرا توج النظرية التقدمية للعصر الحديث الفيلسوف آرنولد توينبي في كتابة الموسوم ” البشر وأمهم الأرض”،بحضارة العصر الحديث.
كثيرا ما يتحدث الكتاب والمؤلفين العرب والمسلمين عن فلسفة التاريخ وكيف أحيت الفكر العالمي، لكن الحقيقة التي يجب ان يعرفها القارىء الكريم هي أنه لايوجدعلم أسمه فلسفة التاريخ وانما هناك محاولات من جانب بعض الفلاسفة والمؤرخين وعلماء البشر والأجتماعيين لفهم القوى المسيرة للتاريخ أو للعثور على قواعد تُحكم سير الحوادث ،أو لمعرفة اسباب قيام الحضارات وتدهورهاوسقوطها.فكانت كتاباتهم محظ خيال.
وهكذا ظلت المحاولات جادة في دراسة اسباب سقوط الدولة حتى اهتدى العلماء الأخرين الى الطريق الصحيح الذي أوصلهم الى معرفة كيفية بناء مجتمع انساني أكثر أمنا واستقرارا وأٌقدر على توفير أسباب الرخاء أو ما يسمى بالسعادة للبشر.
وبهؤلاء القادة والعلماء المخلصين لأوطانهم وشعوبهم أستطاعوا نقل القوة الموجهة للتاريخ من أيدي مغتصبيها من السياسيين وسراق المال العام الى أيدي الشعوب ،فعاد التاريخ يكتب لهم نظرية الحياة من جديد،كما حصل في أوربا بعد الثورة الفرنسية (1789)وامريكا (1774)وبقية شعوب العالم ، وبعد ان تحررت دساتيرها التي كتبت من هرطقة رجال الدين والتراثيين النصيين.
3
وليس كالذين جاؤو ا بعد 2003 الذين انتهوا بالفشل وباعترافهم ، وبنظرياتهم في شيوع الفساد والرشوة والتزوير والتخريب بعد ان سقطت قدسية النضال عنهم ، ولم يعودوا أكثر من سراق وطن وخونة مصير..ينظر اليهم المواطن العراقي بحقارة المُذل ،وهكذا سينتهوا الى المصير الاسود المعروف،فهل لنا ان نستبدلهم بالشرفاء المخلصين في انتخابات القادمين ،ولا نخرجهم في برامج جديدة هم لا يستحقونها بجدارة العاملين.
هذه مسئولية الفضائيات ان كانت مخلصة للوطن والشعب..؟
يقول القادة الجدد في قيادة العراقيين : نحن نسعى للتقدم ،ونحن نقول لهم على ماذا أو على من تكذبون ؟ العلم يقول هناك سرعة معينة لمسيرة التقدم ، فمن قصر عنها تأخر،ومن جاراها تقدم ..هكذا قالها أفلاطون قبل اسلامكم ايها الناكرون له اليوم.
وهل تعلمون ان الزمان والاشياء في تغيردائم ، وتحول نحو الاحسن مستمر،لذا تقدمت الشعوب بالقيادات المخلصة التي خلدت لها تاريخ ،فأين موقعكم منها اليوم في صفحات التاريخ ؟. هل تعلمون ان كل مافي الكون هو جدلية الصراع بين الحق والباطل،ولولا هذا الصراع ما ظهر التقدم ،فبأي نظرية أنتم تعتقدون ؟.
تقول نظرية هرقليط اليوناني قبل ألاف السنين :”النار تحي موت الهواء، والهواء يحي موت النار، والماء يحي موت التراب،والتراب يحي موت الماء،والحيوان يحي موت النبات،لكن الانسان يحي موت الأثنين معاً،فأين انتم من هذه النظرية التي تحدثت عن الموت ،وعن الحياة ،في كل شيء ؟
4
واليوم تريدون تقتلون حتى الانسان البشر؟ فلاسفة التاريخ تحدثوا في منطق جديد وان كان قديم يقوم على العلم والتجربة،حين ذكروا لنا ان دراسة الطبيعة هي نقطة البداية فيها للعلم الجديد وليس لهرطقة كرادلة الدين.فهل فكر فقهاؤنا المعتمدين عندنا اليوم بطريقة منطقية عقلية ،ام بطريقة هرطقة اللاهوت.. واساطير الأحاديث ؟
ويقول الفلاسفة اليونان :ان الوجود عند المخلصين حياة تدوم، والموت عند الخائنين حياة تدوم ، الخير والشر في جدلية مستمرة،والكون والفساد امور تتلازم ، لكن النهاية يبقى الحق فيها ويزول الشر،الم يقل الله جلت قدرته: “الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا،الملك 2”.
وقال أرسطو :بنظرية الفساد وهو غير الفساد الذي يردده سادة الخيانة اليوم،فهو عنده ليس بالضرورة ما يقصدونه ،بل حين تتحول الارض الى سبخة لا تنتج، وتتحول الشجرة الى جذور ميتة، والبقرة الجائعة الى ضرع لا يحلب،وهكذا عملوا ،فيموت الانسان ولا يستمر،هنا الفساد الحقيقي للأنسان .هكذا أماتوا المدرسة والجامعة والمعمل والزراعة والحيوان النافع ليستبدلوها بتجارتهم..؟
فأذا كان المال لهم،والمنصب لهم،والحكم لهم،والمواطن ولا شيء ، كيف سينتجون ويعمرون وطن؟ هذا كلام ليس كما يفهمه المؤرخ أبن خلدون في دورة حركة التاريخ..لكنه يدل على ان حركة الزمان تجري لتنتقل من حال الى حال،وغدا ستسحقهم لأنهم متوقفون عنها،فالسيل الجارف العرم لا يقاوم ،فقبلهم أمم خانت وبغت فسحقها التاريخ بالسيل العرم ،ألم يقل الحق : “وأنه أهلك عاداً الأولى، وثموداً فما أبقى..النجم 50-51” ،فلم يبقِ منهم احدا
5
ليتركهم على طغيانهم وتمردهم على الحق..؟.هل يدركون هؤلاء الأغبياء الذين يحكمون الوطن العراقي اليوم بفساد القانون الذي به يحكمون ..أنظر فلسفة التاريخ الحديث ؟.
ورغم ما نقوله عن عرب قبل الاسلام أنهم جاهليون،الا انهم ادركوا الحركة الدائمة في مفهوم التاريخ ،لذا قالوا: “ان حركة الكون وتعاقب الليل والنهار هو احساس بالموت والحياة ،فقال شاعرهم :
منع البقاء تصرف الشمس وطلوعها من حيث لا تمسي.
ويقول الدكتور جواد علي في كتابه المفصل:” قالت العرب لابد من القانون وان كان قبلياً فأوجدوا مجلس الملأ،وقوانين التجارة ،ومعاهدات القبائل والأخلاف ،تلك القوانين والاعراف التي كانت تطبق عندهم دون استثناء من احد”. والمصريون القدماء ادركوا فكرة دورة التاريخ بعد الموت،فجسدوا يوم الحساب في مقابرهم، لذا كان الفراعنة أقوياء ولهم حياة سعيدة بغض النظر عن الاستبداد.ولو لم تكن لهم حضارة وتقدم من أين وجدنا هذه الاثار في الاهرامات وبرديات الكتابة والصناعة والعلوم والتحنيط ..؟.
ولو لم يكن للعراقيين من حضارة وتقدم من اين وجدنا الكتابة المسمارية ومسلات القوانين والشرائع وحدائق بابل المعلقة واثارها العظيمة ومقتنيات المتاحف والشرائع والقوانين التي سرقها القادمون بمساعدة المرافقين وباعوها في سوق النخاسة ؟ .

6
وها نحن اليوم نعيش في ظل استبداد مقنع بالحرية والديمقراطية ،لكن في ظل حكم جائر وفاسد ، والمواطن في موت مستمر..من هو الاحسن نحن أم عرب قبل الاسلام وفراعنة المصريين..وحكام العراقيين القدماء ؟
يقول المفكرون الاسلاميون :” أدخل الاسلام على الفكر العربي عمقاً بالغاَ فأزداد أحساسهم بالوجود، فتعلموا كيف يفكرون في أمور الدنيا تفكيرا منطقياً وأخلاقياً ، فقالوا ان الخير والحق هما اساس الحياة والتقدم ،حتى تحولت التصورات عندهم الى فلسفة الزمان كما كانت عند الاغريق والفرس والرومان” .
هنا نطرح السؤال المهم الذي نرجو من فلاسفة المسلمين والكتاب والمؤرخين وفقهاء ومرجعيات الدين اليوم الاجابة عليه بعلمية مقبولة ، أي الحجة بالدليل ،دون ادخالنا في بودقة التصورات الخرافية النصية ،
وهو: لماذا تقدمت شعوب الارض كلها وتأخر الغالبية من المسلمين الى اليوم ..؟ ألم يكن الانسان هو الانسان؟ والارض هي الارض ،أسئلوا فقهاء التخريف والتحريف سيجيبون عليكم من احاديث أساطير صحيحي مسلم والبخاري وبحار الانوار للمجلسي ومن كل اقاويل جهلة التاريخ ؟ .
نعم نحن اجيب على التساؤل بتفائل فأقول : ان التحضر والتدرج في مراتب الحضارة لا يضعف الانسان بل يقويه،لأن الحضارة علم ومعرفة وخبرة وتجربة،,هي التي تزيد الانسان أرهافاً، وتفجر في كيان ينابيع جديدة من قوة التاريخ.وهم كانوا بعيدين عنها .
أن الذي يضعف الانسان هو سوء استخدامه لِنِعَم الحضارة،حين يسرف القائد في التنعم بالمال والجنس ويَخلد الى التبطل والدعة ،ويزهد في العمل
7
والجهد والأمانة والاخلاص للأوطان، وينصرف للأستمتاع بالنساء والشراب ، ويقضي معظم اوقاته في السفر والتكسب والمجون – كما في قادة المنطقة الغبراء اليوم- فتضعف قدرته على قبضة السلطان،فيفلت زمام الامور من يده ،وهو لاهي بذلك المتاع،فتضمحل قواه ويتمهد الطريق لغيره للتغلب عليه،وأنتزاع الملك والسيادة من يديه.الدولة الاموية والعباسية مثالا عند العرب المسلمين ،وايران اليوم تعمل على احياء هذه النظرية لتَضُم العراق لها كما في تصريحات مسئوليها دون رد من الحاكمين..
ألم تنطبق الحالة اليوم على قيادات العرب الخائبة ،وقيادت المنطقة الغبراء المتخفية بين الجدران ، السارقة لنعم الأنسان ، وهم في غيهم سادرون،,تراهم حتى الغيرة الوطنية انتزعت منهم فأصبحوا من النقدِ والتجريح لا يستحون.. هل هؤلاء يستحقون حكم الوطن اليوم..؟ فليقرأوا تاريخ آل بوربون سيجدون الجواب لعلهم يُردعون ؟
دعوتنا صاقة الى كل المواطنين الشرفاء ان تعرضوا عن انتخابهم فبأيديكم اليوم ان تغيروا التاريخ ؟ .
أنظر :موسوعة قصة الحضارة ..لمؤلفها …ول ديورانت
ا.د.حسين موؤنس في كتابه الموسوم ……الحضارة.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب