عندما يكشف الانسان كيانه الاجتماعي ونشاطه الفكري باعادة تقييم ذاتي على الغالب يجد نفسه يعيش أزمات غير مترابطة وصراعه الطويل مع مجتمع يحارب الوعي ويتمسك بالموروث المظلم بما فيه من عنف وتسلط فكري جامد فيسحق في طريقه أي رؤية فكرية تهدم مشروع صوره التقليدية .
ما يؤرقني كأزمة انسانية متوارثة أعيشها ما يحدث للغير من تحولات وطفرات نوعية ومجتمعنا لا يزال يعيش البؤس ويمزقه التعصب ..مما انعكست آثاره سلبا كعامل احباط اضافي على الاكثرية .
الكثير من خطايا المجتمع تحتاج الى تصحيح تصطدم بالعشائرية والموروث المثقل والذي نجحنا في تخطي بعض منه في فترة السبعينات بايجاد معان وقيم جديدة ..عدا فترة العبث الخارجة عن الارادة التي اخترقتنا بالحروب وزادت من مقياس ظاهرة التخلف وأعباء اضافية على سنين الحياة لتشيخ أكبر ونهرم أسرع .
في توجه الانسان المستقبلي يتمرد على الاطر القديمة وخاصة الشباب والمثقف كقوة قادرة على التغييروخاصة في العراق بعد نيسان 2003لكنها اصطدمت بمراكز قوى تقليدية مزمنة الامتيازات ..بل ظهرت قوى أكثر امتيازا وفسادا حدت من حريات النساء وسرقت المال العام وعطلت الانتاج وايجاد نمط رديء لحياة الانسان في اطالة اللحى وارتداء الاسود ..وافلحت في عودة البلد خطوات الى الوراء .
كيف لهذا الصراع الداخلي النفسي والمجتمعي ان ينجح في ازالة ما اضيف من عبء الى قديم ما نعانيه عندما نجد انفسنا نصارع قيم التكفير وجهالة البعض المارق بسيوف من خشب!!
مسؤوليتنا مزدوجة في محاربة القوى المتحالفة مع قوى الظلام ..وفي مقدمتها داعش وحاضنته والناصبة وعلاقتهم المتبادلة التي عبرت في الميدان الخراب الذي حصل وحل فينا.. والنهوض بقيم ومعاني جديدة وايصالها الى المجتمع لفهم التغيير .
عندما ظهرت رياح ملامح لتغيير يمكن ان يقع ..أغلقت الابواب ..وبعبارة اخرى وضعت أمامه كل العراقيل كي لاينجح ..وهنالك من ينطلق من موروث عاش في ذهنه أربعة عقود ..قيد حركة الانطلاق مستند على الدعم الاقتصادي لعواصم جاهزة تقترن بالتعصب الاعمى والهيمنة الفكرية للسلف المتحجر .
خلق مجتمع متعاون قد تبدو فكرة ساذجة في ظل التجاذبات والصراع القائم على مبدأ [انا وغيري لا] وفي ظل تعدد المراكز.. وادعاء البعض في حق ليس له ..فالتغيير كان حصيلة جهد استثنائي لفئة عانت من الاستبداد والظلم والحرمان وقدمت قوافل الضحايا طيلة أربعة عقود لتحقيق هذا المنجز ..في الوقت الذي كانت الآخرى على النقيض كانت متوافقة مع النظام السابق وتنعمت في موروث القصور والوظائف العامة ..وهذا وحده ولد التناقض في الفكر والعمل للذي يطلب التكافؤ في العلاقة ..مما فتح وسهل الطريق للطارئين وسياسي الصدفة والانبطاح لعلاقة [ سلاح ومادة ] كنتاج طبيعي للصراع الحاصل في البلاد.