مع اقتراب انتهاء مهلة مجموعة العمل المالي المسماة “هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب“ “FATF” التي منحتها لإيران حتى شهر يونيو/حزيران الجاري لتشديد قوانينها بشأن تمويل الإرهاب ومكافحة غسل الأموال فان هناك جدل يسوده الغموض حول مصادر التمويل الفعليةالتي يتحدث عنها الإعلام وكواليس السياسة الأمريكية وتستغله لمصلحتها أبواق الدعاية الإيرانية وحلفائها.
وهنا لا بد من تحديد دقيق والإجابة عن سؤال يؤرق الكثيرين: من يمول من؟ ومن هي “عصابات الدولار“ الإيرانية، التي تمول إيران وليس العكس، هذه المقالة تحاول الإجابة عن ذاك، بما توفر من معطيات، وما خفي عنها في العراق، وما هي تلك المافيات وارتباطاتها ضمن هذه الخلطة الفارسية المعقدة؟.
بداية نشهد بما يقول المثل إذا اختلف اللصوص وتنازعوا في ما بينهم ظهرت حقائق وطبيعةالسرقات التي ارتكبوها وتعاونوا عليها سرا. ما يجري بين أمريكا ترامب وإيران خامنئي في السر والعلن هو جزء من ذلك الخلاف المستتر، الذي بات كبيرا بالهيمنة وانفجر نتيجة خلافاتهم علىحصص مالية ضخمة تقدر بمليارات الدولارات، وما يتوجب أخذه لكل منهما من تلك السرقات الكبرىبات يخرج الى العلن .
غالبية تلك الأموال أخذت أساسا من أموال وثروات العراق المحتل بشكل ثنائي من الطرف الأمريكي ومساعده وشريكه الطرف الإيراني.
قبل الخوض في ادعاءات إدارة ترامب السياسية والدبلوماسية وحتى التلويح بالحرب على إيران؛فان البداية التي سار عليها ترامب في هذه الأزمة هي الشروع في معاقبة أؤلئك اللصوص الذين تشاركوا مع دولته الأمريكية يوما في نهب أموال العراق، وهم قد تغولوا، وصارت لهم أذرع ماليةضخمة في جميع أنحاء العالم؛ مما يشكل خطرا على مصالح الأمريكيين أنفسهم .
سنتوقف عند الكذبة الكبرى التي يروج لها الإعلام الأمريكي؛ خاصة من أن إيران هي التي تمول الإرهاب بمليارات الدولارات، وحان الوقت لإيقافها ، حسب القول الأمريكي، ،ومما يقال أيضا إنإيران هي التي تمول جميع أذرعها المليشياوية وتسلحهم، مما كلفها أموال ضخمة.
ظاهر الحملة الأمريكية يقول (على الأمريكيين وحلفائهم العمل على تجفيف مصادر تلك الأمواللمنع الإرهاب والقضاء على منظماته الممثلة بأذرع النظام الإيراني)، خاصة في العراق ولبنان، وبقية الشبكة الضخمة من البنوك والمنظمات التي باتت عالمية التوزيع امتدت أنشطتها إلى تجارة الأسلحةوخلق الأزمات السياسية وتهريب المخدرات والتحكم في مسارات نقل النفط والغاز وتبييض الأموالعبر القارات، ووصل الأمر بها حتى إلى تغطية تكاليف التسلح الإيراني الصاروخي والنووي ودفع مرتبات أجهزته وعملائه وجواسيسه وحرسه الثوري.
البداية في نهب أموال العراق والشروع بها، أعلنها محمد باقر الحكيم وأخيه عبد العزيز الحكيم وتبنتها منظمة بدر حال دخولهم العراق بعد الغزو الأمريكي 2003. كانت أول مطالبهما هو تعويضالعراق للنظام الإيراني عن خسائره في الحرب العراقية الإيرانية، وقدرت مبالغ التعويضات المُطالب بها حينها 200 مليار دولار، مع الاحتفاظ بقيم الغنائم الخاصة بطائرات العراق المدنية والعسكريةالتي لجأت إلى إيران 1991 وعدم إرجاعها إلى العراق، رغم أن الحكومة العراقية التي استلمت السلطة في العراق كانت ذات أغلبية شيعية.
وبتواطؤ أمريكي تم تجاهل عمليات سرقة أموال العراق وتهريب نفطه وفتح الحدود على مصراعيها لإيران لتعبث بكل اقتصاد العراق حيث تسلطت المليشيات ووكلائها على جميع المنافذ الحدودية والموانئ والمطارات، واحتكرت وزارات النفط والطاقة والنقل وإدارة الموانئ والجمارك بيد عملاء إيران ، مزودة بخبرات متقدمة وتعاون مع كوادر متخصصة من حزب الله اللبناني وتوظيف اذرعه الاقتصادية من بنوك وشركات ممتدة عبر دول العالم للقيام بالدور الموكول لهم في تجميع السرقات والأموال ووضعها تحت تصرف النظام الإيراني والحرس الثوري خاصة.
كانت البداية المالية قد دشنت بقصة الكنز المعروفة التي تصل قيمته 20 مليار دولار أمريكي ، إضافة إلى ما يقدر بــ 200 مليون دولار من قطع الذهب والسبائك ، وما أضيف إليها تباعا من مليارات اخرى أغلاها قيمة المنهوبات من الآثار العراقية وخزين البنك المركزي من الذهب والعملات الصعبة، وتفكيك المصانع والمصافي العراقية ومنشئات الطاقة، وتهريبها إلى إيران في عمليات نقل ونهب مكشوفة وشبه علنية.
تبدأ [ حكاية الكنز] في عام 2004 عندما قدمت إدارة الرئيس جورج بوش دعمها لحليفها في الاحتلال ممثلا بالنظام الشيعي الجديد القريب من إيران، الذي أقامته ودعمته إدارة الاحتلال في العراق،وكان بحاجة ماسة وفورية إلى ضخ المال لإدارة السلطة الجديدة التي نصبها الاحتلال.
والمعروف إن إدارة جورج بوش وسفيره بول بريمر قد نقلت أموال ذلك الكنز المنقول جوا إلىبغداد في عهد رئيس الحكومة العراقية الثانية إبراهيم اشيقر الجعفري، واستولى عليه نوري المالكي،رئيس الحكومة الثالثة. وعلى مدى عشرة سنوات كاملة لم يتحدث أحد عن مصير 20 مليار دولارالمنهوبة بكاملها، حتى نشرت عنه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عام 2014 مقالة عنه، مشيرة إلىقرار الكونغرس الأمريكي باقتراح من الرئيس جورج بوش قدم مشروع تحت باب ( تقديم مساعدة أمريكية إلى النظام العراقي الجديد من تلك المليارات من الدولارات، التي كانت مجمدة في المصارف الأميركية، لحساب العراق من أموال برنامج [النفط مقابل الغذاء] ).
لا احد يعرف حتى اليوم من الذي دل الرئيس بوش عن تلك الأموال العراقية المجمدة؟ . والجدير بالذكر ( أن كوفي عنان الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، طلب من مجلس الأمن فتح تحقيق في فضيحة اختلاسات ضخمة تورط فيها موظفو البرنامج من دول كبرى، كروسيا وغيرها…) وقد طالتتلك التهمة حتى ابن كوفي عنان، في واحدة من ملفات الفساد التي تورط بها موظفو الأمم المتحدة.
وحسب حكاية ” نيويورك تايمز” التي تقول ( إن الرئيس بوش بدأ فور علمه، بوجود أموال العراق المجمدة، بشحن مبالغ منها تتراوح نقدا بين 12 و14 مليار دولار، إلى الحكومة العراقية التي كان يشرف عليها منسق إدارة الاحتلال الأميركي السفير بول بريمر. ثم حوَّل أيضا خمسة مليارات دولار، كأموال إلكترونية سائلة، ليصل المبلغ المعلن فقط، إلى 19 مليار دولار).
حتى هذه اللحظة لم يكشف احد عن مصير تلك الأموال؟. وكيف تم اختلاسها من قبل إدارة إبراهيم الجعفري وبعده نوري المالكي؟؛ لكن الغريب أن الأمريكيين الذين يعرفون مسارب وانتقال كل دولار أمريكي في العالم، تجاهلوا عن عمد كيفية اختلاس وانتقال كل تلك الأموال وطريقة تهريبها إلىخارج العراق على يد أعوان إيران في العراق، و شارك بها خبراء من حزب الله اللبناني.
كانت المفاجأة الكبرى لإدارة بوش، [حسب مزاعم كاذبة لها ] اكتشافها ( أن الأموال المحوَّلة لم تنفق على الإدارة العراقية، ولا على إعاشة ملايين العراقيين، ولا لتسديد الرواتب المتأخرة؛ بل تواصل فقدان المال المحوَّل وتسربه، بعد تشكيل الحكومة العراقية الثانية برئاسة إبراهيم الجعفري، ثم الثالثة (حكومة نوري المالكي)!).
وبدلا من تكليف المخابرات المركزية الأميركية CIA (سي آي إيه) أو مكتب التحقيقات الفيدرالي (المباحث الجنائية FBI إف بي آي)، عمد بوش إلى تكليف صديق شخصي له، من رجال الأعمال في تكساس يدعى (ستيوارت باون) للتحقيق لمعرفة أين اختفت تلك الأموال العراقية، بعد وصولها إلى بغداد؟. أبقى ستيوارت باون تحقيق لجنته سريا طيلة عشر سنوات تقريبا، ولم يتكلم قط عن الموضوع، إلا نهاية عام 2014، ليعلن أنه أصيب بالذهول عندما اكتشف ( أن مليارات من الدولارات جرى تحويلها، بمعرفة الحكومات العراقية المتعاقبة في السنوات العشر الأخيرة)، ووجهتها كانت إلى لبنانتحديداً. وبدلا من إيداعها في المصارف رسميا. فقد أودعت في مستودع محصن وضخم، تحت الأرض في الريف اللبناني!.
يملك ستيوارت باون الآن مستمسكات ووثائق حصل عليها في التحقيق الذي أجراه حول، نقل ما مقداره 1.2 إلى 1.6 مليار دولار فقط وجهت إلى لبنان. لكنه ادعى انه لا يملك إثباتات عن بقية المليارات الأخرى التي تم نقلها، وذلك عبر عنها (لأسباب خارجة عن إرادتنا)، حسب تعبيره، ولكن أبلغ ستيوارت باون المخابرات الأميركية الداخلية والخارجية عن نتائج تحقيقاته، طالبا منها مواصلة التحقيق. ويقول: ( إن هذه الأجهزة المخيفة لم تحرك ساكنا). و ( تذرعت بأن «المال عراقي» ، لذا لا يهمهم الموضوع؟).
ورغم إن المخابرات الأميركية تعرف أن سرقات أركان النظام الشيعي العراقي والحكومة العراقيةلموارد العراق النفطية كان يفوق بكثير كل ما يمكن توقعه من عمليات نهب لكامل ميزانيات الدولة العراقية بعد الاحتلال والتي تجاوزت 1400 مليار دولار رصيد الميزانيات العراقية .
وينوه ستيوارت باون أيضا بأنه ( تحدث إلى نوري المالكي بخصوص مصير ذلك «الكنز» الذي نقل إلى لبنان. فلم يقم نوري المالكي بأي تدبير أو مسعى لاستعادته؛ بل أبدى، في صدِّه وجفائه، استياءه وامتعاضه من الطريقة العلنية التي نقلت بها أميركا ذلك المال إلى العراق). أكثر من ذلك، فقد رفضت السفارة الأميركية في بيروت التعاون مع محققي ستيوارت باون، لمعرفة مكان المستودعوالمخزن الذي أودعت فيه تلك الأموال! وحذرتهم من البحث عنه. ربما لأنها تعرف من دون أن تقول هي وحتى ستيوارت باون ( إنه موجود في أرض يسيطر عليها «حزب الله» ورجال إيران في لبنان)، حسب توقعات صحفي عربي نشر وتابع هذا الموضوع.
وحسب بعض المحللين المتابعين لهذا الملف ( أن الرفض الأميركي الرسمي للتعاون مع ستيوارت باون في عهدي بوش و اوباما، راجع إلى الموقف الأميركي في عدم إحراج النظام الإيراني، سواء أمام إسرائيل، بخصوص مفاوضات الملف النووي، أو أمام النظام العراقي الجديد، الذي أطلق حرية الميليشيات الشيعية العراقية الثلاث التي تديرها إيران،ودعمها في العودة والدمج مع فلول الجيش العراقي لتشكيل القوى الأمنية الجديدة بعد الغزو،وكي يستخدمها لاحقا لحماية انسحاب القوات الأمريكية وغزو “مناطق أهل السنة“ وما رافقها، من ارتكاب أعمال منافية لحقوق الإنسان فيها، بحجة مكافحة “داعش”. سادها النهب والترويع. والاعتداءات الجنسية وتهجير السكان بالقوة).
بعد كل هذه العراقيل، نقل ستيوارت باون معلوماته إلى سعيد ميرزا النائب العام اللبناني [سابقا] فتظاهر الأخير باستعداده للتعاون، ثم ما لبث أن اعتذر وتهرب عن الموضوع، ربما بعد الاتصال مع السلطات التنفيذية والسياسية اللبنانية. بالطبع، كانت سياسة النأي بالنفس التي «روّجها» نبيه بري، رئيس المجلس النيابي اللبناني وأنصار نظام بشار في لبنان، ( لا تجيز للبنان الغارق بألف مشكلة ومشكلة، الوقوع في مشكلة أخرى، تزعج وتحرج النظام الحاكم في العراق، والمتعاون بشكل وثيق سرا وعلنا، مع إيران و”حزب الله“).
بعد اختفاء الكنز جرى تقنين عمليات النهب الكامل على ثروات العراق من خلال منظومات فاسدة اشرف على كل تفاصيلها الحرس الثوري الإيراني ودعمتها بشكل مباشر الأحزاب والقوى الشيعية الحاكمة المدعومة من مرجعية السيد علي السيستاني، والتي ضمنت لابن أخته الدكتور حسين الشهرستاني تسلم وزارة النفط والطاقة، وتعاظم نفوذ نجله محمد رضا السيستاني في كافة اللجان الاقتصادية ومكاتب الوزارات ذات الميزانيات المالية الضخمة. وقد تم التكتم أولا على عمليات النهب البترولي، خلال معالجة قضايا الحقول البترولية المنهوبة في مناطق الحدود عند حقلي مجنون وحقل الفكه وحقول البصرة وميسان، وما صاحبهما من لغط كثيرحول شفط ملايين البراميل النفطية يومياعبر الضخ الأفقي والتسريب والتهريب عبر الحدود لملايين الأطنان من النفط المهرب إلى إيران أوالمصدر باسمها ولحسابها عبر موانئ عراقية وايرانية.
تعرف الولايات المتحدة تماما ما كان يوفر ذلك النهب لنظام طهران من ملايين الدولارات يوميا من خلال ميناء البصرة ونقاط التصدير النفطية على شط العرب والخليج العربي التي ظلت حتى اليوم بدون عدادات أو محاسبة أو سيطرة حكومية ، ظل يشرف عليها ويحرسها ويتقاسم وارداتها مع قاسم سليماني وكلاء إيران وقادة مليشياتها في جميع المحافظات من خلال السيطرة على الموانئ وشركات النقل والتصدير .نشير إلى عدد من التحقيقات الصحفية المتلفزة التي بثتها قناة الحرة الامريكية منذ سنوات الاحتلال الأولى.
كما تعلم إدارات الولايات المتحدة المتعاقبة على حكم البيت الأبيض منذ الرئيس بوش إلى ترامب جيدا إن إيران باتت تمول مجهودها الحربي من واردات الأموال والثروات المسروقة من قبل وكلائها واذرعها في العراق خاصة، وبدورها كانت تمول جماعاتها في سوريا وبقية منظمات الإرهاب الأخرىالتابعة لها في العالم، والتي أوكلت لها مهام اخرى، كالتهريب وتجارة المخدرات وتبييض الأموال،وتنظيم شبكات الدعارة والسمسرة والسرقات العمومية؛ فحسب مؤسسة “ستار فور“ ، ومقرها ولايةتكساس، نشرت تقارير في 13/2/2012 تقول ( أن إيران تقوم بسرقة كميات كبيرة من النفط العراقي في الجنوب، وبشكل منتظم، وأن هذه السرقات ساعدت الحكومة الإيرانية على تجاوز محنتها نتيجة الوضع الاقتصادي بسبب الحصار الدولي).
وحسب ذلك التقرير في خلاصته: ( يسرق يومياً من نفط العراق ما مقداره 20 مليون دولار وأن 10% من نفط الجنوب العراقي يسرق عبر شبكة نظمتها إيران)، وهناك مركز عالمي للدراسات التنموية مقره العاصمة البريطانية لندن يفيد: ( بأن إيران تستنزف غالبية حقول النفط العراقية المجاورة لحدودها وبعض هذه الحقول في محافظتي البصرة و ميسان).
شكلت موارد صفقة “الكنز العراقي” المسروق القاعدة المالية الضخمة للاستثمارات التالية لها، ومنها انطلق النظام الإيراني بأذرعه المليشياوية عبر توظيف حزب الله اللبناني وتجنيد قدراته الدولية، لتشكيل شبكة استثمارات مالية ضخمة والتغلغل في عصب تجارة دولية تجاوزت دول الشرق الأوسط، وخاصة في بعض دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية .
(2)
كما استغلت إيران وضع العراق بشكل خاص كممر لنقل الأموال المهربة بالعملات الصعبة في ما يسمى صفقات بورصة أو ” مبيعات البنك المركزي العراقي” للعملات الصعبة التي كانت تستنزف ما متوسطه 350 إلى 600 مليون دولار يوميا في مبيعات المزادات للعملات الصعبة المستنزفة من البنك المركزي العراقي، مقابل الشراء الكاذب بتمرير أطنان من العملة الورقية العراقية المزورة التي كانت تطبع في لبنان ومطابع طهران لتبدل عبر حسابات بنكية لبنانية وعراقية وأردنية وحتى اسرائيلية،تعمل بواجهات عدة في عمليات استنزاف تصدير مليارات الدولارات من العراق إلى الخارج وخاصة لبنان وطهران.
كان أحمد ألجلبي مؤسس المؤتمر الوطني العراقي وزعيمه،أول من كشف رسميا تلك الصفقات، مما كلفه حياته حيث تم قتله مسموما مساء 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 بعد ستة ساعات من شربه القهوة في بيت إبراهيم الجعفري الذي كان يفاوضه لثنيه عن طرح الموضوع في مجلس النواب وفضح الموضوع. ،وفور إعلان نبأ وفاة احمد ألجلبي، توالت التفسيرات الرابطة بين حالة وفاته المفاجئة مع ما كان يوشك على كشفه من تفاصيل حول ما اسماها ” عصابات الدولار” التي حذر ألجلبي من مغبة التغاضي عن نشاطاتها في آخر لقاءاته المتلفزة التي باتت تقلق الإيرانيين وعملائهم في العراق.
وفي تلك المقابلة التي أجراها قبل شهر من وفاته، قال ألجلبي: ( إن الحملة الإعلامية ضده والتهديدات التي تعرض لها لن تمنعانه من [الوصول إلى مكامن الفساد وفضح العصابات] التي استأثرت بثروات الشعب، خاصاً بالذكر “عصابات الدولار“، وكان يقصد بهم [ بعض المتنفذين الموالين لنوري المالكي رئيس الحكومة السابق في البنك المركزي العراقي وبعض البنوك الأهلية])،، حسبما ورد في تلك المقابلة : ( الذين ربحوا أموالاً طائلة من خلال شرائهم الدولار بأسعار زهيدة،وتهريب مئات المليارات من الدولارات خارج البلاد، جنوا خلال ثلاثة أعوام 10 تريليون و880 مليار دينار عراقي على الأقل وفق الكشوفات التي وضع ألجلبي يده عليها وسلم نسخ منها إلى اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي).
كما كشفت اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب العراقي، أن 80 % من 312 مليار دولار باعها البنك المركزي خلال 12 عاماً، تم تهريبها إلى الخارج. وأوضح برهان المعموري عضو تلك اللجنة : ( أن المشاركين بمزاد بيع العملة، من مصارف وشركات، هدفهم الحصول على العملة الصعبة بسعر أقل؛ ليتم تهريبها خارج العراق، بعد تقديم مستندات تجارية مزورة). وأضاف المعموري ( إن سياسة البنك المركزي أدت إلى هدر كبير بالعملة الصعبة التي تدخل البلد نتيجة بيع النفط).ولفت المعموري ( إلى أن احتياطي البنك المركزي انخفض إلى أقل من 50 مليار دولار نتيجة هذه السياسة).
رغم كل المحاذير كان البنك المركزي العراقي يبيع إلى المصارف والشركات العراقية الدولارالأمريكي بسعر 1180 دينار مقابل الدولار الواحد، في حين يبلغ سعره بالأسواق ما يقارب 1300دينار.
بعد وفاة احمد ألجلبي ظلت اللجنة المالية في البرلمان العراقي تثرثر ولا تفعل شيئا رغم ادعاءها:( وتؤكد امتلاكها وثائق تضم شخصيات وجهات وشركات تقوم بعملية “غسل أموال”)، مبينة: ( إنالبنك المركزي لم يتخذ أي إجراء تجاه هذه المصارف، إلا بعد الكشف عنها عبر جريدة (المدى)).
تقدر اللجنة المالية حجم الأموال المسربة إلى الخارج منذ 2006 بنحو 200 مليار دولار، مشيرة إلى تورط مصارف وشركات بهذه العمليات عبر 4 دول وبعدها تذهب تلك الأموال إلى جهات مجهولة.يقال ذلك رغم أن الجميع يعرف إن تلك الجهة المجهولة كانت إيران لا غيرها، حسب مئات الشهادات والأدلة على ذلك
بدورها كشفت لجنة النزاهة البرلمانية، ( عن تعرضها لضغوطات سياسية لإيقاف التحقيقات بشأن عمليات غسل الأموال)، أكدت : ( أنها تحصل على ملفات الفساد عن طريق (الفايبر) بواسطة الموظفين والمواطنين بعد التعطيل المتعمد من قبل بعض مؤسسات الدولة).
صرح مسعود حيدر، عضو اللجنة المالية للبرلمان لـجريدة “المدى“: ( هناك الكثير من الوثائق الرسمية التي اطلعنا عليها كانت تعود للبنك المركزي وتتضمن تفاصيل حسابات بعض البنوك الأهلية التي منها مصارف الشرق الأوسط والهدى و أربيل). ويعلّق النائب عن كتلة التغيير الكردستانية عن دور هذه المصارف وأدائها قائلا: ( هذه المصارف كانت دكاكين، وليست مصارف أهلية، وكانت تعمل في مزاد العملة فقط ). ويتابع عضو اللجنة المالية حديثه قائلا ا:( إن إيرادات النفط العراقية منذ عام 2006 إلى 2014 بلغت 551 مليار دولار)، مبينا إن ( أكثر من 312 مليار دولار، من هذا المبلغ، تم تحويله خارج العراق تضاف إليه عمليات الاستيراد الحكومي التي تقدر بـ 115 مليار دولار طيلة السنوات الماضية).وأكد مسعود حيدر إن ( اللجنة المالية في مجلس النواب تمتلك ملفات واسعة ومفصلة عن عمليات غسل الأموال). ولفت إلى أن ( اللجنة المالية توصلت، من خلال هذه الوثائق والملفات التي حصلت عليها، إلى وجود اكبر عمليات تهريب للأموال طيلة السنوات الماضية التي تصل إلى أكثر من 200 مليار دولار).
ويتهم النائب الكردي ( مافيات منظمة تقف وراء عمليات غسل الأموال التي حصلت وتحصل للمال العراقي)، لافتا إلى أن ( الأموال تحول إلى الأردن وتركيا ولبنان والإمارات)، موضحا بأن ( هناك مبالغ كبيرة يتم تحويلها على شكل 20 دفعة، ثم بعد ذلك تختفي). ويقول عضو اللجنة المالية إن( إدارة عمليات غسل الأموال كانت تتم باسم شركات وشخصيات وهمية)، مضيفا ( نتوقع ارتباطها بالمجاميع الإرهابية). ويؤكد إن ( اللجنة المالية تمتلك هذه الوثائق التي تتحدث عن تحركات هذه الشركات في البنك المركزي وداخل العراق وخارجه وسيتم الكشف عنها).
ويؤكد النائب مسعود حيدر إن ( البنك المركزي لم يتخذ أي إجراء تجاه هذه المصارف والشركات التي اثبت البنك ذاته مخالفتها إلى أن تمت إثارة الموضوع من قبل رئيس اللجنة أحمد ألجلبي)، مطالبا البنك المركزي ( بأخذ إجراءات صارمة على المصارف الأهلية). وكان البنك المركزي قد أقرّ، بالوثائق التي تناولتها مؤسسة المدى بشأن العملة الصعبة، لافتا إلى اتخاذه الإجراءات القانونية كافة بحق المصارف والشركات المخالفة بهذا الشأن. وبيّن البنك إن إجراءاته تضمنت إقامة دعاوى قضائية وفرض غرامات مالية كبيرة. قبلها أكدت لجنة النزاهة إن (رئيس اللجنة المالية احمد ألجلبي سلّمها وثائق وطالبها بإجراء تحقيقات بشأن ملفات غسل الأموال)، مشيرة (إلى أنها استجابت للطلب وبدأت بإجراء بعض التحقيقات).
ويقول عادل نوري، المتحدث باسم لجنة النزاهة البرلمانية، إن (لجنتنا حددت موعداً أولياً مع النائب أحمد ألجلبي قبل وفاته لمناقشة الملفات التي أرسلها)، مبيناً إن (الموعد كان مقرراً أن يتم ً الثلاثاء قبل وفاته ). وأضاف نوري، في تصريح لـ (المدى)، (إن “وفاة ألجلبي ألغت اللقاء مع لجنة النزاهة). ولفت إلى أن لجنة (النزاهة البرلمانية استضافت مدير عمليات غسل الأموال في البنك المركزي الذي زوّدها بأرقام مخيفة تؤكد وجود عمليات غسل أموال”. وأضاف المتحدث باسم اللجنة البرلمانية قائلا “هناك الكثير من الأمور كان من المفترض مناقشتها مع ألجلبي ،منها تشريع قوانين صارمة لمعالجة عمليات غسل الأموال وكذلك أسماء الشخصيات والشركات التي كانت تدير هذه العمليات”.وتابع عادل نوري أن (لجنة النزاهة حصلت على ملفات خطيرة تتحدث عن عمليات سرقة للمال العام وغسل أموال من خلال قيام بعض المصارف باعتماد أوراق مزوّرة للتلاعب بهذه الأموال وتهريبها خارج العراق). وكشف المتحدث باسم النزاهة البرلمانية إن (أعضاء اللجنة يتعرضون إلى ضغوطات سياسية لإيقاف الكشف عن بعض الملفات المتضمنة عمليات غسل للأموال”، لكنه شدد على أن (اللجنة مستمرة بفضح هذه الجهات مهما كلفها ذلك).
ويلفت عادل نوري إلى أن (بعض مؤسسات الدولة كانت تعطل بطرق معينة تزويدنا بالملفات التي كنا نحتاجها لكن هناك ملفات عديدة تصل إلينا عن طريق (الفايبر) بواسطة موظفين ومواطنين”، مؤكداً “البدء بجمعها والتأكد من صحتها ومن ثم فتح التحقيقات بها).
رغم كل ذلك الدور الذي لعبه احمد ألجلبي في التعاون مع الولايات المتحدة وإيران وكان سببا في وصول تلك المجموعات الشيعية المرتبطة وعملاء إيران إلى سدة الحكم بعد 2003احتلال العراق ،وكان حلمه في أن يحكم العراق، فحاربته إيران بضراوة في البداية؛ لأنه حسب موقفها منه يعتبر ” صناعة أمريكية “ فأعاقته من الوصول لمنصب رئيس الوزراء بتواطؤ أميركي واضح ومكشوف.
ولاحقاً وعندما اكتشف احمد ألجلبي أن أوراق اللعبة الداخلية في العراق أصبحت بالكامل بيد إيران خطب ودها وحاول استمالتها للوصول لبعض من أحلامه السياسية “العريضة” ، لكنه عاد واكتشف أن إيران لا تثق إلا بأدواتها التي تصنعها بنفسها، فانكفأ الرجل على نفسه واستسلم للقدر الإيراني. وحال اكتشافه عمليات التهريب الواسعة واستنزاف العملات الصعبة وتوجيهها نحو إيرانلوح بفضحها والكشف عن المسئولين عنها فاصطدم بمعارضتها له وصولا إلى قرار تصفيته مسموما في عملية اغتيال مدبرة ومخططة، لكون الرجل لم يكن يعاني من أية أمراض أو عوارض صحية، ولذا سارعت عائلته إلى تكليف المعهد الطبي الأمريكي في نيويورك بتشخيص سبب الوفاة خاصة بعد أن سارعت الحكومة العراقية للقول في بيان رسمي ( إن سبب الوفاة هو نوبة قلبية). ولكن التقرير الأمريكي الذي سلم لابنته تمارا ألجلبي أشار إلى أن ( سبب الوفاة هو تناوله جرعة من السم دست له في القهوة قبل وفاته بست ساعات والتي أدت إلى مضاعفات وتخثر الدم الشديد ثم السكتة الدماغية ومن ثم السكتة القلبية والوفاة مباشرة) . أما الجهات الرسمية العراقية والأمنية التي تسلمت نسخة من التقرير الأمريكي قامت بالتعتيم عليه ولم تتخذ أي إجراء جدي للتحقيق في الجريمة؛ بل على العكس أقفلت الملف واعتبرت الموت وفاة طبيعية حسب البيان الرسمي وحسب بيان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري.
“عصابات الدولار“، ليست سرا، وليست عصابات مجهولة الأشخاص والمؤسسات والجهات الدولية التي تقف خلفها، فقد شخصها احمد ألجلبي بالأسماء والوقائع في تقاريره المقدمة إلى اللجنة البرلمانية التي كان يترأسها، كما أفصح عنها للصحافة في مقابلات تلفزية مسجلة. ولا يحتاج الإنسان إلى ذكاء خارق بأنه كان يقصد إيران وأدواتها في العراق وفي مقدمتهم نوري المالكي وعصاباته.
من ضمن تصريحات أحمد ألجلبي، رئيس اللجنة المالية في البرلمان العراقي ، في لقاء متلفز قبل وفاته ، أن ( العراق حصل على 551 مليار دولار من بيع النفط للفترة من 2006 إلى 2014، خصصت منها 115 مليار دولار لواردات رسمية، فيما تولى البنك المركزي بيع 312 مليار دولار للبنوك الأهلية ضمن مزاد بيع العملة).
نشر موقع سومر التفاصيل التالية عن تلك الوثائق تحت عنوان: [ألجلبي يفضح اثنين من أخطر سارقي أموال العراق قبل رحيله]، هما مدير مصرف الهدى ( حمد ياسر الموسوي) ومدير مصرف الشرق الأوسط (علي محمد غلام). حيث يشير احمد ألجلبي في الكتاب الذي بعثه إلى لجنة النزاهة تحت عنوان [المخالفات والفساد في مزاد العملة] بتاريخ 11 تشرين الأول 2015، (نرفق لكم وثائق عن نتائج البحث الذي قامت به اللجنة المالية حول مزاد العملة، ونذكر احد البنوك [ بنك الهدى]، كمثل على المخالفات والجرائم التي ترتكب من قبل مجموعة من البنوك وأصحابها في مزاد العملة الأجنبية).والوثائق هي ( وثيقة مشتريات بنك الهدى من البنك المركزي بالدولار التي تبين الأشخاص والشركات التي اشترى باسمها الدولار من البنك المركزي لغرض الاستيراد، ووثيقة من مسجل الشركات تبين إنمعظم هذه الشركات غير مسجلة لدى مسجل الشركات، ما يشير إلى أن هناك مخالفات وتزويرا في هذه العملية، ووثيقة مسجل الشركات تبين مؤسسي [شركة الطيب للتحويل المالي]، ومنهم السيد حمد ياسر، وهو الشخص الذي يدير [بنك الهدى] ويملك أسهما فيه).
يشير احمد ألجلبي إلى أنه ( عندما حول البنك المركزي مشتريات بنك الهدى من الدولار إلىمراسل بنك الهدى في الأردن بنك الإسكان الأردني طلب بنك الهدى من بنك الإسكان تسجيل هذه الأموال لحساب ثلاث شركات هي: أ‌- الطيب للتحويل المالي. ب‌- شركة عراقنا للتحويل المالي. ت‌- شركة المهج للتحويل المالي، وذلك حسب كشف حساب بنك الهدى لدى بنك الإسكان الذي حصلت عليه لجنتنا دون أن يكون هناك ذكر لأي من هذه الشركات عند شراء الدولار).
وأضاف احمد ألجلبي: ( يتضح من أعلاه إن السيد حمد ياسر محسن (حمد الموسوي) قام بشراء الدولار من البنك المركزي بوثائق مزورة وحوّلها لشركة يملكها ويتصرف بها بشكل كامل).
ووضح ألجلبي أن ( بنك الهدى قام بتحويل مبلغ 6.455.660.368 [ستة مليارات واربعمئة وخمسة وخمسين مليونا وستين ألفا وثلاثمائة وثمانية وستين دولارا] إلى حسابه في بنك الإسكانالأردني خلال سنوات 2012- 2013- 2014 والجزء الأول من سنة 2015، وحوّل من هذا المبلغ 5.787.999.397 (خمسة مليارات وسبعمائة وسبعة وثمانين مليونا وتسعمائة وتسعة وتسعين ألفاوثلاثمائة وسبعة وتسعين دولارا) إلى شركة الطيب في حسابها لدى بنك الإسكان الأردني، وقامت شركة الطيب بدورها بتحويل مبلغ 5.704.158.578 (خمسة مليارات وسبعمائة وأربعة ملايين ومائة وثمانية وخمسين ألفا وخمسمائة وثمانية وسبعين دولارا) إلى حساب شركة الكمال للصرافة في الأردن وهي شركة صرافة عادية التي قامت بدورها بتحويل هذه الأموال إلى مستفيدين، لا نعلم من هم، ولا نعلم كيف استخدموا هذه الأموال التي هي ثمن بيع النفط ملك الشعب العراقي). وطلب احمدألجلبي في كتابه من هيئة النزاهة التحقيق في هذا الأمر، مقترحا أن ( تحصل هيئة النزاهة على نسخ من برقيات الـSwift التي أرسلها بنك الهدى إلى بنك الإسكان والبرقيات التي أرسلتها شركة الطيب إلى شركة الكمال في الأردن، وإذا وجدت هيئة النزاهة مانعا من مخاطبة هذه الشركات، لأنها شركات خاصة، فإنها تستطيع ذلك عن طريق البنك المركزي الذي يخوله القانون الحصول على كافة المعلومات عن حسابات البنوك العراقية في الخارج وعلى حسابات شركات التحويل المالي كذلك).
وأكد احمد ألجلبي أن اللجنة المالية البرلمانية ( حاولت لفترة طويلة الحصول على معلومات عن هذه الحسابات من البنك المركزي ولم توفق في الحصول على معلومات دقيقة، فإما جوبهت بعدم الرد او تزويدها بمعلومات كاذبة من شركات التحويل المالي)..
وبين أنه (كمثال على ذلك أجاب البنك المركزي على طلبنا المعلومات حول حركة حساب شركة المهج للتحويل المالي لدى شركة الراوي للصرافة في الأردن، أجابنا البنك المركزي، وضمن جوابه برسائل من شركة الراوي وشركة المهج يقولون فيها أن ليس هناك تعاملا بينهم خلال سنة 2014، بينما حصلنا على جدول يبين أن هنالك على الأقل 53 معاملة بينهم مجموعها يبلغ 547.395.000 (خمسمائة وسبعة وأربعين مليونا وثلاثمائة وخمسة وتسعين ألف دولار). ويلفت احمد ألجلبي إلى أن (هناك معلومات تفصيلية لدينا حول تعاملات مصرف الشرق الأوسط لسنة 2012، حيث يتضح أنأصحاب الأسهم في المصرف وهم عائلة علي محمد غلام هم الذين استحوذوا على أسهم هذا المصرف عن طريق تحقيق الأرباح في مزاد العملة الأجنبية، واستعملوا شركة الندى للتحويل المالي التي يملكونها حسب شهادة مسجل الشركات للقيام بعمليات مشابهة لما ذكرناه أعلاه، وهناك أيضا أدلةعلى ان مصرف أربيل في سنة 2014 قام بعمليات مشابهة مع مصارف وشركات تحويل مالي عراقية وشركات صرافة في الأردن والامارت العربية المتحدة وتركيا).
منذ أن تسلم احمد ألجلبي رئاسة اللجنة المالية في البرلمان العراقي ركز على جمع المعلومات التي نشرها، وقد أربكت متابعاته الدقيقة الجميع لما تضمنته من أرقام فساد ضخمة، ركز بصورة ملفتة للنظر على قضايا الفساد المالي في الدولة العراقية، وتحديداً على فساد البنك المركزي وسياساته المالية التي وصفها بأنها كانت كارثية على الاقتصاد العراقي، وعلى الاحتياطي من العملة الصعبة، وبخاصة في الفترة من عام 2006 حتى أواخر حكم المالكي عام 2014.
وفي القضية التي أقامها على البنك المركزي العراقي قال احمد ألجلبي في إحدى جلسات القضية ( البنك المركزي باع من خلال مزاد العملة في الفترة ما بين 2006- 2014 ما قيمته 312 ملياراً و750 مليوناً و598 ألف دولار أي ما يعادل 57% من مجموع واردات النفط البالغة 551 ملياراً و749 مليوناً و957 ألفاً و142 دولاراً) .
وقبل وفاته بشهر، قال احمد ألجلبي في تصريحات له لوسائل إعلام عراقية وعالمية: ( إن الحملة الإعلامية ضده والتهديدات التي تعرض لها لن تمنعانه من ‘الوصول إلى مكامن الفساد وفضح العصابات التي استأثرت بثروات الشعب، خاصاً بالذكر [عصابات الدولار] )، وكان يقصد بهم بعض المتنفذين الموالين لنوري المالكي في البنك المركزي العراقي، وبعض البنوك الخاصة ، حسبما ورد في المقابلة، والذين ربحوا أموالاً طائلة من خلال شرائهم الدولار بأسعار زهيدة وتهريب مئات المليارات من الدولارات خارج البلاد، حيث جنوا خلال ثلاثة أعوام 10 تريليون و880 مليار دينار عراقي وذلك وفق الكشوفات التي وضع يده عليها وسلم نسخا منها إلى اللجنة المالية في مجلس النواب.
كما وضع احمد ألجلبي يديه على وثائق تدين فساد [عصابة الدولار] التي هي عصابة تابعة لنوري المالكي، حيث كشفت وثائق سربها احمد ألجلبي قبل وفاته ( أن حمد ياسر محسن، المرشح عن ائتلاف دولة القانون بالتسلسل 122 قام بشراء الدولار من البنك المركزي بوثائق مزورة وحوّلها لشركة يملكها ويتصرف بها بشكل كامل). وكشفت تلك الوثائق أيضاً ( أن بنك الهدى قام بتحويل مبلغ ستة مليارات وأربعمائة وخمسة وخمسين مليوناً وستين ألفاً وثلاثمائة وثمانية وستين دولاراً إلى حسابه في أحد البنوك في دولة عربية خلال الأعوام 2012 – و2013 و 2014 والجزء الأول من سنة 2015 وحوّل من هذا المبلغ خمسة مليارات و778 مليون و99 ألف و397 دولاراً، إلى شركة ” الطيب ” في حسابها لدى البنك المشار إليه، وقامت شركة “الطيب“ بدورها بتحويل مبلغ 578.158.704.5 إلىحساب شركة صرافة محلية في تلك الدولة و التي قامت بدورها بتحويل هذه الأموال إلى مستفيدين مجهولين).
يعتقد كثيرون أن هذا الملف هو الذي تسبب في قتل احمد ألجلبي وتصفيته، مغدورا بالسم،والذي ربما كاد أن [يقتل] هوشيار زيباري وزير المالية، الذي تفاجأ بحملة منظمة عليه لسحب الثقة منه في البرلمان، بعد أن بدأ بمتابعة ملفات احمد ألجلبي. ووفق وسائل إعلام عراقية فقد كشف زيباري خلال تلك الفترة عن قيام شخص بإخراج أكثر من 6 مليارات دولار من العراق لحساب خاص به في أحد البنوك العربية. وقال زيباري إن لديه وثائق تثبت قيام هذا الشخص بإخراج 6 مليارات و455 مليون دولار.
والمعلومات تشير إلى أن الشخص المعني، هو احد التجار المقربين من نوري المالكي. وتشير المعلومات إلى أن الشخص الذي قصده زيباري يمكن أن يكون حمد الموسوي، حيث أثيرت حوله شكوك بهذا الصدد سابقاً. كما أن الشخص الذي ركز عليه احمد ألجلبي في حملته في فضح الفساد في تعاملات البنك المركزي العراقي هو حمد الموسوي وارتباطاته بلجنة مزاد البنك المركزي .
فحسب موقع سومر نيوز في 11/11/2015 : هناك تفاصيل عن علاقة [غامضة ومثيرة] بين حمد الموسوي ولجنة مزاد البنك المركزي ( كشفت مصادر مسئولة في البنك المركزي العراقي، عن ما وصفته [علاقة مشبوهة] بين حمد ياسر الموسوي، مدير مصرف الهدى التجاري من جهة، والبنك المركزي ولجنة المزاد فيه من جهة اخرى. وحسب المصادر لـ (سومر نيوز)، إن ( حمد الموسوي أعلن يوم 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ، عن فتحه أبواب المصرف لغاية الساعة 8 مساء لتسلم العملة العراقية وتسليم فوري للعملة الصعبة في عمان عبر صرافة الماسة وصرافة بغداد في العاصمة الأردنية، وبسعر متدني قياساً بسعر الصرف ذلك اليوم). وأضافت المصادر إن ( هذه العملية المشبوهة أربكت سوق بيع العملة، وانعكست سلبا على أوضاع التجار الذين يعملون على استقرار السوق وسعر صرف الدينار العراقي)، مشيرة إلى أن العملية ( مغالطة تعتبر للقياسات المتعامل بها وفق تعليمات البنك المركزي العراقي). وأوضحت إن (هذا الحدث أثار شكوكا حول إدارة البنك المركزي ولجنة المزاد العلني فيه والتي لم تمنع مصرف الهدى من دخول المزاد العلني اليومي، وضمنت حصته بشكل مستمر بعدم استبعاده عن المزاد إلا ما ندر”، لافتة إلى أن (لجنة مزاد البنك المركزي تعطي أفضلية واضحة لمصرف الهدى، لم يحظَ بها أي مصرف عراقي آخر).
وأشارت المصادر إلى أن ( حمد الموسوي يطلع بشكل شبه يومي على أسرار المركزي وتعليماته الخاصة)، موضحة أن ( بعض المسئولين في البنك يقومون بتسريبها لصاحب مصرف الهدى حمد الموسوي). ولفتت المصادر أيضا إلى أن: ( اجتماعا مشبوها جمع حمد الموسوي، برفقة ابو رامي،صاحب مكتب صرافة بغداد ، مع لجنة المزاد في المركزي العراقي، والتي أبلغت الرجلين بكتاب عاجل سيردهما من محافظ البنك، وان عليهما تنفيذ التعليمات الواردة فيه) ، مؤكدة أنها ( وثقت هذا الاجتماع بالصورة والصوت وإنها ستكشف عنه لاحقا).
يشار في هذا الصدد إلى أن احمد ألجلبي رئيس اللجنة المالية البرلمانية عمل قبل وفاته، على فضح مدير مصرف الهدى حمد الموسوي ووصفه بـ ( أخطر سارق للأموال العراقية). وكشف مصدر نيابي مسئول لـ (سومر نيوز)، ، (عن شراء مصرف الهدى مبلغاً قدره يزيد عن خمسة مليارات دولار من البنك المركزي بفواتير [مزورة] وبأسماء أشخاص “متوفين حديثاً”).
وقد رد بيان البنك المركزي العراقي بجملة إجراءات شكلية ولفظية لإسكات حملة احمد ألجلبيوفضحه لوكلاء إيران، وفي مقدمتهم نوري المالكي والبنوك التي تورطت بكبرى الصفقات في تحويلات العملة وتهريبها .
والجدير بالذكر، أن بيان البنك المركزي العراقي يأتي بعد يومين من نشر وثائق رسمية من اللجنة المالية في البرلمان العراقي عن عمليات تهريب منظمة لمليارات الدولارات جرت عبر مزاد بيع العملة الصعبة لعدد من المصارف والشركات المالية بين 2006 و2014 ، حينما كان نوري المالكي رئيسا للوزراء. تضمنت إحدى الوثائق بتاريخ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والموجهة من اللجنة المالية في البرلمان العراقي إلى رئيس “هيئة النزاهة” قيام بنك الهدى -وهو مصرف محلي- بشراء العملة الصعبة من البنك المركزي للأعوام 2012، 2013، 2014 باستخدام وثائق مزورة, وقد جرى تحويل نحو 6.5 مليارات دولار إلى بنوك وشركات في الأردن.
اضطر البنك المركزي العراقي إلى الإعلان انه : ( بدأ التحقيق في وثائق تورد أسماء بنك الإسكان وشركتي الكمال والراوي للصرافة في الأردن ضمن ملف تهريب بنك الهدى لــ 6,5 مليار دولار) و ( عن اتخاذه سلسلة إجراءات قانونية بحق المصارف والزبائن المخالفين للتعليمات الخاصة بمزاد بيع العملة الصعبة ما بين عامي 2012 و2014، خلال ترؤس نوري المالكي الحكومة السابقة).وقال البنك في بيان (من بين تلك الإجراءات، إقامة الدعاوى لدى المحاكم العراقية، إضافة إلى فرض غرامات مالية كبيرة ويجري تحصيلها حاليا”، مشيرًا إلى أن “فرق تدقيق البنك مستمرة بالعمل بهذا المجال مع التنسيق وإعلام الجهات القضائية المختصة بالمخالفات أو بقيم المبالغ المتحصلة لهذا الغرض).
والحقيقة التي لا يمكن تغطيتها هي أن إيران تواجه مصاعب كبيرة في الحصول على الدولار، بعد تطبيق العقوبات الأميركية عليها، وحرمانها من استخدام هذه العملة في تعاملاتها الدولية؛ لذلك تقوم الإستراتيجية الإيرانية على ضخ عملة عراقية مزيفة، بكميات كبيرة، إلى أسواق العراق، والدفع باتجاه زيادة الطلب على الدولار الأميركي، من قبل متعاملين محليين.
(3)
وما لم يتمكن العراق من التصدي لعمليات تهريب الدينار العراقي المزيف إلى داخل أراضيه، فإن هذه الإستراتيجية الإيرانية ستؤدي إلى إجبار البنك المركزي العراقي، على ضخ كميات مضاعفة من الدولار إلى أسواق البلاد، للحفاظ على قيمة العملة المحلية، ما يتيح سيولة دولارية أكبر، يمكن لاحقا تهريبها إلى إيران، لتوفير حاجتها من العملة الأميركية.
وفقا لمصادر صحفية وسياسية عديدة في بغداد، فإن ( واجهات اقتصادية، لميليشيات عراقية موالية لإيران، هي التي تنفذ هذه الإستراتيجية الإيرانية، من خلال استخدام سطوتها في المنافذ الحدودية بين إيران والعراق، لإدخال العملة العراقية المزيفة إلى البلاد). ووصل الأمر إن تقول مصادر حكومية عراقية إن ( القائد العام للقوات المسلحة العراقية، رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، وجه الجهات العسكرية والأمنية المختصة، بالتصدي لعمليات التهريب الإيرانية). وحسب تلك المصادر أن ( العبادي يعتمد على عدد محدود من الضباط العراقيين الموثوق بهم، في تنفيذ هذه العملية، بالنظر إلى النفوذ الواسع الذي تمتلكه إيران في قطاعات عديدة تابعة للمؤسسة العسكرية).
تبقى الحدود العراقية مفتوحة على مصراعيها أمام الإيرانيين ووكلائهم رغم ما يشاع في الإعلام: ( إن الحكومة العراقية شددت المنافذ الحدودية العراقية مع إيران من إجراءات التفتيش على الشاحنات القادمة من الجارة الشرقية). وقد اعترفت مصادر حكومية عراقية ( قادت الإجراءات العراقية المشددة، إلى ضبط نحو مليار دينار عراقي من العملة المزيفة، كانت قادمة من إيران).
وفي جميع الحالات، يستمر المهربون الذين يرتبطون بشركات على صلة بميليشيات عراقية موالية لإيران. ويقول مسئولون عراقيون ( إن بغداد عززت مسبقا إجراءاتها لمنع تهريب الدولار من العراق إلى إيران، استجابة للعقوبات الأميركية، لكنها تركز الآن على منع تهريب العملة المزيفة من إيران إلى العراق). بهذا الصدد يؤكد اللواء الركن علي دعبول، قائد عمليات الرافدين، التابعة لوزارة الدفاع العراقية، ( البدء بتنفيذ خطة أمنية استخبارية خاصة لملاحقة محاولات لإدخال العملة النقدية المزورة إلى السوق المحلية في محافظات ميسان وذي قار والمثنى وواسط)، جنوب ووسط العراق. وحسب عليدعبول إن ( فرق العمل الأمنية وخلايا الاستخبارات تواصل متابعة أي حالة مشتبه بها من أجل التعامل معها أمنيا). ونقلت وكالة الأناضول التركية عن ضابط في وزارة الداخلية العراقية القول إن ( المنافذ الحدودية تلقت أوامر بضرورة التفتيش الدقيق لإحباط أي محاولة لإدخال عملة مزيفة من دول الجوار). كل هذا يقال ولا أخال ان هناك عراقي واحد يثق بما يقال من ادعاءات الحكومة العراقية التي تدار بأذرع ايرانية وخاصة في عهد عادل عبد المهدي.
يكرر الإعلام العراقي إخبارا مفادها أن ( قوات الأمن ضبطت خلال الأيام الماضية عملات عراقية مزيفة في منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران، وتمت مصادرتها واعتقال المتورط بجلب المبالغ المالية المزورة)، من دون تحديد قيمتها. علما يمتلك العراق أربعة منافذ برية مع إيران هي زرباطية في واسط، والشلامجة في البصرة، والمنذرية في ديالى، والشيب في ميسان. ويقول مراقبون إن الإجراءات العراقية المشددة على الحدود مع إيران، لن تثني طهران عن مواصلة هذه الإستراتيجية، التي يمكن أن تكون من بين الوسائل النادرة جدا، لحصول طهران على حاجتها من الدولار الأميركي.
وسبق ان قال البعض: ( هذه الحرب[ الاقتصادية] ، تتصل بالجدل الذي يحيط بمستقبل رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وطموحه في ولاية ثانية، وهو أمر يلقى اعتراضا إيرانيا قويا). وهو ما قرر مصير اختيار عادل عبد المهدي وسقوط ترشيح حيدر العبادي.
لقدا حاول حيدر العبادي من خلال حملته الإعلامية الكاذبة ( إقناع الولايات المتحدة بأحقيته في هذا المنصب، من خلال التصدي لمحاولات إيران الالتفاف على العقوبات الأميركية).
لقد كان متوقعا أن تلجأ إيران إلى إغراق السوق العراقية بالعملات المزيفة، كجزء من خطتها لمواجهة النقص في ما هو متداول من العملات الصعبة في السوق الداخلية من أجل ألا يشهد الريال الإيراني مزيدا من الخسائر في سعر الصرف. وقد جهزت إيران أذرعها في الداخل العراقي لتنفيذ تلك الخطة في وقت مبكر، قبل أن تأخذ العقوبات الأميركية طريقها إلى التنفيذ المباشر.
يقول مراقبون إن ( لا أحد في إمكانه أن يُفشل تلك الخطة وذلك بسبب حالات الاختراق التي حققتها إيران عبر سنوات هيمنتها في جسد الدولة العراقية الهش، مشيرين إلى أن قيادات سياسية عراقية جندت نفسها من أجل الوقوف مع إيران في نزاعها الذي كان محتملا مع الولايات المتحدة).
ولفت مراقب عراقي إلى( أن ما يمكن أن تنجزه تلك القيادات لا يرقى إلى مستوى الحاجة الإيرانية إلى العملة الصعبة من غير حدوث خلخلة في سعر صرف الدينار العراقي، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى أن يشهد الاقتصاد العراقي مزيدا من الانهيار الذي قد يؤدي إلى اتساع دائرة الاحتجاجات في البلاد، والتي ستكون موجهة هذه المرة ضد الهيمنة الإيرانية بشكل مباشر).
واستبعد المراقب في تصريح لـصحيفة “العرب” حينها أن ( تؤدي خطة حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي السابق في التصدي لعمليات التهريب من الجانبين إلى نتائج إيجابية بسبب صعوبة ضبط الحدود بين الجانبين في ظل الاختراقات الإيرانية للأجهزة الأمنية العراقية وسيطرة الميليشيات الموالية لإيران على مدن حدودية إضافة إلى وصول زعماء تلك الميليشيات إلى مراكز القرار السياسي.
وشدد على أنه من الصعب التكهن بحجم الخسائر التي سيمنى بها الاقتصاد العراقي بسبب العقوبات الأميركية على إيران، مشيرا إلى أن ما يهم الحكومة العراقية ألا تنهي عملها بطريقة تبدو من خلالها كما لو أنها كانت السبب في اندلاع فوضى جديدة، يكون انهيار الدينار العراقي سببها المباشر.ويشكك اغلب المراقبين ( بجدوى تلك الإجراءات الحكومية معتبرا أنها مهما كانت دقيقة فإنها لن تكون كفيلة بإيقاف عمليات تهريب العملة بين الجانبين). ورغم تحذير الخبراء العراقيون من ( عمليات مشبوهة تنفذها إيران للحصول على الدولارات من العراق تؤدي إلى انخفاض الدينار، بعدما أصبحت العملة الإيرانية لا قيمة لها بعد تطبيق المصارف العراقية قرار العقوبات الأميركية.) وأرجع اقتصاديون عراقيون هذا الانخفاض إلى ( شراء تجار إيرانيين عبر وكلاء لهم في العراق العملة الصعبة من الأسواق العراقية لمواجهة العقوبات الأميركية بحظر التعامل مع طهران بالدولار). واعتبر الخبير الاقتصادي ماجد الصوري في تصريحات صحفية أن إيران (لم يعد أمامها سوى العراق كرئة اقتصادية تتنفس من خلالها وتحصل من أسواقه على الدولار الأميركي بعد العقوبات).
وحذر الصوري من ( أن تعمد طهران إلى أساليب مختلفة ستكون مؤذية للعراق لجمع الدولار نتيجة الموقف الحكومي العراقي من العقوبات ضدها. وفي مقدمة هذه الأساليب إغراق السوق العراقية بالعملة المحلية المزورة لشراء الدولار بعد أن بات الريال الإيراني لا قيمة له في التعاملات داخل العراق وخارجه).
أما الأسلوب الآخر فهو مضاعفة تجارة المخدرات وصخ كميات كبيرة من السموم المخدرة إلى السوق العراقية لتحصل من خلالها على الدولار، بحسب ماجد الصوري.
وتواجه إيران أزمة خانقة، بعد دخول حزمة أولى من العقوبات الأميركية حيز التنفيذ، وتشمل حظر مشتريات إيران من الدولار الأميركي وتجارة المعادن والفحم والبرمجيات الخاصة بالصناعة وقطاع السيارات. وقد امتعض المسئولون إلايرانيون وأتباعهم ( عن غضبهم من قرار البنك المركزي العراقي التقيد بالعقوبات الأميركية، فيما خرجت مطالب إيرانية بالحصول على تعويضات من العراق على ما سببته الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي من أضرار بيئية).
وضع الرئيس الأمريكي ترامب يوم 25/6/2019 قائمة أخرى من العقوبات الاقتصادية شملت متابعة أموال واستثمارات وحسابات مجموعة قيادية من قادة إيران الحاليين، وفي مقدمتهم إسم علي خامنئي، واستهزأ الإيرانيون بمكرهم الفارسي من هذا القرار بقولهم ان السيد علي خامنئي رجل مسكين وفقير لا يملك سوى المروحة اليدوية والبساط الذي يصلي عليه؟؟.
ولعل في إعلان وزارة الخزانة الأمريكية في 17/5/2018 قبل ذلك بأسبوع عن وضع بعض الأسماء اللبنانية الهامة تحت لائحة المتابعة والعقوبات، وخلف هذا القرار هناك الكثير من الحقائق المغيبة ، منهم ابرز وكلاء هذه الصفقات المالية لصالح إيران، ممن يرتبطون بمليشيات حزب الله والنظام الإيراني، وهما محمد بزي وعبد الله صفي الدين، وهما عميلان إيرانيان لبنانيان معروفان في مجال تمويل حزب الله وإيران من خلال شبكة علاقات تجارية وإدارتهما بغطاء من شركات واستثمارات عبر العالم.
يعتبر محمد بزي هو الممول الرئيسي لحزب الله الذي يمتلك 5 شركات تنشط في دول أوربا عبر بلجيكا ولبنان والعراق وفي دول غرب إفريقيا، وبالتعاون مع عدد من الحكومات الإفريقية الفاسدة مثل حكومة دكتاتور غامبيا السابق يحيى جامع، ويمتد في نشاطه الى تجارة المخدرات وغسيل الأموال .ويعمل محمد بزي مع عبد الله صفي الدين ( ابن خالة زعيم حزب الله حسن نصر الله) في نشاط واسع في العراق وإيران ، وهو ممثل لحزب الله اللبناني في إيران، وعمل من أجل توطيد العلاقات السياسية بين غامبيا وإيران.
أكدت وزارة الخزانة الامريكية ( أن محمد بزي وعبد الله صفي الدين عملا سابقاً مع البنك المركزي الإيراني، من أجل توسيع عمليات التبادل المصرفي ونقل الأموال بين إيران ولبنان، لصالح حزب الله).
ووصفت الخزانة الامريكية محمد بزي، ( الذي يعمل من بلجيكا ولبنان والعراق وعدة بلدان في غرب إفريقيا، بالممول البارز في حزب الله؛ مؤكدة أنه قدم مساعدات مالية تقدر بملايين الدولارات لسنوات عديدة إلى حزب الله، نتيجة أنشطته التجارية).
عمل صفي الدين وبزي بين عامي 2009 و2010، مع البنك المركزي الإيراني من أجل توسيع نطاق التعامل المصرفي ونقل الأموال بين إيران ولبنان والعراق. واتهم سابقاً من قبل [شبكة إنفاذ قوانين الجرائم المالية” ] (FinCEN) بالضلوع في تسهيل وصول مسئولين إيرانيين إلى البنك الكندي اللبناني السابق (LCB)، الذي اعتبرته الشبكة في 10 فبراير 2011 مؤسسة مالية متهمة بغسل الأموال بموجب المادة 311 من قانون الولايات المتحدة الأميركية الوطني، وذلك لدوره في تسهيل أنشطة غسيل الأموال العائدة لشبكة دولية لتهريب المخدرات. تتهمه واشنطن بلعب دور المحاور أو “صلة الوصل” بين حزب الله وإيران في المسائل المالية. وفي أحد أشد الإجراءات الرامية لتشديد الخناق حول عمليات إيران في الخارج والحرس الثوري الإيراني فرضت الولايات المتحدة عقوبات على محافظ البنك المركزي الإيراني ولي الله سيف .
كما فرضت عقوبات جديدة على الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ونائبه نعيم قاسم في إجراءات دعمتها دول الخليج، التي أدرجت بدورها 10 أسماء وكيانات أخرى مرتبطة بحزب الله على قائمة الإرهاب.
كما يرتبط بعلاقات مع ممولي حزب الله آخرون منهم أدهم طباجة وعلي يوسف شرارة، الذي أدرج على لائحة العقوبات الأميركية في 10 حزيران/ يونيو 2015 و 7 كانون الثاني/ يناير 2016 ، على التوالي.
إن محاولة تبييض أموال الإرهاب بذر الرماد في العيون وبتضليل كاذب يتجلى ( بادعاء حزب الله اللبناني من أن مصادر تمويله هي إيرانية وليس العكس انه احد مصادر تمويل النظام الإيراني) ، وهي محاولة لحماية نظام طهران أمام المنظمات الاقتصادية الدولية .
إن ” حزب الله ” يتصدر قائمة أكبر ميليشيات الجريمة المنظمة في العالم، ويجني أموالاً طائلة، من مصادر مشبوهة وتجارة غير مشروعة، على رأسها تجارة المخدرات وعمليات التهريب والدعارة وتبييض الأموال وخاصة التهريب للعملات الصعبة من العراق عبر عدد من البنوك التي يديرها أويشرف على توجيهها عراقيا ولبنانيا. فالحزب شأنه شأن أي تنظيم إرهابي متطرف يقوم بنقل الأسلحة والمخدرات والمتفجرات، ومن بينها قطع خاصة ببرنامج الأسلحة الباليستية الخاص بإيران، إلى جانب البضائع التي تنقلها شركات يملكها الحزب كواجهة تجارية لأعماله، وتشمل اللحوم المثلجة والمواد الأولية والسيارات المستعملة والتبغ، والمنتجات الإلكترونية، بحسب تحقيق إدارة مكافحة المخدرات الأميركية [ كاسندرا]،
كما تمتد أنشطة الحزب المشبوهة إلى دول عديدة في أوروبا وأميركا.
وتعتبر أميركا اللاتينية وأفريقيا، أهم ميادين أنشطة حزب الله، لاسيما نشاطه الواسع عن طريق فنزويلا التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع إيران. وعلى خلفية تلك العلاقة ذهب قادة” حزب الله“ إلى كاراكاس ووثقوا علاقات مع زعماء عصابات المخدرات والتهريب والتجارة غير المشروعة. وتقدر الأموال التي يجنيها الحزب من تجارة المخدرات والتهريب ما بين 2 إلى 3 مليارات دولار سنوياً، توزع على عدد من قيادات الحزب، كما توزع ميزانيات الدول، وينفق جزءاً منها على تمويل عدد من الشبكات والعصابات التي تساعد الحزب في هذه التجارة، ويرتبط بمخطط لغسل الأموال قدره 483 مليون دولار.
تعتبر ميليشيات حزب الله الإرهابية أكبر رابط بين التجارات الممنوعة في العالم مثل تجارة المخدرات وغسيل الأموال وبين تمويل الإرهاب، حيث يعتمد الحزب في تمويل أنشطته الإرهابية على الأموال التي يجنيها من تجارة المخدرات والتهريب، وله عصابات وتنظيمات متخصصة في هذه التجارات، ولكنه يقوم بفصل أنشطة هذه التنظيمات عن أنشطته الإرهابية للمحافظة على العمل السري. وكشفت صحيفة [جلوبال نيوز] الكندية عن تعاون أمني بين إدارة مكافحة المخدرات في الولايات المتحدة وشرطة الخيالة الكندية الملكية حول ملف ميليشيات حزب الله، منذ عام 2014.
يعتبر العراق هو الممر الرئيسي في تجارة وتبييض الأموال ويعتبر مطاري بغداد وبقية المطارات العراقية ممرات عبر مطار بيروت إلى مطارات عالمية اخرى . وقد استغلت التجارة مع العراق او عبر العراق لصالح إيران حيث ويميل الميزان التجاري بين العراق وإيران لصالح إيران بنسبة ٩٠٪، فالمنافذ الحدودية الواقعة بين الجانبين تشهد سيطرة إيرانية كبيرة تتمثل في وجود ضباط من فيلق القدس (الجناح الخارجي للحرس الثوري) الذي يشرفون على عمليات سحب العملة الصعبة من العراق إلى إيران، وكذلك على عمليات تهريب النفط والمخدرات والمواد الغذائية والصناعية والأدوية الفاسدة والأسلحة والنفط وخردة الحديد، وتجني المليشيات والأحزاب التابعة لإيران أموالا طائلة من واردات المنافذ الحدودية وحال ذاته في الجانب الإيراني، فالأموال التي تحصل عليها مليشيا الحرس الثوري من المنافذ الحدودية العراقية تعتبر أحد المصادر الرئيسية التي تستفاد منها لتمويل عملياتها الإرهابية في الشرق الأوسط، لذلك تعمل إيران من خلال مليشياتها على توسيع سيطرتها على هذه المنافذ وافتتاح أكبر عدد منها.
بين محمد شريعتمداري أن حجم التبادل التجاري (غير النفطي) بين البلدين يبلغ الآن 6 مليارات دولار.هذا على المستوى الرسمي والمعلن لكن الأرقام في التعاملات المالية مع ايران تتجاهل صفقات فساد وسيطرة للمليشيات، وغياب واضح لسلطة الحكومة، وعمليات التهريب المستمرة، وصلت إلى فرض إتاوات على التجار، هذا هو الواقع اليومي ملموس منذ سنوات في المنافذ الحدودية العراقية الرسمية وغير الرسمية الخاضعة لسيطرة المليشيات الإيرانية التي تكبد العراق خسائر تصل إلى أكثر من ٩ مليارات دولار أمريكي سنويا.
من الناحية العملية لا توجد حدود بين إيران والعراق، والمنافذ الحدودية المعروفة مع ايران تبقى مفتوحة طوال ساعات الليل والنهار، وتقرير اللجنة المالية البرلمانية يشير إلى وجود 7 منافذ غير رسمية فقط . وبحسب معلومات كشف عنها مسئول عراقي رفيع المستوى في هيئة المنافذ الحدودية لـوكالة [العين الإخبارية]، وصلت إلى أكثر من (٥٠) منفذا مع إيران دون غيرها، وأردف المسئول الذي فضل عدم ذكر اسمه: ( المليشيات الإيرانية خصوصا مليشيات بدر وعصائب أهل الحق والنجباء وكتائب حزب الله العراق إضافة إلى الأحزاب الكبيرة في بغداد تتقاسم السلطة على هذه المنافذ غير الرسمية، وتتمثل هذه السيطرة في فرض الإتاوات على التجار والتدخل في الشؤون الإدارية وعمليات التصدير، ولا تتوانى في اغتيال كل من يحاول إيقاف هذه التدخلات أو الحد منها وإعاقة عمل المليشيات وعصابات التهريب التابعة لها).
يقدر خبراء المالية انه ( يجب أن تبلغ واردات العراق الجمركية سنويا على الأقل 10 مليارات دولار أمريكي، لكن الواردات التي تعود حاليا إلى خزينة الحكومة العراقية من الجمارك في المنافذ الحدودية لا تتعدى المليار ونصف المليار دولار، وهذا النقص ناجم عن أسباب عدة منها تدخلات للمسلحين في شؤون المنافذ الحدودية، إضافة إلى وجود منافذ غير رسمية لا تلتزم بقرارات وتعليمات هيئة المنافذ الحدودية العراقية، ولا تعود وارداته للحكومة، إضافة إلى وجود عمليات الفساد الكبيرة، والمليشيات مستفيدة من المنافذ غير الرسمية).
يمتلك العراق نحو 22 منفذا بريا وبحريا، تقع غالبية المنافذ البرية على الحدود العراقية الإيرانية البالغ طولها 1458 كيلومترا، تسيطر المليشيات التابعة لإيران على غالبيتها، بينما يقع جزء من هذه الحدود في إقليم كردستان العراق ضمن حدود محافظات السليمانية وحلبجة ومحافظة أربيل، حيث يحتضن الإقليم 10 منافذ حدودية، 5 منها غير رسمية (لا تعترف بها الحكومة الاتحادية في بغداد)، و5 منافذ رسمية هي إبراهيم الخليل مع تركيا قرب بلدة زاخو في دهوك، ومعبر بيشخابور مع سوريا الواقع غرب محافظة دهوك، و3 معابر مع إيران هي معبر حاج عمران شمال شرقي محافظة أربيل، ومعبر باشماخ قرب بلدة بنجوين شرق محافظة السليمانية، بالإضافة إلى معبر برويزخان بالقرب من بلدة كلار الواقعة جنوب محافظة السليمانية.
ويشير “تقرير اللجنة المالية إلى وجود عدد من المنافذ غير الرسمية التي كشف عن أن “عددها 7 منافذ، 5 منها في إقليم كردستان، ومنفذ واحد في مدينة العمارة على الحدود العراقية الإيرانية، ومنفذ آخر في محافظة الأنبار باسم منفذ الإمام علي، إضافة إلى وجود مشكلة في ميناء أم قصر الشمالي في محافظة البصرة” ..
وكشف حسن العاقولي، رئيس تحالف سائرون المدعوم من مقتدى الصدر، في مؤتمر صحفي عقده في مبنى مجلس النواب العراقي، ، عن ( وجود منافذ حدودية غير رسمية وأخرى لا تمتلك وثائق، وذلك بإدارة عاملين لا يمتلكون تراخيص رسمية من الجهات المعنية، فضلًا عن أن بعض الجهات المسلحة تتدخل في عمل المنافذ البرية والبحرية). ووصف حسن العاقولي المخالفات التي تحصل في المنافذ الحدودية العراقية أنها ( مخالفات تمس سيادة وأمن العراق والعدالة الاجتماعية للشعب العراقي، وتمس المنتج الوطني وهيبة الدولة العراقية)، داعيا الحكومة العراقية إلى الحد منها .
ومن بين المنافذ التي ورد اسمها في تقرير المالية النيابية، ميناء أم قصر الشمالي في محافظة البصرة، ويعتبر أكثر الموانئ العراقية نشاطا حيث تشير إحصائيات رسمية إلى أن وارداته الشهرية تتجاوز الـ 30 مليون دولار أمريكي، لكنها خاضعة لسيطرة المليشيات الإيرانية. وهذه الواردات تحول إلى حسابات قادة المليشيات، وإلى الحرس الثوري في إيران، وأكد تجار عراقيون لـوكالة “العين الإخبارية” أن ( شاحناتهم المحملة بالبضائع لا تتمكن من الخروج من الميناء إلا مقابل دفع مبالغ مالية للمليشيات الإيرانية التي تسيطر على مداخل الميناء ومخارجه، إضافة إلى النقاط الجمركية التي تنصبها خارج الميناء)، كاشفين عن أن الإتاوات التي تفرضها المليشيات على هذه الشاحنات تصل إلى ألف دولار لكل شاحنة تخرج من الميناء المذكور.
انتهى في 26/6/2019
للمقالة بأقسامها الثلاث مراجع وإحالات وهوامش