في كلمته مساء الاربعاء 6 / 8 قال نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية ولايته ( أن أختيار رئيس وزراء غيره سيفتح أبواب جهنم امام العراق ) ورئيس الوزراء مولع بمثل هذه العبارات حين يخاطب العراقيين مهددا أياهم ومتوعدا من يقف في طريق ولايته الثالثة فقد سبق أن خاطب سنة العراق بعبارة ( بيننا وبينكم بحور من الدماء ) ومرة وصف المظاهرات السلمية في الانبار بالفقاعات ومرة بؤرة الارهابيين ، مع أن تأريخه حافل بالاعمال الارهابية وتفجيرات لمؤسسات حكومية وغيرحكومية يوم كان في المعارضة ، وأعتقال الابرياء وتعذيبهم وزجهم في السجون العلنية والسرية كسجن مطار المثنى وغيره من السجون وهو في سدة الحكم ماسكا بيده جميع مناصب الدولة الاساسية والحساسة وهي ( رئاسة الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع ورئاسة جهاز المخابرات ) ، مصرا على الولاية الثالثة مهددا بمثل هذه العبارات حتى رئيس الجمهورية ان لم يكلفه برئاسة الحكومة القادمة مسخرا ما لديه من سلطات مطلقة وتسلط على القضاء حتى يستجيب لرغباته ، وعنده في القضاء من باع ضميره راضخا ومستسلما لولي نعمته دون أعتبار لقدسية هذه المهنة والقسم الذي أقسم عليه بأعلاء كلمة العدل والقانون يوم ذهب عام 2010 الى ما اراد المالكي لكي يحرم اياد علاوي رئيس القائمة الفائزة باعلى الاصوات في انتخابات 2010 بتفسيرات يتجرعها اليوم المالكي نفسه . ومعه وزرائه ونواب ائتلافه المستفيدين من رئاسته والذين استغلوا رئاسته وباتوا يدركون ان ملفات الفساد والاستغلال ستفتح يوما ما وهو ليس بالبعيد ، والان ماذا جناه
العراقيون في هذه العشر سنوات . نبدأ بماذا بالامن : بالامن المفقود والتفجيرات التي تحصد العراقيين ، وأكثر من نصف مساحة العراق خارج سيطرة الدولة وقواتها المسلحة التي اشرف بنفسه على دمج الميليشيات الطائفية فيها خلافا لكل المفاهيم العسكرية العراقية التي تكرست عبر تأريخ طويل من بناء الجيش العراقي ، وانعم عليها الرتب والرواتب ولهذا فقد انهارت بسرعة وهرب كبار قادته في اول مواجهة عسكرية مع بضع مئات من المسلحين في الموصل وديالى ( ومن المحزن ان يكتب المرء هذا عن تأريخ حافل لجيش البطولات عبر تأريخه الطويل وقادته العظام من جعفر العسكري الى عبد الجبار شنشل وسلطان هاشم فيي مثل هذا اليوم الاغر الذي تصدى به ببطولة لسموم الريح الصفراء القادمة من الشرق ودحرها يوم 8 / 8 / 1988 ) ، اما أجهزة وزارة الداخلية واالتي يشرف عليها والتي لم تحقق أمن المواطن فمع كل تفجير يطلع من الساسة والنواب وشركاء السلطة من يتهم هذه الاجهزة بانها مخترقة من الارهاب ، وفي نفس الوقت فانها تتعاون وتنسق مع الميليشات الطائفية التي اصبحت اليوم تتحكم وتتجول في احياء بغداد بحجة دعم الجيش وقوى الامن ( خاصة بعد دعوة السيستاني ) وهذه الميليشات تاريخها اسود بخطف وتعذيب وتصفية الكثير من شباب العراق . الخدمات والبنية التحتية متدهورة ولم يجري اي تحديث لها ، ولم تقم الحكومة بانجاز اي مشروع زراعي او صناعي او خدمي رغم المليارات التي تدخل خزينة الحكومة ( وخير مثال على ذلك مشكلة الكهرباء التي يعاني أهل العراق جميعا وان بدرجات متفاوتة من أنقطاعها المتكرر رغم تصريحات المسؤولين الكاذبة ) . أما عن الفساد الذي أستشرى باجهزة الدولة فقصته طويلة بحيث أصبح
مادة دائمة تتداوله تقارير المنظمات الدولية واجهزة التفتيش الامريكية فالعراق في مقدمة الدول التي تعاني من هذه الافة فقد صنفت تقارير منظمة الشفافية الدولية العراق رقم 169 من بين175 دولة في تفشي الفساد تليها فقط افغانستان ومنيا مار والصومال وقالت المنظمة في أستطلاع لها بأن 56 % من الذين استطلعتهم قالوا بأنهم دفعوا رشوات لانجاز معاملاتهم في الدوائر الحكومية ، رئيس مفوضية النزاهة السابق القاضي راضي الراضي قال ان عدد المطلوبين في قضايا الفساد من درجة مدير عام فما فوق بلغ 977 ولم نتمكن من القبض الا على 33 منهم ، وأضاف ان وزارتي الدفاع والداخلية هي الاكثر فسادا ( المالكي يتولى الوزارتين ) تليها وزارة الصحة والتجارة والمالية والتعليم ، . رئيس لجنة النزاهة في البرلمان من جانبه يقول أن الفساد منتشر في كل مؤسسات الدولة ، وأتهم احد أعضاء اللجنة المالكي بالتستر على الفساد وقال بانه منعه من أحالة أي وزير أو مسؤول حكومي للتحقبق دون أذنه ، ويؤكد كلام النائب تدخل المالكي وبأمر مباشر منه لتهريب وزير التجارة السابق فلاح السوداني بعد أن أنفضحت ملفات فساده وأحالته الى القضاء ، المالكي بارع في أستخدام هذه الملفات حيث يحتفظ بها لنفسه ويظهرها لابتزاز وللايقاع بمن يرفض التعاون معه والاستجابة لرغباته وهو ما فعله مع طارق الهاشمي ورافع العيساوي ومع مسعود برزاني الذي أتهمه بأحتضان الارهابيين على حد وصفه . وتتناول تقارير الفساد ثلاثة قضايا هامة وهي البطاقة التمونية التي تهم جموع المواطنيين وقضية البنك المركزي ثم صفقة الاسلحة الروسية التي فاحت رائحتها وحاول ابطالها التملص منها وبالتالي الغائها . وفي ندوة عن الفساد نظمتها جامعة دهوك تحدثت باحثة اكاديمية عراقية قائلة أن السبب الاهم للفساد في العراق هو سوء أستخدام السلطة والمراكز الحكومية ،
وزارة الخارجية الامريكية أعترفت بأنتشار الفساد الاداري والمالي وأقر منسق شؤون العراق في الخارجية الامريكية وجود وثائق كثيرة عن الفساد في العراق ولكنه قال بأنه لا يمكنه الكشف عنها علنا . ولعل التقارير الصحفية التي تحدثت عن الضمانات القانونية التي طلبها المالكي ( في حالة عدم فوزه بالولاية الثالثة ) لنفسه وأعضاء مكتبه وحزبه ومستشاريه وأقاربه خير دليل على حجم الفساد الذي يعشعش في جميع مرافق الدولة في العشر سنوات من حكمه . وقد يكون أيضا أحد أسباب أستقتاله للحصول على الولاية الثالثة . وبالنتيجة يحق لنا أن نتسائل مع القاريء والمتابع للشأن العراقي ماذا تحقق للعراقيين في هذه العشر سنوات من حكم المالكي غير المزيد من الازمات التي يقر حتى حلفاء المالكي أنه بارع في افتعالها والتي أوصلت العراق الى ما هو عليه من تفكك وأزمات طاحنة وتدخلات خارجية .