19 ديسمبر، 2024 1:54 ص

عشر ساعات هزت “المجاري”

عشر ساعات هزت “المجاري”

لاصوت يعلو على صوت المجاري ..كل شئ من اجل المجاري. كبار المسؤولين تركوا مكاتبهم الفارهة والمفروهة ولبسوا”الجزم” ونزلوا الى الميدان. لكن لا لكي يثبتوا انهم “قول وفعل” عند اشتداد الازمات بل لكي يطبقوا على ارض الواقع المثل القائل “يجد ابوكلاش وياكل ابو جزمة”. حتى عند اشتداد المطر وبينما الناس غرقى وما هم بغرقى نائمون على السطوح في زمهرير الشتاء فان “جزم” السادة المسؤولين “تبرج” كما لو كان  مطرها من نوع اخر غير المطر الذي هطل علينا وعلى من تبقى من عباد الله الصالحين.
 هذا المطر الذي فاجأنا هاطلا عنوة  اخر العام الحالي واواخر السنوات العشر من سني  “العراق الجديد” كان الاول من نوعه منذ  ثلاثين عاما حسبما تقول جهينتنا الانواء الجوية التي عندها الخبر اليقين. كانت المفاجأة اكبر من كل الاستعدادات. اعتدنا على امطار “تتشاقى” معنا و”تلعب” حتى  على الانواء الجوية نفسها. لم  “يتكتك” على الشباك حسب نظرية كاظم الساهر. ولا هو من نوع “حجيك مطر صيف ما بلل اليمشون”. لا هذا مطر “مو لعب اجعاب”.. داهم غرف نومنا وصالاتنا وهولاتنا بعد ان امتلات “منهولاتنا” وكل منهولات الوطن الاتحادي الفيدرالي الموحد لعشر ساعات متواصلة جعلت المجاري تتصدر نشرات الاخبار بمن فيها خدمة الاخبار العاجلة على هواتف المواطنين النقالة. ومن بين المواطنين من حمل على نقالة وسفينة تايتنك “زغيرة” في محلته بين بيته وفرن الصمون. 
  المطر الذي تغنى به  السياب في انشودته الخالدة “انشودة المطر” جاعلا من حركة المزاريب اغنية حزينة ” اتعلمين اي حزن يبعث المطر؟ وكيف تنشج المزاريب اذا انهمر؟”  حولنا في غضون عشر ساعات الى “اضحوكة” . نعم اضحوكة يا ابا غيلان. المطر الذي خلع عليه ابو تمام اجمل الاوصاف واعذبها .. “مطر يذوب الصحو منه وبعده صحو يكاد من النضارة يمطر.. غيثان فالانواء غيث ظاهر لك وجهه والصحو غيث مضمر” تحول عندنا الى فضيحة وطنية مثله في ذلك مثل المصالحة الوطنية والكهرباء الوطنية والاحزاب الوطنية والشعارات الوطنية والحفاظات الوطنية الخالية من الجفاف.
 المواطن العراقي وطوال السنوات العشر الماضية ظل مطالبا من قبل وسائل اعلامه الوطنية ان يرفع راسه حين يمشي لا لشئ الا لكونه عراقيا “ارفع راسك انت عراقي” .. بات اليوم مطالب ومن الوسائل الاعلام  نفسها وعلى عناد قطر وتركيا ان يخفض راسه بحثا عن المجاري التالفة لاصلاحها بعد ان ياسنا من الاصلاح السياسي فالمواطن اذا ما اراد ان يامن على حياته  من الان وحتى ثلاثين عاما قادمة يتوجب عليه ان “يجيك” المجاري بدء من “خط زبلن” الذي لايعرفه الا  الزميلان هاشم حسن وطه جزاع والسيد امين بغداد السابق وحتى خط التالوك في شط العرب. اما من يروم دخول السلك السياسي مستقبلا  فلابد له من دورة مكثفة حول مشاريع البنى التحتية والصرف الصحي. ومن يدري فقد تتغير اللافتات والشعارات وربما التكتلات والائتلافات مستقبلا بعد ان صارت مقاييس النجاح والفشل مرهونة ليس ببدلة المسؤول وربطة عنقه  بل بـمدى مقاومة .. جزمته للامطار.

أحدث المقالات

أحدث المقالات