منذُ عشرة أعوامٍ والدمِ العراقي لا زال في نزيفٍ مستمر
منذ عشرةِ أعوامٍ والهوية العراقية مهددة بمؤامرة سرقة ملامحها التي تمتدُ الى سبعةِ آلاف سنة في عمق التاريخ .
ومنذ عشرة أعوام نرفض قبول الواقع . ونرفض الآخر . ونرفض الحياة الجديدة للعراق .
فامتهن الرافضون لغة العنف .. التي ما فارقت الشارع العراقي الى يومنا هذا .
والمفارقة الكبيرة .. برغم كل انتقاد البعض (لأوربا ) والمثالب التي يحملها أصحاب الفكر اليميني المتطرفة عن بلاد الغرب . لم تشهد ان طلابا في المراحل الابتدائية بعمر الورد يذهبون مشياً لمقاعد الدراسة وقبل ان يصلوا الى مدارسهم يُقَطـِعُ العنف الدامي أقدامهم (الترفه) بانفجار السيارات الملغمة . والأحزمة الناسفة . والعبوات . وشظايا الخراب ليجلسوا متأملين شرايين وعظام أقدامهم كيف تتلاشى .. ولم يعودوا قادرين على العيش في هذه الحياة . لا على السير مرةً اخرى ..
لغة العنف التي أصبحت لغة الشارع العراقي تستطيع وبكل سهولة ان تقتحم البيوت والمساجد والكنائس ودوائر الدولة وكل مرافق الحياة . لا يوجد خط احمر للعنف في بلدي. الكل تحت براثن الموت
والعجيب ان من شعارات الإسلام الأزلية ( تراحموا فيما بينكم ان الله ارحم الراحمين ) .
وهنا يتساءل المواطن في أوربا . هل الانتحاري الذي فخخ السيارة وفجرها على الأبرياء . وجهز الحزام الناسف وفجره . والذي حطم الإرث الحضاري بالعبوات الناسفة. كان من الديانة المسيحية ! او ارمني المذهب او صابئي او هندوسي او عَـلهُ ينتمي الى اي ديانة أخرى غير الإسلام !! .
وأجيبهُ بألمٍ شديد .. بل اقسم بكل الديانات السماوية أمامه . ان الذي فَجَرَ السيارات الملغمة (مسلم)
والذي قتل الناس بحزام ناسف (مسلم)
والذي قَطَعَ أرجل الأطفال (مسلم)
والذي انتهك حرمة الناس (مسلم)
فيا ايها المسلم القاتل في العراق لعنة الله عليك وعلى الأفكار التي تحملها اذا كان إسلامك يسمح لك ان تُزهق الروح التي حرم الله قتلها..
القاتل في بلدي مسلم . والمقتول أشخاص من جميع ألوان الطيف العراقي مسلمين وغير مسلمين .
فهل مِنْ مستمعٍ لنداء العقل ….. إخواننا في الدين واللغة والوطن … إننا نوقظ همم الغيرة فيكم . بجميع أطيافكم المعارضين والمنشطرين المتعصبين والمسامحين المغفلين والجاهلين او المتجاهلين لخصائص تراثكم العربي الإسلامي . أو ضحايا الوضع الراهن
لابد من رجوعكم لرؤية الطريق المضيء لتكتشفوا عيون ذاتكم وتتذكروا ان الوطنية والكرامة قد تبقى كلها مظاهر خلابة وأشكالا جوفاء إذا هي لم تستند الى رؤية حضارية أصيلة ووعي بمقومات الكيان الأخلاقي والفلسفي واستيعاب فكرة العراق وطن للعراقيين ولابد من ارتوائكم من مناهل الفكر الناضج المتواز والأخذ بكل أسباب العصر للظفر بالحلول الجذرية للمشاكل المستعصية التي يطرحها علينا المحيط الفكري المتطرف .
إن استمرار نزيف الدم العراقي يُنبئ بأعاصير تقتلع الأخضر واليابس وان امواج الغضب المنحدرة من أعلى منابع اليأس الى مصبات الموت الأزلي مصحوبا بعويل الأمهات ودموع الشيوخ يوقد جذوة الجمر الكامن في داخل الفكر الأعمى من دونما الرجوع الى أية ضفة من ضفاف الأمن