أن غياب الثقافة العلمية المعاصرة عن مجتمعنا العراقي الجديد، وما يدور من تنظير لثقافة الحزن والبكاء و الطاعة العمياء لبعض رجال الدين.. ساهم في نشوء ظاهرة التبذير وتعطيل العمل وخلق شعارات غريبة لشعب يحكمه الملل والانفلات الأمني والمجتمعي.
وكانت نتائج ذلك انحسار مساحة الحريات، وإصابة الحياة بالجمود والشلل ..حتى الحكومة العراقية أصبحت متفرجة على الأحداث وتقدم الدعم اللوجستي لكذا مشاريع غير إنتاجية.
ومن نتائج ذلك صرف مليارات الدولارات على الاخرين ..وهذا يتجلى من خلال مبيعات سوق العملة اليومي للبنك المركزي العراقي هذا الايام والتي تجاوزت ال ربع مليار دولار يوميا.
المتأسلمون الجدد ، حولوا خطابهم إلى نَواح مزمن يتلذذ به بعض المغفلين ومن قليلي الدراية.. من دون انتباه إلى أن بقية الناس قد يقعون فريسة لهذا النُّواح الذى سرعان ما ينقلب نحيب ثم مهارشةً ثم مكافحةً ثم صراعاً، مع أن أساسه وهمى تماماً.
أن سوء إدارة البلد أفرزت هكذا سلبيات في وضع ضوابط جديدة لأداء مناسك الزيارات المليونية التي ارهقت العراق والعراقيين وكذلك إيران.
فأينما تنتشر الاحزاب المتدينة والفصائل المسلحة ينتشر الجهل والخرافات والعادات والتقاليد الموروثة من عفن التاريخ .
لقد اصبح الرجال يلطمون وينوحون كالنساء , فمن يقدم لنا محاضرة دينية علمية كما فعل الشيخ الوائلي وحسين الشامي رحمهما الله تعالى برحمته الواسعة ؟.
لقد أصبحت النساء أشرس من الرجال وأكثر تمرداً منه, لأنهن يمشين سيراً على الأقدام من مدنهن الى مدينة كربلاء قاطعات مئات الكيلو مترات , دون أن يكون معهن رجل أحياناً.
والكثير منهن يعًرضن أنفسهن في مواقع التواصل الاجتماعي وكأنهن ذاهبات الى حفلة زفاف عائلية في أحدى قاعات الأعراس الكبرى.
يجب تنظيم زيارة الأربعين بأسلوب حضاري جديد لأن مدينة كربلاء المقدسة والمدن الأخرى لا تستوعب اعداد كبيرة , وعليه تكون زيارة الأربعين للأجانب كل خمس سنوات , لفسح المجال أمام الآخرين لأداء تلك الزيارة بأسلوب مرن دون التأثير على الآخرين من جهة وعدم تأثيرها على السوق المحلية العراقية من جهة أخرى.
وعلى العتبة الحسينية وضع مكبرات صوت لبث تلاوة من الذكر الحكيم لتوعية الأخرين بأهمية القرآن في حياة المسلمين , بدلاً عن اللطم والبكاء والعادات غير المبررة من البعض من أدخال الجمال والخيول في الشوارع والتبرك بها من بعض المغفلين.
فلو بحثت عن كلمة “أكثر الناس” في القرآن لوجدت بعدها
( لا يعلمون – لا يشكرون – لا يؤمنون ).
ولو بحثت عن كلمة ” أكثرهم ” لوجدت بعدها
( فاسقون – يجهلون – معرضون – لا يعقلون – لا يسمعون ).
فكن أنت من القليل.
﴿ وقليل من عبادي الشكور ﴾.
﴿ وما آمن معه إلا قليل ﴾.
﴿ ثلة من الأولين وقليل من الآخرين ﴾.
وكما قال المفكر الجزائري مالك بن نبي 1905- 1973( أذا أردت أن تهدم حضارة, أحتقر معلماً , ,واذل طبيباً , وهمش عالماً, وأعطي قيمة للتافهين ).
أذن كيف يمكننا أن نهدم الفئات والبنى الفكرية الجامدة والغامضة والمغلفة بالأساطير والأوهام والخرافات؟ .
كيف يمكن للوعي الإسلامي، قديمة وحديثه ومعاصره، أن يتحرر من قيوده ، وأن يُّسمح له بالتنفس بحرية ؟ .
كيف يمكنك الخروج إلى عالم جديد وواسع ومتغير باستمرار؟ .
ما هي الخيارات التاريخية التي تتيح لنا تحرير أنفسنا والآخرين؟ .
كيف يمكننا الانتقال من التفكير المتجانس إلى التفكير المتنوع والملون؟.
كيف ننتقل من الطوائف والقبائل والمناطقية إلى الدولة والمجتمع المدني؟.
كيف ننتقل من حكومة الله (لا حكم إلا لله) إلى حكومة الشعب الواحد؟.
كيف يمكننا استئصال العنف من ثقافتنا الموروثة، وطريقة تفكيرنا، وسياستنا، ومجتمعاتنا، وأفكارنا الدينية؟ .
هذه الأسئلة بحاجة الى إجابات وحلول جذرية.
لذلك أرى :
ما يولد التطرف المذهبي هو الجمود الفكري والطروحات المقدسة، غير أن الذي يستثمر الإيقاع على مستوى الرقة، تكون كلمته مساهمة في نوع ما من التوسع الذهني ذات كلمات تشبه الندى على وردة، لتزهر وتنمو، عبر ليونة اللفظ وسلاسة البناء.
إن الحراك الثقافي التنويري مقابل الخطاب الطائفي المتشنج، تتطلب الكثير من الصبر والمطاولة مع أناس متطرفين مغسولي الدماغ , اعتادوا على عادات وتقاليد يومية وسنوية غرسها في نفوسهم كهنة المعبد , قد يسيئون اليك بطريقة ما من خلال مواقع التواصل الاجتماعي, مما يتطلب نقل هؤلاء الى غرف الإنعاش وتزويدهم بأوكسجين الذكاء الإصطناعي والثورة الرقمية , وبالكلمة والمسار الحركي لمواجهة الواقع المتردي المعاش , حتى يدرك الجميع واقعهم بما يلزم من ايحاء خيالي واسع المعنى عميق المضمون.
كاتب وأعلامي