بعد دهور من لامبالاتنا البلهاء
بعد طَمْرنا ما اجترحوا
من معجزات العطاء!
ملء دهشتهم الطازجة العذراء
من أقصى تخوم الإحباط
سينهض عشاق الوطن الشهداء!
ليشهدوا ما فعلناه بأطفالهم
لما غضضنا الطرف عنوة
عن دمعهم المر الغزير
ونحن نعبر الشارع الكبير
موغلين في انشغالاتنا الصغيرة
غير مبالين بمآلهم المجهول
كيف ترى خُنّا وطن الضمير
و”نسينا” عشاق الوطن الشهداء! ؟
هم الذين من أجلنا
سلكوا الدروب الشوكية
تجرعوا أجوام العذاب
كيف طوينا كتابهم الناصع
و تنكرنا لحلمهم الرائع
بوطن حر سعيد! ؟
بعد أن حملناهم على مناكب النشيد
وغمرنا هاماتهم بأكاليل النصر المجيد
هل نتصورهم الآن
نازفين دهشة سؤال عنيد:
كيف نسجنا من جحودنا الجلف
شعارا يطيل عمر العسف
ولم يحركنا خيط من خجل
ونحن نعبر الطريق التي عبروا
ولا نستشف نبض خطاهم الأخوية/
مؤشر بوصلتهم المعطاء! ؟
كيف تركنا صوتهم الطفلي يذوي
فوق رصيف شرودنا المشبوه/
بين أضراس الصقيع! ؟
كيف تلكأنا
عن مباركة شموخهم الأسطوري
كيف تورطنا في أكذوبة (النسيان) ! ؟
***
برؤياهم الشفيفة المعشبة
يشرعون نوافذ الأمل
لغد من نور لا تدركه
رؤيتنا المكسورة المتعبة
من فرط حروب الظلام
هنا الآن
حيث حضورنا الموغل في الأوهام
فائض من شحم الغياب
هنا الآن
حيث نحن سماء منزاحة
عن وجع يحرث التراب!
***
من فرط غضبهم على الذي تجلَّى
قناعا بديعا للأدعياء!
سينهض عشاق الوطن الشهداء
من أتون الصدق عرايا
ملء جنون العشق مرايا
لعيد لا يحزن فيه الفقراء!
هي تضاريس الزمن الصعب لقَّنتهم
درس القفز على الأسوار اللامرئية
فمنذ اصطدموا بسور الحقد البهيم
اكتشفوا نجمة فريدة
كلما طاروا نحوها سمت
هي الآن في عنان السماء
من هناك تبعث الرسائل
وتدعوهم للإنتباه!
لذا لا يكفون
عن تجرع الفناجين المريرة
ليكابدوا عذاب السهر
من أجل فجر حقيقي
يجسد حلم الفقراء!
***
هكذا يستعيدون رجاء الأغنيات
هكذا يستعذبون نداء الأمنيات
وما أن تدغدغهم نسمة حنون
حتى يغرد طير الصباح
فيستقرئون افتتاحيات صحف
تستمرئ النصب على الحلم بالتغيير
فتركب أرجوحة التبرير
لينفثوا جمر الغضب
ضد الجبن و الكذب! !
***
لأنهم العاشقون
للؤلؤة الرؤيا
بمحض عشقهم يوغلون
بدغل فادح القسوة
لأنهم العارفون
بشساعة الصمت
و فظاعة الكبت
وبكل ما ترعرع في حضن المُسَلَّمات
بجنون الإقتناع/الإصرار
يشقون صدر ليل الكذب
لنهار من قلب الحقيقة!