الحرية بالمعنى الواقعي، تعني تحرير الإنسان من عبادته للطواغيت والشهوات، والتي تقوده الى الرعب والإرهاب، ولكن أن يتلاعب الخصوم بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة وحتى الخفيفة، في حل النزاعات العشائرية، فهذه ليست من الحرية في شيء!.
إذا علمنا أن المادة 21من شريعة حمورابي القانونية، تحدد عقوبة الرجل القائم، بإحداث فوضى من أجل السرقة أو القتل، فإنه يعدم أمام الناس الذين أوذوا، ويدفنوه داخل جدار صاحب البيت المسروق أو المقتول، أفحكم الجاهلية تبغون؟.
عملية إقتلاع الإنسان من جذوره، ومنعه من الحياة لسبب عشائري أيما يكون، هو قتل للنفس التي حرم الخالق المساس بها، وكأنما قتل الناس جميعاً، لذا فنحن لا نريد عشائر بلا ضوابط إنسانية وأخلاقية ودينية، ولا نريد مشاكل تتعاظم لتصبح أزمات، يدفع ثمنها الأجيال برجالها ونسائها وأطفالها، فيضعف من الأواصر والعلاقات العشائرية بين أبناء المنطقة الواحدة، ثم أن مخاطر الإحتراب العشائري ليست أقل عنفاً من الإرهاب، بل قد تكون نتائجها خطيرة.
العشائر العراقية الأصيلة يشهد لها في المحافل الاجتماعية، بأنها تنحت في الصخر، وتغرف من البحر، حتى تعاد العدالة والحقوق الى نصابها الصحيح، عندما يصرون على فك النزاعات والإحترابات، وهذا نابع من التأثير العقائدي والتقارب المناطقي والفكر الإصلاحي، الذي يحمله أهل الحل والعقد والخبرة في مجمل القضايا الوطنية، وبالتالي تقوية روح المواطنة، والإنتماء وعدم إشاعة الفوضى، بأي شكل قد يؤثر على صور التلاحم العشائري، والذي عرف به أهل العراق ماضياً وحاضراً.
ثقافات مستوردة، وظواهر غير مقبولة، وأحكام ليست من الدين في شيء، ولكنها أخذت تنتشر هذه الأيام، بسبب الجهل المقدس، الذي يصر عليه الطرف الباطل، حينما يلجأ الى إستخدام الأسلحة بأنواعها، لترهيب الناس، وقد يحدث ما لا يحمد عقباه.
إذا تطورت الأمور، ويتحول الإحتراب الى معارك طاحنة، يذهب ضحيتها كثير من الأبرياء، بحكم درجة القرابة من مثيري النزاعات، فيصبح إعلان الوفيات لا عن مرض أو حادث إرهابي، بل لتقاتل عشائري مقيت، وهو أخطر من الإرهاب نفسه.
حان الوقت لتتكلم العقول، بدلاً من الأسلحة في الجلسات العشائرية، وتطرح الحكمة والموعظة من أفواه العقلاء، لا من ألسنة مجانين اللحظة أصحاب الإبتزاز المادي، وكأنهم أعجاز نخل خاوية لا تثمر إلا شراً، ولمزيد من الدماء والأحقاد، ولتزداد الأوضاع تعقيداً، لذا ندعو من منابرنا بضرورة توعية العشائر، وفضح المشروع الخبيث الذي يقف من ورائه الفاسدون، فنحن بأمس الحاجة الى التواصل والتلاحم، ولتجعلوا أنفسكم ميدانكم، كما أوصاكم إمام العدل علي (عليه السلام).