إن الأمم تحيى بتخليد قادتها وزعماءها, وحفظ تاريخها, ومن يتجرد من الواقع, لا يمكن له أن يتجاهل التاريخ, فالمواقف التي ذكرها القران الكريم للأنبياء والصالحين, عندما نتناولها لا نشعر بروحيتها, إذا لم نواجه مثيلاتها في حياتنا, فمواجهة الطواغيت والجبابرة؛ تعد من أسمى ما يقدمه العظماء لأممهم, وهكذا كان آل الحكيم.
الحديث عن السيد عبد العزيز الحكيم؛ مورد اهتمام كبير لمواقفه الرائدة, ابتداءاً من مشاركته بالمحافل السياسية, لاسيما مؤتمرات المعارضة, التي وجهت أنظار الرأي العالمي على ممارسات النظام السابق, وحضوره الفاعل في مؤتمر لندن, واجتماعات واشنطن للتنسيق الكبير لإنهاء معاناة الشعب العراقي الجريح, وخلالها كان السيد الحكيم يمثل محور العمل السياسي للقوى العراقية بكل فصائلها, ونقطة التقاء المتشاورين في الشأن العراقي.
كان عزيز العراق يحمل هموم الوطن, وتطلعات أبناءه, ينهل السياسيين كافة من آراءه تحديد ملامح مستقبل البلاد, منذ وطئت أقدامه أرض الوطن, كان الحكيم عنواناً بارزاً في قيادة الأمة, باعتباره امتداداً للمرجعية الدينية, ولأدوارها المهمة بدعم المشروع السياسي الجديد, ورؤيتها في مشروع بناء الدولة, أصبح محوراً رئيساً للعملية السياسية, وقطب الرحى فيها, فلا وجود لأي مشروع يضاهي مشروع الحكيم السياسي.
كونه الامتداد الطبيعي لرؤية أل الحكيم السياسية والعقائدية, التي قدموا من أجلها ما لم تقدمه عائلة سياسية أو دينية, فالحكيم؛ بقية السيف والشهادة باستحقاق لأسرة المرجع الأعلى الإمام محسن الحكيم, وما تمتلك هذه الأسرة من خصوصية في علاقتها بالأسر العراقية, وطبقات المجتمع العراقي كافة؛ بوسط العراق وجنوبه والطوائف والأقليات الأخرى, جعلت منه يتمتع بتأثير كبير في كل الأوساط؛ الرسمية والشعبية.
لذا كان للسيد عزيز العراق دوراً فاعلاً في إخماد الفتن؛ السياسية والمذهبية والمناطقية, وإطفاء نار الحرب الطائفية والأهلية, التي كان يخطط لها الأعداء, إن تكون بين أبناء الشعب العراقي, كما سعى لتقديم تنازلات متعددة من استحقاقات تيار شهيد المحراب الانتخابية, من أجل نجاح المشروع الوطني في بناء دولة العراقية الحديثة, وضمان الاحتفاظ بحقوق الأكثرية, من خلال سياسة التوازن الداخلي والإقليمي.
كان لرئاسة عزيز العراق؛ للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي, دوراً مؤثراً في إسهاماته بالانفتاح على الجميع, ومد جسور التواصل لبناء علاقات سياسية متميزة, تساعد الحكومة العراقية آنذاك للخروج من التقوقع الحزبية, ولا تختصر على مكون معين أو حزب واحد, إنما تتبنى علاقات وطنية مع الطوائف والأقليات العراقية كافة, فأسس السيد الحكيم علاقات متينة مع المحيط الإقليمي, ساعدت العراق على تعزيز وجوده.
لذا نقول؛ إن ما قدمه آل الحكيم من مشروع سياسي, لم يكن مجرد حبر على ورق, وهذا ديدن ما يتركه أصحاب المشاريع في العالم, حاله حال الرسالات السماوية؛ إذا هجرها الناس, لا يمكن توجيه اللوم لحملة المشاريع الإنسانية, إنما العبرة في تطبيق المشروع, وإلا ما الفائدة من هجر المشروع واستهدافه.