العجب من إنسان لا يعرف ما يريد ويفعل ما يريد وهذا ما يسمى بغريب الاطوار، والاغرب من ذلك يتبعه التابعون، لا نعلم كيف يهتدون بهديه ويتبعون خطواته وهو لم يجد ضالته بعد، ولا يعلم ماذا يريد، لكن العجب بمن يتبعه وسلم عقله ليتحكم به كيف يشاء، وعند المحاججة تحصل الكارثة.
ماذا نقول وبماذا نصف إنسان باع عقله وحضه لإرضاء غيره لا لنفسه، كما كان جلاوزة السلاطين في العهود السابقة يفعلون ذلك، حين باعوا دينهم ودنياهم لأجل غيرهم، وهذا ما يحصل الآن، عندما تدع غيرك يلون حياتك بقلم اسود اكيد ستكون النتيجة سوداوية.
اعظم ما خلق الباري جل وعلى هو العقل، حين اجرى له الأختبار وأجتازه بجدارة قال بك أثب وبك أعاقب، إذاً اعظم ما يملكه الإنسان وما يميزه عن سائر المخلوقات هو العقل، وكما يقال في المثل العام “العقل زينة”، زينة لمن يحسن توظيفه وأستخدامه ويكون وبالاً حين تجري عليه عملية تجميد له.
المعلوم لدى الجميع ان الإنسان يتباين في اراءه ومواقفه، ربما يقول قول او يفعل فعلاً ثم بعد ذلك يجد نفسه غير صائباً في هذا، يعمل بعدها جاهداً لتصحيح ما صدر عنه، لكن إنسان يقول قولاً يؤكد فيه الإلزام ويجزم على ذلك الفعل في كل حين ثم بعد ذلك يعدل عنه، وياليتها كانت الاولى في مشواره، بل على طول خط مواقفه كانت عبارة عن تناقض في تناقض في اللحظة الواحدة، وهذا الإنسان يمتلك العدد والعدة في السيطرة، هذا عقل من يراه مريدوه بالزعيم، إذاً كيف هو الحال في رعيته؟
ماذا يريد؟ لا يعلم ماذا يريد، ولا يعلم الآخرون ماذا يريد، حركاته عبارة عن تخبط عشوائي ترافقه صبيانية العقل، نابعة عن جهل وعنتريات في ابسط المواقف، مستمدها من قاعدته الجاهلة، التي يحركها متى شاء كما يصنع صاحب الدُمى بدُميته.
مواقفه في اللحظة تتغيير حسب ما يرتأيه مزاجه وما تتطلب المصلحة، انا معك وضدك، لا تفهم منه شيء سوى الفوضوية، تارةً يعتكف عن المشهد وسرعان ما تجده في قلب المشهد، يربك الساحة برمتها.. والغريب فيه يدعي رجاحة العقل إضافة في دعواه الزهد والإخلاص مرتيداً ثوب المنقذ للرعية، لخلاصهم مما هم فيه وما يعانوه، وهو جزء من هذه المنظومة التي يعانون منها، بربك استقر، حيرت العقول بك، لا لأنك عبقري زمانك وانما تتميز عن الآخرين بالتناقض، بجهلك أيها الجاهل اختلط الحابل بالنابل لدى العوام، الذين لا يرون سوى اطرافهم، واصبحوا لا يميزون بين الناقة والجمل والفضل يعود لك بهذا.