11 أبريل، 2024 10:32 ص
Search
Close this search box.

عروس عروبتكم… اغتصبها ترامب

Facebook
Twitter
LinkedIn

شاء القدر في إحدى الليالي أنْ أجد فرصة لمطالعة بعض الكتب والصحف القديمة التي ورثتها عن عائلتي، كونها الشيء الوحيد الذي مازلت احتفظ به، بعد رحلة سنوات العنف الطائفي التي فقدت خلالها الكثير، فعثرت فيها على بعض المقالات والتقارير والأخبار التي تتحدث عن شجاعة العراقيين ومواقفهم البطولية في الدفاع عن فلسطين خلال حروب 48 و67 و73 فوجدت فيها مايسر ويشرح الصدر، ابتهاجاً وفخراً بما فعلهُ أجدادنا وآباؤنا الذين أذاقوا الصهاينة كأس الهزيمة والعار على الرغم من عدم قطف ثمار تلك الحروب بسبب مواقف العديد من الدول العربية المتخاذلة والتي ساهمت بشكل مباشر بضياع القدس واستمرار نفوذ المحتل عليها، ولَم أجد في تلك الصحف التي كانت أغلبها عربية وليست محلية، ما يذكر أَيّ دور لدول الخليج في دعم الدفاع عن الأرض المغتصبة أو مساندة تفتخر بها أجيالهم مستقبلاً، على العكس، وجدت فيها انَّ العرب لا يجتمعون إلا على الغدر والخيانة والتعاون مع الأجنبي ضدَّ أشقائهم.

ما دفعني لاستذكار ما قرأته هو إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب “القدس عاصمة لإسرائيل” في خطوة لم يفعلها قبله أيّ رئيس أميركي أو حتّى بريطانيا التي كانت تدير الشرق الأوسط عند قيام اسرائيل، لكن هذا (الترامب) أدرك أنَّ الوقت مناسبٌ جداً كوّن العرب غارقين بمشاكلهم الداخلية وصراعهم الطائفي وكراسي الحكم التي أصبح ثمنها شعوب تقصف بطائرات ومدافع أشقائها بحجة العروبة ومنع التوسّع الفارسي، فالرئيس المهووس بحبِّ المال والتجارة، يعلم أنَّ من يرقص له بالسيف لن يرفعه في وجهه، ومن يجتمع لتشكيل تحالف يسمّيه (إسلامي) لقتل أطفال وشيوخ اليمن بطائراته لن يحرك ساكناً حتى إذا ابتلعت اسرائيل جميع الأراضي الفلسطينية وهدمت مساجدها وكنائسها، لكنه سيغضب وتثور حميته إذا نادت جوامع بغداد ودمشق وصنعاء باسم (علي) وبكت لمقتل (الحسين) وأهل بيته، وسيقول حينها العروبة في خطر وعلينا مواجهة المدَّ الشيعي، أمّا المدّ الإسرائيلي والقدس “فللبيت ربٌ يحميه”.

نعم يا سادة نحن العرب هكذا نقتل بعضنَا باسم العروبة والدين ونتّهم الغرب بتفريقنا، نتحدث عن الحضارة والتراث ونبيع آثارنا لمتاحف لندن وباريس، نتباكى على أرضنا وحكّامنا يبيعونها مقابل كراسيهم وتعهّدات أميركية بحمايتهم، ندعو في مساجدنا لهزيمة إسرائيل ونفرح إذا هاجمت لبنان أو سوريا. سيد ترامب نحن نيّامٌ واقفلنا الأبواب، فافعل ما يحلو لك ولا توقظ حكّامنا، فالليل طويلٌ والقدس امرأة جميلة وأبوها وإخوتها ماتوا منذ مئات السنين، لا تقلق التحالف (العربي الإسلامي) يخطط للثأر من قتلة دكتاتور اليمن علي عبد الله صالح، ولن يرسل طائرة تعكّر مزاجكم، أما فضائياتنا العربية، فمذيعاتها ارتدين السواد حزناً ليس على القدس، وإنّما لعيون صالح. سيد ترامب نحن نعتذر، فلتذهب فلسطين وليحيّا حكّام العرب وتحالفهم..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب