ليست هناك من نکتة تثير السخرية والتهکم والازدراء في الشارع الايراني مثل نکتة الوعود التي يقطعها کل رئيس جديد في إيران يستلم مهام الرئاسة، وقد أصبح الشعب يعرف جيدا کذب وخواء تلك الوعود خصوصا إنه يعلم بأن الرئيس والنظام الايراني برمته أشبه بدمى متحرکة خيوطها الرئيسية بيد المرشد الاعلى للنظام وإن الاخير هو من يحل ويربط وله القرار الفصل.
مع تنصيب الرئيس الجديد ابراهيم رئيسي في أجواء کئيبة تعاني خلالها إيران من أوضاع بالغة الوخامة وتکاد أن تکون محاصرة من کل الجهات، فإن رئيسي الذي تلاحقه تهمة کونه من أبرز أعضاء لجنة الموت التي شارکت في إبادة 30 ألف سجين سياسي، أکد خلال حفل تنصيبه بأنه سيعمل على رفع العقوبات الأميركية المفروضة على بلاده، لكنه شدد على أن تحسين الظروف الاقتصادية لن يكون رهن “إرادة الأجانب”، غير إنه ومن دون شك فإن الشعب الايراني واثق من إن وعد رفع العقوبات مرتبط بتغيير جوهري في مسار البرنامج النووي وکذلك سلوك النظام في المنطقة والعالم کما إن الشعب الايراني لايصدق أبدا وعد تحسين الظروف الاقتصادية التي طالما سمع الکثير من الوعود المماثلة لها والتي کان مطلقها الاکبر خامنئي الى جانب الرٶساء السابقين، ولذلك فإن رئيسي بتصريحه هذا قد أکد على وعد”عرقوبي” مألوف لدى الشعب الايراني وليس فيه من أي جديد.
مجئ رئيسي کما قلنا آنفا يأتي في وقت تشهد فيه إيران أجواء کئيبة وتمر بظروف واوضاع بالغة الصعوبة لم يسبق لها وإن مرت بنظير لها مع ملاحظة إن هذه الظروف والاوضاع بالغة السوء وکل مايعاني منه الشعب الايراني إنما هو بسبب سياسات ونهج النظام المتبع منذ 42 عاما، بل إن تنصيب رئيسي في حد ذاته سباحة من جانب النظام عکس التيار وإصرار من جانب خامنئي على التمسك بالنهج والسياسة المشبوهة للنظام.
تنصيب رئيسي الذي جرى والمجتمعون کلهم في حفل التنصيب وخامنئي في مقدمتهم سمعوا ويسمعون أصداء النداءات والمطالب المتزايدة من جانب منظمات حقوقية وأوساط وشخصيات سياسية بضرورة محاکمة رئيسي عن مجزرة عام 1988، وعدم السماح بأن يکون تنصيبه في هذا المنصب بمثابة حصانة له ولاسيما وإن الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش قد تم إقتياده بتهمة مماثلة أي إرتکاب جريمة ضد الانسانية، ولاريب فإن النظام الايراني الذي يواجه مرحلة حساسة وخطيرة جدا يعلم جيدا بأن الموضشوع ليس بتلك الوسهولة التي کان يتصورها في البداية وإن عليه أن ينتظر مالم يکن يتوقعه وينتظره.