23 ديسمبر، 2024 6:29 ص

عرب العراق انقسموا الى نصفين فصار للكردي مثل حظ العربيين !

عرب العراق انقسموا الى نصفين فصار للكردي مثل حظ العربيين !

من ابرز القضايا التي أقرها الدستور العراقي الدائم هو مطلب “الفيدرالية” والذي لم يكن مطلباً عربياً وإنما جاءت الموافقة العربية بناءً على رغبة التحالف الكردستاني كون الأكراد شريحة واسعة من الشعب العراقي وقد تعرضوا إلى الظلم والاضطهاد من النظام ألصدامي القومي ، اعتقاداً منهم بان سبب مأساتهم هو مركزية الحكم ، و”الفيدرالية” هي العلاج الشافي لتطبيب جراحات الماضي وبناء عراق مزدهر تنعم فيه كل القوميات بحقوقها. وآن لهم أن يتمتعوا بحقوقهم ويجب أن تُحترم إرادتهم.
وواضح انه لا يمكن تجاهل الاختلاف والتنوع والتباين الموجود في المجتمع العراقي أو اجتثاثه تحت أي مسمى وبمختلف تلوناته القومية أو اللغوية أو الطائفية أو الدينية أو “الأيدولوجية” أو الاقتصادية. وهو موجود في كل المجتمعات لكن تبقى قدرة المؤسسات والنظام السياسي القائم على كيفية التوفيق بين هذه التنوعات وصهرها في بودقة التعايش السلمي وبين تمتعها بحقوقها التي تحفظ لها خصوصيتها وهويتها حسب انتمائها الذي يضفي عليها طابعه الخاص.
ومن هنا اعتبرت “الفيدرالية” كإحدى الوسائل لضمان الوحدة الوطنية العراقية بعيداً عن تفرد أو احتكار مجموعة ما للسلطة وممارسة ضغوط معينة تصادر حريات وخصوصيات وحقوق الآخرين من خارج دائرة انتماء السلطة الحاكمة وفئتها وبالرغم من ان جميع الانظمة الاتحادية في العالم جاءت لتوحيد او تجميع ولايات او امارات متفرقة لتصبح تحت نظام واحد اما التجربة العراقية فهي على العكس من ذلك حيث تعتبر تجربة فريدة من نوعها بان يتحول البلد الواحد الى عدة اقاليم وقد تكون هذه الاقاليم مبنية على اسس قومية او طائفية  وترعى هذا النظام حكومة اتحادية.
إلا إن المشكلة في مطلب “الفيدرالية” هي أن الرؤية الكردية “للفيدرالية” بنيت على أساس قومي وليس جغرافيا،   بمعنى ان إعطاء اي تشكيل سياسي يعتمد مبدأ التعدد والتنوع في اللغة والثقافة يكون له حق تنظيم نفسه وإدارة إقليمه بما يدفع و يشجع  –في اقل تقدير- على الانفصال والاستقلال عن الدولة المركزية وتكوين دولة مستقلة جديدة (ستكون دولة جارة للدولة الأم تمارس ما تمارسه دول الجوار معنا الآن) وبناءً على هذه الرؤية فأنها بدون أدنى شك تثير الكثير من الإشكالات وعلامات الاستفهام في الداخل العراقي وفي المحيط الإقليمي خصوصاً بالنسبة (لإيران وتركيا وسوريا) ذات الأقليات الكردية أيضاً مما يوفر لهذه الدول مبررات التدخل المباشر في الشأن العراقي من أجل إيقاف توغل المد القومي الكردي تجاه أراضيها وتحفيز أبناء القومية الكردية في تلك البلدان إلى المطالبة بتطبيق النموذج العراقي في مناطق وجودهم، أو يدفع تلك الدول إلى التدخل لحماية امتداداتها من أبناء الأقليات الأخرى من غير الأكراد (كالتركمان) مثلاً الموجودين في العراق.
وفي الداخل العراقي فان مطالبة الأكراد بال “كونفدرالية” على النحو الذي يريدون (بل هم يتصرفون وكأنه أمر مفروغ منه) يدفع الآخرين إلى إنشاء “فيدراليات” على أسس ضيقة بعيدة عن الانتماء الوطني، فستكون هناك “كونفدرالية” شيعية وأخرى سنية كون العامل الديني أو قُل الطائفي المذهبي له دور كبير في صياغة توجهات المجتمع في مناطق الوسط والجنوب عكس المنطقة الشمالية التي يسيطر عليها الأكراد بصبغتهم العلمانية القومية. وإذا كان الأكراد يطالبون بال “كونفدرالية” على أساس قومي باعتبار أنهم يشكلون الغالبية في المناطق التي يقطنوها من شمال العراق قياساً بباقي القوميات والأقليات الاخرى فسرعان ما يتهافت هذا الإدعاء إذا ما قورنت نسبة الأكراد إلى الأقليات الأخرى في المنطقة الشمالية مع نسبة العرب إلى الأكراد في عموم العراق. لوجدنا تفوقاً كبيراً للعرب يفوق نسبة الأكراد إلى غيرهم في إقليمهم المعلن لذا من باب أولى أن يكون العراق بلداً عربياً وفق هذه الرؤية الكردية وليس كما ورد في الدستور بناءً على إصرار الأخوة الأكراد على إن الشعب العربي في العراق جزء من الأمة العربية.
على إن الأطماع الكردية مازالت في اتساع لكن ساسة الاكراد يخشون التصريح بها خاصة ما يتعلق بالانفصال ، و بين فترة و أخرى نراهم يلوحون بهذه الورقة ، وإن كان تلميحاً حتى جاء السيد حسن العلوي النائب العربي في مجلس النواب العراقي ليرفع هذا الهاجس بتصريح ناري يطالب نيابة عنهم بإعلان دولة مستقلة !! ، وقد يكون الغرض هو رفع سقف المطالب الكردية لتحقيق الأهداف المرجوة في حدِّها الأدنى. مستغلِّين الصراع الحزبي العربي – العربي حتى انقسموا شطرين فاصبح للأكراد مثل حظهم مرتين . رغم إن الأكراد الآن يحصلون على أكثر مما سيحصلون عليه فيما لو انفصلوا ، والكل يعلم ماذا سيحلُّ بهم لو انفصلوا فعلا، فهم إخواننا العراقيون في الغرم لكنهم (مواطنون) أكراد في الغنم مع العلم فالحكومة الاتحادية لا تستطيع ان تمارس دورها في الاقليم اسوة بالمحافظات الاخرى، فهم مواطنون أكراد وكما يقال في العامية “دولة وعلم” في المشاريع الاستثمارية والتخصيصات المالية، وحين تضيق بهم الدوائر ويتعرضون لتهديد خارجي فهم مواطنون عراقيون أقحاح ترتفع أصواتهم وأصوات المتزلفين لتطالب الحكومة المركزية بالتدخل باعتبارهم جزء من العراق ومن مسؤولية الحكومة المركزية التدخل لحماية مواطنيها (الوقتيين)، وهنا تتهم الحكومة المركزية بالتواطئ و التقاعس عن أداء واجباتها.
، ان ما يطالب به الاكراد هو في الحقيقة “كونفدرالية” وليست “فيدرالية” وفق المعطيات الموجودة على أرض الواقع  إلا انهم (يشتهون ويستحون) ففي الوقت الذي يتطلع فيه الأكراد إلى تأسيس كيان سياسي خاص بهم في المنطقة الشمالية من العراق انطلاقاً من حقهم في التمتع بخصوصيتهم الثقافية والحضارية واللغوية ضمن إطار سياسي يحفظ لهم هذه الحقوق يدركون جيداً ما يمكن ان تقوم به الدول التي تقطنها اقليات كردية في حالة اقامة دولة كردية مستقلة مضافاً إلى الخلافات الكردية -الكردية ( خصوصا بعد اتساع رقعة كتلة التغيير)التي غضوا الطرف عنها مؤقتاً، لذا فان الواقع جرَّ القادة الأكراد إلى تخفيض مطالبهم من الاستقلال والانفصال إلى صيغة شبيهة بها وهي “الفيدرالية القومية” أي “الكونفدرالية” المعدّلة بنسختها الكردية.
وحتى “الكونفدرالية” المقترحة أو المشرعة المبنية على أساس تجمع ثلاث محافظات معاً هي صورة أخرى لعودة الحكم المركزي ولكن على ثلاث “فيدراليات” أما كان من الأفضل في مثل هذه الحالة أن تكون الحكومة الاتحادية في بغداد تضم جميع “الفيدراليات” اي المحافظات الثمانية عشر على ان تكون “الفيدرالية” لكل محافظة على حدة دون ضم محافظات أخرى مع زيادة صلاحيات الحكومات المحلية، وفي هذا الخيار سيتمتع الكل بجميع الحقوق والامتيازات المرجوة من “الفيدرالية” التجميعية ( الحكومة الاتحادية ). ان اللجوء الى اللامركزية بمنح مزيد من الصلاحيات إلى الحكومات المحلية  لتواكب احتياجات السكان وتوفير متطلباتهم بعيداً عن ترسيخ الانتماءات الضيقة التي تفتت في عضد الدولة العراقية ووحدة الشعب لهو الخيار الأمثل لحفظ وحدة العراق وضمان نيل السكان لحقوقهم المشروعة بمختلف انتماءاتهم المتنوعة.
اما اذا اصر  الأكراد على تأسيس “كونفدرالية” خاصة بهم تحت ادعاء انها ضمن الحكومة الاتحادية كما هو حاصل الان في شمال العراق تحت عنوان اقليم كردستان لثلاث محافظات اربيل سليمانية دهوك ويطالبون بضم كركوك اليها فلنفرض انهم قد حصلوا على ما يريدون بشرط ان يضموا معها نينوى وصلاح الدين وديالى لتكوين “كونفدرالية” جغرافية باسم اقليم الشمال وليست ذات صبغة قومية وليكونوا ديمقراطيين حقيقيين ويوجد في برلمانهم عرب وأكراد وتركمان وشبك وغيرهم من الأقليات الاخرى يمثلون الشعب حسب تنوعاته القومية، وليمارسوا مركزيتهم البديلة للمركزية السابقة فهل سيوافق اشقاءنا الاكراد ام سيصرون على اقليم قومي كردي
باسم اقليم كردستان ( دولة وعلم ) ففي الخيرات والامتيازات هم دولة منفصلة اعتباريا وفي المصائب  عند تعرضهم الى خطر خارجي فهم عراقيون من الدرجة الاولى كما ذكرنا يجب الدفاع عنهم إضافة إلى استقلاليتهم في (الدولة الكردستانية الاعتبارية ) فهم الحاكم الناهي في بغداد فرئيس الدولة منهم ونائبا رئيسي الوزراء والنواب منهم اضافة الى مناصب وزارية سيادية وغيرها فضلا عن المناصب الاخرى المتعلقة بوكلاء الوزراء والمستشارين والمدراء العامين ناهيك عن بعض المناصب الامنية المهمة تحت عنوان التوازن السياسي وهذا ما يذكرني بطرفة لطيفة  عن امرأة كان  لها ثلاثة اولاد وثلاثة اقراص من رغيف الخبز   أعطت رغيفا واحدا لك منهم ثم اخذت من كل واحد منهم نصف رغيف وبذلك قد حصلت على رغيف ونصف فيما حصل ابناءها جميعهم على رغيف ونصف …انها  قسمة ضيزى !! ….اما الاخوة العرب فانهم غارقون في مشاكلهم الداخلية بعد ان اصيبوا بوباء الطائفية بل ان الادهى من ذلك فانهم يهرعون الى اربيل كلما ضاقت سبل الحلول لمشاكلهم يطلبون العون من اخوتهم المدللين في كردستان للبحث عن هذه السبل ولإيجاد الحلول …يعني صار الكردي فريضة العرب اذا اختلفوا
فهذا يعني ان الوضع الحالي للأكراد افضل  بكثير من الانفصال وهم الفائزون حصرا من العملية السياسية بعد تغيير النظام البائد .
 ولكن هل سيقتنعون اشقاءنا الأكراد بما حققوا من مكاسب ؟  ام يقولون دائما هل من مزيد؟  وماذا بعد ؟…
 بعد اكتشاف ان اقليم كردستان يملك اغنى خزين استراتيجي للغاز في المنطقة أضافة الى خزين البترول وكذلك تطلعهم الى المادة 140 من الدستور في كركوك فهم يسعون بعد ضم كركوك الى اقليمهم للمطالبة بانفصال الاقليم عن العراق ليس لإعلان دولة مستقلة بل لدمج الاقليم  مع جمهورية تركيا وتحت اغراء تركيا و اوربا بثروات الاقليم النفطية والغازية وبهذا سيتحقق لم شملهم مع اكراد تركيا وبعد انضمام تركيا الى اوربا ستكون عملية فصل جمهورية كردستان الاوربية سهلا وميسرا لذلك فإننا نلاحظ ان الاكراد قد باشروا من الان بنشر الثقافة الاوربية في المجتمع الكردي وتكثيف التعليم على اللغة الانكليزية اللغة الام الثانية مستقبلا وذلك بافتتاح مدراس تدرس باللغة الانكليزية فقط كما انهم يشترطون على مكاتب العمالة استقدام عمال الخدمة في البيوت ممن يجيدون اللغة الانكليزية حصرا كي يتحدثوا بها مع اطفالهم لغرض تعليمهم لانهم لا يريدون دولة منفصلة فحسب بل دولة اوربية كردية منفصلة فمن الفائز اذن الم يكن للكردي مثل حظ العربيين بل اكثر من ذلك؟!
وهل يبقى الساسة العرب يتفرجون على هذا المشهد ليصبح حقيقة ؟
أم نذهب الى راي اخر يقول: ان الاكراد هم اصحاب الغزال ..فلنأخذ الأرنب وهنيئا لهم بغزالهم …وعندها سنرتاح كثيرا وسيحسدوننا على ارنبنا يوما …ولات حين مندم .!!!
– وزير النقل السابق