17 نوفمبر، 2024 11:41 م
Search
Close this search box.

عراق يعجُّ بالحكماء والمحنكين… والعيش في جحيم

عراق يعجُّ بالحكماء والمحنكين… والعيش في جحيم

قالوا إن الحكيم هو شخصٌ عاقل يرجح الأمور نحو الصواب بما يمتلكه من خبرات عبر تجاربه في الحياة . وقد شهد تاريخ الإنسانية العديد من الحكماء العرب وغير العرب، حيث تعتبر جزءاً من التقاليد والعادات التي يجب أن يراعيها الإنسان أثناء تأدية أعماله اليومية بغض النظر عن الدين والعرق والقومية، حيث عرف بعضهم أن الحكمة عمل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي أي بما معناهُ وضع الأمور في نصابها.
ما أكثر الألقاب والمسميات في العراق، وما أكثر العناوين الرنانة التي تغرد في سمائه المكتظة بالطائرات والصواريخ والقذائف وسُحِب الموت، بحيث تحول هذا البلد إلى سوق تزدهر فيه تجارة تسويق الألقاب يرتاده اللاهثين وراء الشهرة الفارغين الفاشلين، ولعل من ابرز الألقاب وأكثرها استهلاكا في سوق الفارغين هي الحكمة والحكيم والحكماء والحنكة والمحنك والمحنكين والقادة والخطباء والواعظين والمرشدين وما يرادفها، فصارت تطلق على كل من هب ودب، بل إن لقب مفردة الحكمة صارت تستخدم كشماعة لتبرير المواقف الفاشلة والواضحة البطلان بذريعة أن ثمة حكمة تقف وراء هذا الموقف، أو ذاك، ولأن الحكمة لا يدركها إلا أولى الألباب فعلى  الشعب أن يسكت ولا يعترض على مواقف الحكماء من الرموز الدينية والسياسية التي يعجُّ بهم العراق وعلى رأسهم مرجعية السيستاني، نعم هذا هو منطق عرّابي حكماء العراق وأبواقهم وإعلامهم….
لو عرضنا مواقف حكماء وقادة وخطباء العراق وفي طليعتهم المرجعية التي أصبحت الحكمة ملازمة لذكرها، على ميزان الحكمة والإصلاح والوعظ وقاموسها، نجد بكل وضوح أنها لا تمت إلى الحكمة بصلة، إذْ لا اثر يدل عليها، بدليل أنهم ساقوا العراق من سيئ إلى أسوأ، وهذه الحقيقة أقرَّ بها الجميع بما فيهم منظومة الحكماء والقادة والوعاظ التي تسلَّطت على البلاد والعباد، والمفروض أن أفعال ومواقف الحكيم ومواقفه تتمخض عن نتائج ايجابية نافعة ترتقي به وبالمجتمع نحو الرقي والكمال، وعندما تنتفي تلك النتائج فلا جود للحكمة ولا للإصلاح، وهذه قضية فطرية شرعية عقلية أخلاقية إنسانية إذْ يستحيل أن يصدر من الحكيم الشر والخطأ والقبح والظلام، وقد قال الشارع المقدس (…وَمَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً…)، فالخير ملازم للحكمة، ونفس الكلام ينطبق على القائد المحنك والخطيب والواعظ، وغيرها من الالقاب الرنانة، فأي خير هذا الذي جاء به حكماء العراق والخطباء والقادة؟!!!!.
أليس من المفروض أن يكون العراق واحة سلام وأمان ورخاء وازدهار بل سيد البلدان المتحضرة والمزدهرة في ظل وجود هذا الكم الهائل من الحكماء والقادة والمحنكين والخطباء…؟!!.
فهل هناك خطأ في حسابات العقل والمنطق والرياضيات ؟!!!، أم أن العقل والمنطق والتجربة تفرض الحقيقة التي لا ريب فيها، وهي أن الحكمة والحنكة والإصلاح والوعظ مخلوقات فضائية تلصق بالرموز الدينية والسياسية وعلى رأسها المرجعية التي ساقت العراق وشعبه بحكمتها إلى الجحيم، فأين الحكمة وأين أثرها؟!!!.
ما مرَّ ويمرُّ به العراق وشعبه من مآسي وويلات لم يسبق لها نظير في تاريخ البشرية والذي هو من افرازات ونتائج مواقف المرجعية والحكماء والقائد الضرورة والخطباء في العراق هو نتيجة حتمية حينما يتسلط ويتحكم من لاحظ له بالعلم والمعرفة والحكمة والصلاح، بل اعتاد على المكر والخداع والكذب والتضليل والإنتهاز والفساد والإفساد والمتاجرة بالدين والدماء والأرواح، ولايمكن ان نتصور وجود بصيص امل للخلاص ما دام هؤلاء هم المتسلطين، وهذا هو منطق العقل والحكمة والشرع والأخلاق والتاريخ والإنسانية وهو ما نبه اليه وحذر من المرجع العراقي الصرخي منذ الأيام الأولى للإحتلال وأكد عليه مرارً وتكرارً ومنها قوله:
((منذ دخول الاحتلال قلت وكررت مراراً معنى ان العراق وشعبه وثرواته وتاريخه وحضارته وقعت كلها رهينة بيد الأعداء والحساد وأهل الحقد والضلال من كل الدول و الجهات … وصار العراق ساحة للنزاع والصراع وتصفية الحسابات وسيبقى الإرهاب ويستمر سيل الدماء ونهب الخيرات وتمزيق البلاد والعباد وترويع وتشريد وتطريد وتهجير الشيوخ والأطفال والنساء وتقتيل الرجال ..واقسم لكم واقسم واقسم بان الوضع سيؤول وينحدر الى أسوأ وأسوأ وأسوأ… وسنرى الفتن ومضلات الفتن والمآسي والويلات ..مادام أهل الكذب والنفاق السراق الفاسدون المفسدون هم من يتسلط على الرقاب وهم أصحاب القرار ..)).

أحدث المقالات