22 ديسمبر، 2024 7:09 م

يجمع المراقبون على أفول تنظيم داعش في العراق، نهاية قصة رعبه، وإنحسار عنفه، الرغبة الدولية واضحة بمساعدة حكومة بغداد برئاسة العبادي المؤمنة كما يبدو حتى الآن بإشراك الجميع وتصحيح المسارات الخاطئة، وإنخفاض منسوب الخطاب الطائفي وتراجع أصواته داخلياً أسهما معاً وبشكل فعال في ذلك، إضافة لعودة الروح المعنوية للقوات المسلحة بعد إنهيار حزيران 2014 الدراماتيكي، معركة الموصل يبدو الحسم فيها جلياً وإنهيار التنظيم الإرهابي واضحاً، وخلاياه النائمة في هذه المدينة المحررة أو تلك، يمكن القضاء عليها قبل أن يستفحل أمرها نواةً لحواضن جديدة لما هو أشرس، متعكزاً سياسات خاطئة وتهميش كبير يشعر به أهالي محافظات غرب العراق إذا ما أحسن الجميع قراءة دروس وأخطاء سنوات ما بعد 2003 أفقدت العراق والعراقيين الكثير من فرص النهوض والسمو فوق الجراح، عراق ما بعد الموصل، ما بعد داعش، وكانت الفرصة مواتية وكبيرة بعد هزيمة القاعدة وأُهدرت، بحاجة لقرارات صعبة، وتنازلات أكبر، الطبقة السياسية مدعوة لحشد الناس للقبول بما قد أُعتبر ذات يوم خطوطاً حمراء لايمكن تجاوزها، أو التنازل عنها، والدعوة للإيمان بالتعايش السلمي المشترك، والإعتراف بأخطاء سياسات الإلغاء والإقصاء واللجوء للعنف المتبادل في حل القضايا العالقة والشائكة بين المكونات.  وثيقة التسوية الوطنية الشاملة، والمزمع طرحها رسمياً قريباً بعد إقرار الهيئة القيادية والسياسية للتحالف الوطني لها، تبدو فرصة نادرة للسلم الأهلي خاصة مع توفر ضمانات أممية وتعهد دولي بحماية الإتفاق السياسي، والمجتمعي التأريخي، و “معاقبة” أي طرف داخلي أو خارجي يحاول عرقلة إعلانه، مع دعوة العراقيين للإنخراط في حوار جدي يفضي لتسوية وطنية بين المكونات والطوائف، مبشرة بأيام مفعمة بالأمل للعراقيين، ومتعهدة بالتحشيد الدولي لها، الوثيقة بحاجة لتجميع مقترحات كل الأطراف العراقية بعد الإطلاع عليها للخروج بورقة نهائية ورؤية واحدة، تنتج عراقاً متسامحاً، متعايشاً خالياً من العنف والتبعية وتشدد على مشاركة الجميع في إدارة الدولة بلا إستثناء.قد يبدو الوقت متأخراً للخروج من مأزق سنوات الأزمة، نستذكر خلالها الخسارات الكبيرة، والأرواح البريئة التي ذهبت سدى، والموارد الهائلة التي أهدرت والشرخ المجتمعي الكبير، لكن أفضل من أن لا يأتي وتبقى دوامة العنف ونارها المستعرة تُشعل الداخل وتسمح للخارج بالتدخل ومصادرة قرارات مكونات البلاد وتجيرها لما يخدم مصالحها، الجميع، مدعوون اليوم للتوافق، نسيان المظلوميات والتباكي على من يمكن أن يقود منفرداً دون الآخرين، التصالح مع أنفسنا، لا سيادة لأحد على الآخر والتحلي بالحكمة والشجاعة معاً للقبول ببعضنا، مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات.