23 ديسمبر، 2024 12:46 ص

عراق ما بعد اوباما بين ( داعش ) و ( ماعش ) !

عراق ما بعد اوباما بين ( داعش ) و ( ماعش ) !

السيارة التي اقلتنا الى مدينة البصرة المنكوبة بغياب الخدمات ، والتي يمشي سكانها على اكبر احتياطي نفطي في العالم ، يسميها العراقيون ( اوباما ) للدلالة على للقروض التي قدمها الرئيس الامريكي الى شركة (كرايسلر ) في ديترويت والتي انقذت الشركة من اعلان افلاسها .

في الطريق توقفنا عند مدينة ( البطحاء ) للاستراحة ، وشربنا القهوة في كافيه اسمها كما مكتوب هكذا ( opama) ، حيث تتوقف سيارات اوباما في كافيه اوباما ، هذا كل ما بقى للرئيس اوباما في العراق .

في المقابل تنتشر صور الزعيم الإيراني علي خامنئي من بغداد الى البصرة ، خصوصا مع صور الشهداء الشباب الذي قتلوا في معارك ضد تنظيم داعش الإرهابي الذي احتل ثلث مساحة العراق في زمن حكومة السيد المالكي .

قلت : لماذا تنتشر صور الزعيم الإيراني في الشوارع و الساحات العامة وعلى جدران البيوت مع صور الشهداء ؟ يجيب صاحبي الذي رفض ان اذكر اسمه خوفا من انصار الزعيم الإيراني الذين يسيطرون بسلاحهم على محافظات الوسط والجنوب ؛ ( هذه رسالة من هذه الأحزاب الى الزعيم الإيراني بانهم يسيطرون على العراق من اجل زيادة الدعم المالي والسياسي لهم في العراق ) ويضيف ، ( ربما الزعيم الإيراني لم يطلب منهم ذلك لكن هذه الاعمال مهمة في توجيه رسائل الى من يهمه الامر .)

 

امر السيد اوباما بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية قواته الانسحاب من العراق تنفيذا لوعود أطلقها في حملته الانتخابية ، وهو يعلم ان هناك فسادا سياسيا وفوضى وصراعاً طائفيا ظاهر للعيان ، وان الانسحاب سوف يجعل العراق يواجه مصيرا اكثر قساوة من بدايات الاحتلال الامريكي للعراق ، لكن الرئيس اوباما قرر ان يعمل من اجل الحصول على سنوات اخرى في البيت الأبيض .

هو في البيت الأبيض بينما أعلن ابو بكر البغدادي خلافته على العراق والشام في الموصل ثاني اكبر مدن العراق ، مسيطرا على ثلث مساحة العراق .

يعتقد البعض ان الانسحاب الامريكي قد أدى الى ظهور داعش التي احتلت ثلث العراق ، وظهور قوي للإيرانيين ، بالتالي ، ملئوا فراغ انسحاب اوباما من العراق ، لكن الحقيقية غير ذلك ، الحكومة الإيرانية والحكومة السورية استطاعت ان تكبد الامريكان خسائر كبيرة في العراق منذ الايام الاولى لسقوط حكم الرئيس العراقي صدام و حولت الوجود العسكري والمشروع السياسي الامريكي الى فوضى لها اول وليس لها اخر .

الايرانيون اندفعوا في اتجاهين ، الاول : وصول جماعاتهم الى الحكم في بغداد ، والثاني : تشكيل ودعم للمليشيات المسلحة الشيعية بعنوان ( مقاومة المحتل ) ، اما الحكومة السورية ، فقد دعمت وسيطرت على (المقاومة السنية ) وبقايا النظام البعثي السابق و دربت الإرهابيين وارسلت الانتحاريين الى العراق ، بينما ( داعش ) يرجع وجودها الى عام ٢٠٠٣ ، عندما فتحت الحكومة العراقية المجال لما يسمى ( المجاهدون ) للمشاركة ضد الاحتلال الامريكي ، وقد خططت هذه المجاميع الذي لا يعرف عدديها الى استغلال الموقف والسيطرة على العراق خصوصا انها كانت على علم بضعف النظام العراقي عسكريا وان هزيمته واقعة لا محال .

الحقائق على الارض تبين لنا ان الانتصار الذي حققه الجيش الامريكي خلال أسابيع عام ٢٠٠٣ ، سرعان ما تحول الى خسائر بشرية ومالية أمريكية كبيرة ومن ثم فشل سياسي فضيع توّجه السيد اوباما بإنسحابه العسكري والمدني والسياسي من العراق ومن ثم تسليم الملف العراقي لنائبه السيد بايدن الذي وضع كل الملف العراقي على الرف ليتراكم عليه الغبار هناك وتتراكم الدماء والانفجارات والفساد على ارض العراق .

اليوم ، عراق ما بعد اوباما ، اقرب الى التقسيم وتحت حكم اللا قانون والارهاب والفساد الحكومي ولا يوجد فيه سوى بارقة أمل واحدة هي حكمة وهدوء رئيس الوزراء العراقي السيد العبادي في التعامل مع هذه الملفات ، والانتصارات التي حققتها القوات المسلحة العراقية ضد الارهاب ، والخطوات البطئية التي اتخذها السيد العبادي ضد آفة الفساد المنتشرة في العراق ، لكن العبادي سيواجه لا محالة في القريب العاجل استحقاقات ما بعد هزيمة داعش ، والتي هي الصراع الامريكي – الإيراني على (الكعكة ) العراقية وكيفية السيطرة عليه بشكل علني سواء ايرانيا تحت عنوان ( المقاومة الاسلامية ) او أمريكيا تحت عنوان ( التهديد الإيراني للمصالح الامريكية ) .

وفي الحالتين ، في مثل هذا الصراع لن ينفع ان يكون هناك ما يسمى الوقوف على الحياد ، او المطالبة في ابعاد العراق عن الصراع ، خصوصا ان انصار ايران الان في العراق ، يملكون قوة سياسية واقتصادية وعسكرية واعلامية تفوق ما يملكه الايرانيون من قوة في كل مناطق التمدد الإيراني في الشرق الأوسط . اضافة الى تصريحات قادة الحرس الثوري الإيراني الاخيرة ضد الولايات المتحدة وموقف الادارة الجديدة من الحرس الإيراني .

كل المؤشرات تؤكد ان الاشتباك الامريكي – الإيراني على الارض العراقية قادم لا محال لكن

يبقى السؤال : هل يستطيع السيد العبادي ان يُخرج العراق من صراع المصالح الإيرانية – الامريكية بأقل الخسائر .؟