انفضت مهزلة الانتخابات العراقية بسيل من الفضائح والخروقات والانتهاكات القانونية والعسكرية ،التي مارستها القوات العسكرية ضد المواطنين في المحافظات المنتفضة والساخنة كما يسمونها سياسيو العملية السياسية ،في منع المواطنين للوصول إلى صناديق الاقتراع وإغلاق المراكز الانتخابية بحجج واهية هدفها تعطيل إدلاء المواطنين بأصواتهم لصالح قوائم هي خصم للحكومة ودولة القانون في حين عجزت مفوضية الانتخابات عن توفير أجواء مناسبة في تحديث السجلات وضبط أجهزة البطاقة الالكترونية التي أثبتت فشلها حالها حال جهاز كشف المتفجرات سيء الصيت وفضيحة الفضائح الحكومية،ناهيك عن انتهاكات كبيرة في هيمنة القوات العسكرية على المراكز وسيطرتها عليها لصالح دولة القانون او لصالح مريديها كما حصل في الانبار وتجيير المراكز كلها لصالح وزير الدفاع والصحوات أنصار المالكي وسنته هناك وحصل هذا في بغداد في الاعضمية تحديدا وهكذا في محافظات أخرى ،إذن الانتخابات جرت وسط أجواء حربية تعرض أكثر من مركز انتخابي إلى تفجيرات إرهابية ميليشياوية لمنع المواطن من الانتخاب أو تهديدات إرهابية من قبل جماعات مسلحة تعمل لصالح دول عدوة للعراق وهكذا ،القصد من هذه المقدمة هو إثبات فشل الانتخابات ولا شرعيتها ولا دستوريتها ولا قانونيتها أبدا لأنها جرت وسط أجواء الإرهاب الحكومي بأنواعه والميليشياوي بأنواعه والهدف إعادة انتخاب دولة القانون وتولي ولاية ثالثة ولو على حساب دماء العراقيين ورفضهم لهم ،ولكن ما هو مستقبل العراق ما بعد الانتخابات ونتائجها الكارثية على العراقيين ،بعد أن صرح عمار الحكيم زعيم المجلس الإسلامي بان كتلته المواطن هي من سيشكل الحكومة المقبلة بعد أن اكتسحت قائمته الأصوات في الجنوب حسب قوله وانه(سيقضي على الإرهاب في العراق ومحاربة البعثيين)،وبهذا يبعث برسالة إلى حكام طهران أسياده والى إدارة اوباما بأنه هو (البديل ) لتحقيق أجندتكم في العراق ولا خوف على مصالحكم هناك ،وان الأوضاع الأمنية المنهارة والأزمات والفساد والحرب الطائفية التي تديرها حكومة المالكي في الانبار وديالى وكركوك وصلاح الدين وبغداد والتي خلفها أو سيخلفها نوري المالكي له سيكملها هو ،إذن عراق ما بعد الانتخابات لم يتغير عن عراق قبل الانتخابات سوى (بالاسم فقط) ،فقد ذهب المالكي وحل محله صولاغ أبو الدريلات الكهربائية ،ولكن هذه المرة دريلات متطورة صنعت خصيصا لحكومته وبزعامة عمار الحكيم ،هذا هو عراق ما بعد الانتخابات ،ولكن ما هو رأي الكتل الأخرى وأين موقعها في الحكومة ،إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن الكتل الباقية لا تسطيع رغم تحالفاتها أن تشكل حكومة مدنية لا ميليشياوية طائفية تابعة لإيران ،مثل كتلة التحالف الكردستاني (حليف عمار الاستراتيجي )أو كتلة الوطنية برئاسة اياد علاوي أو العربية برئاسة صالح المطلك أو التيار الصدري الصديق اللدود للمجلس الإسلامي ، هذا السيناريو المفترض حفزنا له تصريح عمار الحكيم زعيم المجلس، وتعهده بالقضاء على الإرهاب في العراق ولم يقل في العالم لكانت كارثة ،لان أمريكا بجبروتها لم تستطع أن تقضي على الإرهاب في العالم لسبب بسيط ،لأنها هي راعية الإرهاب الأول في العالم مع إيران وان داعش كما يسمونها هي ومشتقاتها عبارة عن صناعة أمريكية –إيرانية-صهيونية ،وان من يقاتل في الانبار والمحافظات السنية هم ثوار العشائر ممن يرفضون حكم السلطة الطائفية المهمشة لهم ،هكذا يأتي عمار الحكيم ليكمل ما بدأه المالكي في محاربة السنة بحجة داعش والإرهاب وغيرها من الحجج الواهية وهو يتوعد البعثيين أيضا وهو يعلم قبل غيره أن نصف حكومة المالكي ونصف كتلة المواطن من البعثيين ،فعن أي بعثثين يقصد (سيد عمار ) هل البعثيين السنة مثلا الله اعلم؟؟، نحن نرى إزاء تصريحات عمار الحكيم وغيره، أن العراق ماض إلى صفحة أخرى من الحرب الطائفية، التي يقودها السيد عمار الحكيم باسم القضاء على الإرهاب والبعثيين ،كما بدأها المالكي بالقضاء على داعش في الانبار وتورط في الانبار وبقية المحافظات ،ونرى أن هكذا تصريحات نعرف غاياتها السياسية والإقليمية وهي بالتأكيد للاستهلاك الإعلامي والسياسي وتقديم الولاءات المزدوجة للأسياد ،ولكن مع هذا هي تفصح عن عقلية انتقامية وطائفية تريد أن توصل العراق الى قاع الحرب الأهلية التي لم يستطع المالكي الخوض فيها والفشل فيها ،وان هكذا تصريحات لا تطمئن الشارع العراق بقدر ما تفجره ،بمزيد من الدماء والتفرقة والتشرذم الاجتماعي وإراقة دماء العراقيين لأهداف انتقامية تاريخية تدفعها جارة السوء إيران لأزلامها في العراق، ونقول بكل وضوح أن الدم لا يولد غير الدم والعنف لا يولد غير العنف ويرسخ لأحقاد تاريخية لآلاف السنين القادمة ،نحن نحتاج إلى خطاب تصالحي مع الجميع إذا كان ولاؤكم للعراق وانتماؤكم له ،لنريد خطابات وتهديدات تأزم الأوضاع الأمنية والسياسية وتفجرها أكثر مما هي متفجرة ،نريد عراقا خاليا من الأحقاد التاريخية الطائفية ،نريد رئيس وزراء لكل العراقيين سنة وشيعة عربا وكردا وشبكا وتركمانا مسيحيين ويزيدين ،إذا كان الحاكم شيعيا أم سنيا ،عمار الحكيم او مقتدى الصدر او اياد علاوي أو صالح المطلك او غيره ،نحن عراقيا لا يهدد ،وعراقيا غير طائفي ،وعراقيا ولاؤه للعراق وليس لدولة أخرى ،هكذا نريد من يحكم العراق ،ولكن التمني شيء والواقع شيء آخر مختلف تماما ، فهل يتعظ من يفوز ويشكل الحكومة بعد الانتخابات ،ويعيد العراق للعراقيين وللعرب ،ام يبقيه مصدرا للحرب الطائفية في المنطقة ،وبؤرة للتوتر والحروب الأهلية ،تعبث به وتنهب خيراته دول كبرى مثل أمريكا وإيران…هكذا نرى عراق ما بعد الانتخابات، برؤية سوداوية سواد المشهد السياسي ومحاصصته الطائفية ورجال سياستها الفاشلين ،من المؤكد خيوط اللعبة كلها بيد الراعي الامريكي والإيراني فهم من سيحدد مستقبل العراق على مقاسهم ،انه عراق ما بعد الانتخابات .