17 نوفمبر، 2024 7:31 م
Search
Close this search box.

عراق في مهب الريح :( متاهة)الانتخابات القادمة ؟

عراق في مهب الريح :( متاهة)الانتخابات القادمة ؟

في حوار مفتوح ضم مجموعه من المهتمين بالشأن العراقي  حول ما يمكن ان تتمخض عنه الانتخابات التشريعية القادمة كان محوره تساؤلان جوهريان الأول : هل يمكن للعراق ان يخرج من مأزقه الراهن بعد الانتخابات البرلمانية القادمةرغم عدم إقرار قانون للأحزاب لحد ألان.. وهل ستكون بداية مرحلة جديدة تخفف من التمحور ألاثني لصالح الهوية العراقية ؟؟
 
  والثاني :على ماذا يراهن السيد المالكي للفوز بالانتخابات والبقاء لأربع سنوات قادمة ليكون( لو تحقق حلمه السياسي هذا) أول رئيس وزراء ينتخب لثلاث دورات بعد سقوط النظام الدكتاتوري في الجمهورية الرابعة  والأطول من حيث بقاءه على رأس  الحكومة بين رؤساء الوزارات ألشيعه منذ تأسيس العراق الحديث وحتى اليوم رغم كل ما يتبع ذلك من تكريس لمخاوف الشعب من ان تكون الديمقراطية التي جاء بها الأمريكيون بعد عام 2003 قد (هجنها) زعماء الطوائف للعودة (بالزعيم الأوحد) في بلد عانى طويلا وعلى مدى قرون من تداعيات الحكم الفردي المطلق ؟؟ 
سؤالان محيران فعلا لم يدعي احد من الذين شاركوا في هذا الحوار العميق بعيدا عن حدود الوطن امتلاك سحر الإجابة عنهما ولم يجاهر  أي منهم انه  من سلاله( زرقاء أليمامه) وامتلاك عيونها الأسطورية في الحكاية ليرى القادم من بعيد ويفتي بالغيب لكنها محاوله لقراءة خارطة العراق اليوم … واقف حائرا كغيري عند البحث عن أي إجابات منطقيه مقنعه وفق معطيات الواقع الراهن المعقد والمتداخل أصلا بعد عشر سنوات من سقوط ساحة الفردوس المدوي. خاصة وان الخارطة الانتخابية النهائية لم تتضح بعد للعيان، مع إضعاف احتمالات أن الخارج هو من سيحسم النتيجة في النهاية لان الأمر هنا مجرد افتراض ضعيف بعيدا عن كل ما يشاع بان المالكي قصد واشنطن وطهران لهذا الهدف لإقناعهما ربما دون جدوى بدعم تطلعاته.
ذلك ن الوضع العراقي الداخلي والوضع الإقليمي لم يعد يتحملان المزيد من التصعيد في مرحله شعارها القادم هو (تغيير الوجوه) على الأقل لتخفيف الاحتقان والتوتر وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط بعد فشل ما عرف بالربيع الأصولي و(الهلال الاخواني) من تونس الى مصر. وان دور العامل الخارجي قد يكون قويا بعد فرز نتائجها لتقريب وجهات النظر بين المنتصرين الذين لن يستطيع أي منهم تحقيق تقدم كبير ونسبي لوحده مما سيستدعي التوافقات مجددا للحيلولة دون تكرار ما جرى بعد الانتخابات السابقة من أزمة لم تحسم لحد ألان ..
 
  ألا إنني كنت دائما أجد نفسي في نهاية المطاف وانأ أصغي للأفكار والمداخلات فيما يشبه المتاهة التي لا مخرج منها رغم كل المحاولات   لسبر أعماق السيناريوهات وتغير الأدوار فوق رقعه شطرنج تساقطت كثير من  بيادقها…. لكن البعض الأخر يصر على البقاء عليها بأي ثمن  رغم انتهاء أللعبه وبقاء (الملك)بعدد اقل من الحلفاء او خطوط الدفاع … مثلما يتصور خصومه ..رغم سعيه (مثل الآخرين)  للاستعانة بالدعم الخارجي من أهم لاعبين خارجين وبأي ثمن لوضعهما أمام أمر واقع دون إدراك طبيعة الانتخابات ألراهنه في مرحلة ما بعد الاتفاق الأمريكي-الإيراني حول شكل الخارطة السياسية القادمة  في الشرق الأوسط التي لن تعرف المجاملات أبدا إنما تستند على المصالح  أولا وأخيرا بدليل أن زعماء في المنطقة سبق ان  خدموا أمريكا بإخلاص العبيد  لعقود و(تم إلقاءهم كالفار الميت) حسب تعبير شاه إيران الراحل  محمد رضا بهلوي حين انتزع من عرش الطاووس في طهران عام 1979م…. وهذا الدرس  لم يدركه المالكي  ومن حوله ممن يسمون أنفسهم (بالمستشارين) للأسف بينما الوطن يغرق بالمشاكل  ومن قبل سيول الإمطار والفساد ولصراع والفوضى؟

هناك حلقات جوهريه تتحكم  بالوضع العراقي هي  : ركام المشاكل العراقية الموروثة حول هويته، أمريكا ، إيران ، السعودية ، تركيا ، صراع زعماء الطوائف في الداخل  ، الإرهاب والفساد ، وعاصفة الإسلام السياسي
 والوضع السوري.

 أن أول مظاهر المعركة الانتخابية القادمة والذي يتصدر المشهد زيادة عدد الأحزاب التي ستشارك في هذه الانتخابات بصوره مفرطة و لافته للنظر( مقابل ثلاث كتل رئيسية فقط في السابق) وهذه الظاهرة ربما لا نجدها في أي من البلدان العربية وبلدان العالم الأخرى با استثناء الهند، وتوجه  هذه الأحزاب نتيجة ضعفها  نحو التحالف لزيادة فرص الفوز(41 ائتلافا وتحالفا مسجله رسميا لدى المفوضية ) ولعب التنافس الشرس بين القوى دوراً كبيراً في إحداث تغييرات على تشكيلة قوائمها،   فمثلا (ائتلاف العراق) برئاسة عبد السلام حمودي يضم( 37 حزبا)لوحده!!! لا اعلم كيف سيستطيع توحيد أراء ومواقف  هذه الأحزاب وقياداتها؟؟؟ وهذا العدد الهائل من الأحزاب( بعضها مجرد دكاكين سياسيه ) او( انشطارية عنقوديه) سيتسبب في جعل ألصوره ضبابيه أكثر أمام الناخب وسيجعل خياره صعبا  للغاية مما سيعقد من جوهر العملية الديمقراطية التي يفترض ان تكون أكثر وضوحا لو كانت الخيارات محصورة بعدد اقل من الكيانات الكبيرة. ان تغيير الوجوه والطرابيش لم يعد امرأ مقبولا مثله مثل المال السياسي وشراء الذمم واستغلال المناسبات الدينية لتضليل السذج والفقراء الذي طفئ على السطح  دون حياء في إحياء ذكرى عاشوراء .

  بينما المظهر الأخر هو  تمزق (التحالف الوطني) رغم بقاءه مجرد اسم  وخوض كل طرف من مكوناته الرئيسية للانتخابات بمفرده او استقطاب أحزاب أخرى صغيره  بسبب  مساوئ النظام الانتخابي الجديد الذي تم اعتماده والذي يفرض خلق (كيانات متوسطة )الحجم  بدل ان يحصل العكس والذي يأتي  بعد  سنوات زاخرة بالخلافات العميقة وفقدان الثقة داخل (البيت الشيعي) شعر معها الجميع خارج (ائتلاف دوله القانون) بزعامة رئيس الوزراء  أنهم  إمام خيار وحيد…. إما التبعية لمواقف المالكي وقراراته وسعيه المعلن للبقاء في كرسيه الى اجل غير مسمى والخضوع لما يقرره هو دون مشاركة او  استشاره باقي الإطراف شبه لمهمشة ،… او نفض يدهم من (التحالف الوطني) وإعلان نعيه نهائيا وإلقاء التبعية على المالكي لوحده  وخوض المعركة بقوائم منفردة ستشتت من حضور هذه ألكتله الأقوى سابقا على المسرح السياسي  والتي باتت تضم ( دوله القانون 10 أحزاب ، المواطن 21 حزب، الفضيلة  والنخب المستقلة حزبين ، حزب الفضيلة.الأحرار 3 أحزاب ، الإصلاح 9 أحزاب).. لكن هل يتحمل المالكي لوحده جل هذه المسئولية أم ان الصدر والحكيم كل وفق حساباته يتحمل جزءا من هذا الوزر… ولماذا لم تتدخل مرجعيه النجف لتنقيه الأجواء والنفوس على الأقل ؟؟؟
 
 ان العنصر الأهم  هنا معركة كسر العظم بين الصدريين ودوله القانون التي فجرت التحالف الوطني منذ البداية والتي اعتقد المجلس الأعلى أنها ستصب بصالحه في النهاية …و رغم ان الجميع عدا التيار الصدري تعهدوا بإعادة تشكيل التحالف بعد الانتخابات…. لكن العقدة الأصعب هي الحصول على رئاسة الوزراء التي  ستعيق هذا المسعى وتجعله صعبا للغاية  لان هناك تصفيه حسابات بين المالكي والصدر .فرغم ان الصدريين لم يعترضوا على إعادة تشكيل التحالف الوطني بعد الانتخابات ألا أنهم لم يستبعدوا التحالف مع القوائم السنية والأكراد بحسب رؤيتهم وتشخيصهم للمصلحة في حينها بعد فرز النتائج.

 وربما يصدق نفس الأمر على كتله المواطن التي لا تريد أن تخسر هذه الجولة وربما سيسعى المواطن والتيار للتحالف سويا باسم (الائتلاف الوطني) . المجلس الأعلى لديه قائمة ساندة باسم (البديل) برئاسة احمد عبد الزهرة.. والمالكي بدوره شكل عدة قوائم ثانوية في بعض المحافظات برئاسة كل من (سامي العسكري ، علي ضاري الفياض وآخرين) وهناك قوائم سنية تشكلت برعاية المالكي بهدف تشكيل حكومة أغلبية سياسية لاحقا وتضم شخصيات مثل (عبد الرحمن اللويزي ، قتيبة الجبوري ، عز الدين الدولة.) وهذه المظاهر تمثل أسلوبا جديدا في ألمناوره والسعي لكسب الأصوات بأي ثمن .أما في المحافظات المختلطة فان الوضع يختلف قليلا ففي الموصل اجتمعت كل الأحزاب الشيعية في تحالف واحد، في صلاح الدين تحالف دولة القانون ودولة المواطن والآخرون انضموا إليهم، وفي ديالى ثلاث قوائم متحالفة هي  (القانون،المواطن،التيار) .

أي ان الناخب عليه ان يختار بين اكثر من  (50)حزبا تمثل المكون الشيعي!!!! تفتح الباب لخيارات كثيرة وسط حاله من التذمر من نقص الخدمات والفساد وضعف المنظومة الأمنية  جعلت الملايين من أهالي الوسط والجنوب يشعرون أنهم خدعوا وأصبحوا بلا قياده او مرجعية دينية او سياسيه حقيقية يمكن الوثوق بها . وهذا التمزق سيصعب مهمة إعادة وحدة التحالف الوطني بعد الانتخابات اذ ستتحكم المصالح الحزبية في قرارات القادة ولهذا بدأت عمليات الانتقال السريع للسياسيين المرشحين بين الأحزاب والكتل وفق حسابات الربح والخسارة بالدرجة الأولى مع احتمال توصل بعض هذه الأحزاب والكتل لتفاهمات براغماتيبه كلما اقترب موعد الحسم .

  في الأجزاء الأخرى من الخارطة التنافسية هناك ( 5 أحزاب) فقط تمثل الائتلاف الكردي الذي يواجه استحقاقات جديدة بعد غياب الطالباني وبروز دور نوشروان و(كتله التغيير) وكذلك التيارات الاسلامية مما بوشر نية الترشيح بقوائم منفصلة حتى في كركوك … في المكون العربي السني ألقت فشل تجربه (ألقائمه العراقية) بظلالها القاتمة خاصه بعد عام من الاعتصامات فيما لم يستطع علاوي من جمع بقايا كتلته السابقة ليشكل من( 16 حزبا) صغيرا(ائتلاف الوطنية) الذي يقف في المنطقة الرمادية لتحل محله في المناطق السنيه كتلتين رئيسيتين هما (متحدون) بزعامة النجيفي وتضم (14 حزبا ) و(ائتلاف العربية) للمطلك ويضم( 9 أحزاب)  ….
، فيما التيار اللبرالي  تندرج تحته  تكتلات أخرى ضعيفة بعضها يساريه( مثل التحالف المدني الديمقراطي) ، والقوائم السنية توحدت في المحافظات المختلطة ، فهي تخوض الانتخابات بقوائم متعددة ونجح التركمان وسط حاله من الخوف إلى تجميع صفوفهم في تحالف يضم( 9 أحزاب .)
 
أن حال المكون العربي السني لا يقل  تناحرا عن الشيعي فقد قررت كتلة “متحدون” بزعامة أسامة النجيفي استبعاد وزرائها في حكومة المالكي من الترشح في الانتخابات التشريعية القادمة لكسب الناخبين،و انشق قياديون في جبهة صالح المطلك، لينضموا إلى تحالف رئيس البرلمان متهمين المطلك بانه  يحول دون تكوين كتله قويه تضم العرب ألسنه الذين يتطلعون لحضور اكبر في مقدمته رئاسة الجمهورية واستعاده المبادرة وتجيير اعتصام الانبار وغيرها لصالح مشروعهم هذا دون أن يغيب عن بالهم استغلال المالكي لإمكانات الحكومة لكسب الحلفاء والمتنفذين والشيوخ ورجال الإعمال ألسنه بفضل المال السلطوي..

ما هي الشعارات التي يمكن ان ترفعها أي من هذه الكتل والأحزاب والتحالفات غير الإصلاح ومحاربه الفساد والخدمات في ظل أفول الايدولوجيا…؟؟!! و ما مدى اقتناع المواطن بتكرار نفس الوعود الخاوية وعوده اغلب الوجوه القديمة المستهلكة و(المحروقة) كأوراق  على حلبه الصراع؟؟؟… وهل ان هذا التمزق السياسي  على مستوى المكونين العربيين سيقود الى ائتلافات جديدة لا تقوم على أساس الطائفية السياسية بدافع الفوز بالسلطة  بما قد يساهم بالعودة للمسار الوطني وخنق الإرهاب؟
 ربما تكون الإجابة بنعم او لا في هذا الوقت صعبه للغاية… لكن الانتخابات القادمة  ربما لن تشهد إقبالا كبيرا يتجاوز سقف النصف بالمائة لان الكثير ممن سيعزفون عن التوجه لمراكز الاقتراع يرون أنها  لن تغير كثيرا من معماريه النظام السياسي في العراق الذي شيد  أصلا فوق ركائز مشوهة…. والثابت أن معركة ما بعد ظهور النتائج ستكون اشد وطيسا مما قبلها  وسيتحالف فيها أعداء الأمس….  وسيتخاصم فيها أشقاء….
 هذه هي السياسة من زمن ادم… إلى…. اوباما …. مصالح وعروش!!!!

أحدث المقالات