منذ ستينات القرن الماضي ورغم طفولتي سمعت ان الاتراك سيبنون سدا كبيرا لقطع المياه عن العراق وكان ذلك من عوامل الضغط على الجمهورية العراقية الفتية التي تكالبت عليها دول الجوار منذ ذلك الزمان بل امتد الحقد الى اعماق التاريخ الى ما قبل ميلاد السيد المسيح عليه السلام اذ كان وادي الرافدين مرتعا خصبا للغزاة واللصوص وما نراه في متاحف بريطانيا والمانيا ومتاحف اخرى الا دليلا دامغا على طمع دول الجوار ودول اخرى بارض هذا البلد مياها ونفطا وزراعة ومعادن اخرى وثروات بشرية اذ يجب ان لاتقوم فيه دولة قوية ذات سيادة تبنيه وترفه شعبه كبقية شعوب العالم الاخرى !! .
وها هي الحكومة (الاسلامية التركية) تعمل ليل نهار وعلى قدم وساق على تنفيذ مشروع (الغاب الكبير) وهو مشروع مؤلف من عشرين سدا جبارا منيعا وهدفها الاول والاخير هو حجب مياه دجلة والفرات عن الاراضي العراقية وتقوم (اسرائيل والكويت) بتمويل هذه المشاريع لجعل العراق صحراء قاحلة , فاي اسلام هذا واي عروبة هذه والحقد يجري في دم المنفذين وما مشروع ميناء اللامبارك الا واحدا من عشرات الخطط لتحويل الانظار عن خطورة مشروع الغاب التركي الاسرائيلي الكويتي . وحين علم انصار البيئة في اوربا وجمعيات حقوق الانسان في السويد وايطاليا وبريطانيا بان شركاتهم تساهم في هذا المشروع خرجت تظاهرات عارمة في اوربا مطالبة هذه الشركات بعدم المشاركة في هذا المشروع . خجل الاوربي واستحى ولم يستحِ المسلم والعربي بل مضيا قدما مع الشركات الاسرائيلية في تنفيذ هذا المشروع , لله درك يا عراق لِم هذا التحامل والحقد عليك ؟! .
اما اخواننا في الدين والانسانية الايرانيون فلم تفتهم حصتهم في وأد العراق اذ يقومون بتنفيذ مشاريع عملاقة اسموها (الافق الازرق) هدفها تغيير مسارات الانهار التي تغذي العراق اذ ستسير هذه الانهار وتصب مياهها في الاراضي الايرانية وليذهب العراق الى الجحيم . الا تتذكر هذه الدول الاسلامية والعربية القوانين والمواثيق الدولية الموقع عليها اذ لايجوز تغيير مسارات الانهار ولايجوز التلاعب بحصص المياه في الانهار المشتركة بين البلدان , فان لم تتذكروا هذه القوانين فتذكروا علي ابن ابي طالب عليه السلام في معركة صفين اذ سمح للفئة الباغية بالتزود والشرب من مياه الفرات , ونحن العراقيون لسنا فئة باغية ولسنا اعداءاً لاحد .
أما الشقيقة سوريا (حصن العروبة واخر قلاعها) الا تتذكر شهداء الجيش العراقي البطل في انقاذ دمشق من السقوط بيد الاسرائيليين عام 1973 وهاهي تكافئنا بارسال المفخخات لذبح ابناء الرافدين , واليوم تقر وتعترف بانها تحتاج الى سحب حصة العراق من المياه وانها ستفرض سيطرتها على نهر الفرات ثم انها قد اتفقت مع اسرائيل وتركيا والكويت على سحب نهر دجلة عبر قناة صناعية طولها 29 كم وعبر قناة اخرى طولها 124 كم لتصب عند سد باسل (اللااسد) . فاي اسد هذا الذي يحرم اخاه من المياه ويقتل شعبه . وها هي اسرائيل جذلة فرحة بهذه المشاريع وها هي ترمي بكل ثقلها العلمي والتقني والمالي اذ زجت باكثر من سبعين شركة اسرائيلية في مشاريع بناء السدود لتحرم العراق من مياه دجلة والفرات بمساندة امريكية فلم احتلت امريكا العراق الا للسيطرة على موارده النفطية والبشرية وتفتيت شعبه والشعوب العربية الاخرى ولحماية اسرائيل وها هي تسقط الحكومات في ليبيا ومصر لتقيم جدار عازلا للاسرائيليين ولكي تغفو (اسرائيل) على وسادة حلمها الوردي من النيل الى الفرات.
انها رسالة الى اولي الامر من علماء الدين ورجال القانون ورجال البيئة ومنظمات حقوق الانسان والى اولي الامر من السياسيين والى المطالبين بالحصول على السيارات المصفحة والحمايات المزودين باحدث الاسلحة والجوازات الدبلوماسية ان اهتموا (سويعة) ببلدكم وشعبكم جزاكم الله خير الجزاء . واكسبوا خبرة من الاخرين بل وتعلموا منهم فها هو (بوش) الابن يقول في احدى خطاباته (مالذي سنقوله للاجيال القادمة ان لم نوفر لهم النفط) وتاملوا جملة قالها هنري كسنجر (يجب الا يبقى النفط بيد العرب) ومعاهدة سايكس بيكو لعام 1916 آن لها ان تنفد فقد اتفقوا على مئة عام على تقاسم الثروات بينهم واذلال العرب وسحقهم وترويضهم وهاهم قادمون لتوقيع اتفاقية اخرى بدلا من سايكس بيكو لمئة عام اخرى وجعل العرب امة مشتتة يذبح بعضها بعضا ويتامر احدهم على الاخر وخير دليل على ذلك هو ابو رغال القطري والعجوز السعودي واللعب الخليجية ومفتي الناتو , فالتقسيم لهم قادم ليجعل منهم شراذم ومجنون من يثق بامريكا . وصدق يفكني بريماكوف وزير الخارجية الروسي الاسبق يوم قال (ان العرب امة تكره نفسها وتحارب اصدقائها) فهل من متعظ ؟! وهل سنرى ؟ وهل سيعيش احفادنا عراقنا بلا مياه ؟!!! .