19 ديسمبر، 2024 4:55 ص

عراق المستحيلات

عراق المستحيلات

اثارت النتائج النهائية للانتخابات العراقيه لمجلس النواب السابقة ، التي اعلنتها المفوضيه المستقله للانتخابات، ردود فعل عنيفه من بعض الاطراف، التي اعتبرتها نتائج مزوره، ووصل الامر الى حد مطالبة بعض هذه الاطراف الغاء هذه النتائج، واعادة الانتخابات رغم ما يحمله ذلك من تداعيات خطيره على مستقبل العمليه السياسيه، ومستقبل البلد ككل.
ولقد انطلقت ردود الافعال هذه من خليط غير متجانس من القوى السياسيه، بينما لايختلف اثنان على ان دوافع بعض المعترضين هو الرغبه في اثارة العقبات امام العمليه السياسيه والسعي لافشالها بالكامل.
نحن مقبلين على انتخابات مجالس المحافظات في العشرين من نيسان القادم، مع ازدياد حدة التنافس بين المرشحين والالتزام بشروط الدعاية الانتخابية، فهل يمكن تزوير الانتخابات في ظل الازمات السياسية القائمة، يرافقه عزوف الناخب العراقي عن الادلاء بصوته نتيجة الخروقات الامنية المتكررة وتدني مستوى الخدمات، مع وجود جهات سياسية تسعى للسيطرة على مجالس المحافظات نتيجة التحالفات السياسية، والاهم هو مجلس محافظة بغداد بأعتبارها العاصمة اولا، وفيها اكبر عدد من نفوس العراق، وربما تلجاء هذه الجهات الى التزوير .
مع العلم ان بعض الجهات لديها القدرة على التزوير، لما تمتلك من امكانيات تتمثل بالتحكم بزمام الامور، وهنا لا بد من التاكيد على المفوضية في اخذ دورها الكامل لمنع التزوير، واتخاذ اجراءات رادعة مسبقا ومنذ الان لمنع اي حالة تزويرقد تحدث ،  من خلال تشديد المراقبة من قبل وكلاء الكيانات السياسية والمراقبين المحليين والدوليين والاعلاميين، والسماح لوكلاء الكيانات بتقديم الشكاوى في حال تطلب الامر ذلك، كما يمكن السماح لهولاء المراقبين  ووكلاء الكيانات الاطلاع على اجراءات الاقتراع التي تحدث داخل المحطة الانتخابية، وإصدار نسخة من استمارات نتائج التصويت يتم تعليقها على جدران محطة الاقتراع، لغرض افساح المجال للاطلاع على النتائج، اضافة الى تعليق استمارة التسوية والمطابقة التي تترجم عمل المحطة بشكل رقمي، اما فيما يخص موظفي المفوضية فيجب اتباع قواعد السلوك الخاصة بموظفي مراكز الاقتراع والمحطات والتوقيع عليها قبل ممارستهم العمل، ومن شأن ذلك الزامهم بنزاهة عملهم، بالاضافة الى الاجراءات الاخرى من الحبر وطبع الورق وتصنيع صناديق الاقتراع وعدها وترميزها .
لكن ان حدث التزوير بعد ذلك في عراق المستحيلات؟ ماذا ستفعل المفوضية وما هو الاجراء الذي ستتخذه؟ 
في الحقيقة ان المفوضية كانت هي المتهمة في الانتخابات السابقة، فهناك شكاوى واتهامات عدة صدرت من جهات وقوى سياسية مختلفة ضد المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، خلال فترة الحملة الانتخابية للمرشحين، وكذلك بعد انتهاء الانتخابات المحلية السابقة، اشيرت فيها اصابع الاتهام نحو المفوضية بالانحياز لمصلحة الاحزاب الحاكمة وضعف ادائها من خلال عدم محاسبتها للكيانات التي ثبت عليها “بالجرم المشهود” القيام بخروقات وانتهاكات انتخابية، اضافة الى اتهامات من قبل الاحزاب الصغيرة وبعض المرشحين لطبيعة التوزيع الطائفي لموظفيها، وكذلك حول ما حصل في تزوير الانتخابات وتورط بعض روؤساء المراكز الانتخابية في المحافظات بالترويج واستخدام نفوذهم لصالح الاحزاب الحاكمة التي ينتمون اليها.
 من جهتها اوضحت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وبعثة الامم المتحدة العاملة في العراق (يونامي) ان الخروقات التي حصلت في بعض مراكز الاقتراع لايمكن ان تؤثر كثيرا على نتائج الانتخابات، مؤكدة انها ستدقق بالشكاوى المقدمة اليها بخصوص الخروقات الانتخابية على انها بسيطة ولا تؤثر على النتائج .
غير انه لا يمكن القفز على حقيقة اعترافات المفوضية العليا للإنتخابات ، حيث أقرت بالكثير من هذه الطعون ، وفي هذا الإطار أيضا لا يمكن تجاهل تقرير البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات العراقية ، حيث ورد فيه ما يؤيد المذهب الذي ذهبت إليه القوائم الطاعنة حيث يقول: ” لسوء الحظ لم يحافظ عدد من موظفي المفوضية الميدانيين على استقامتهم المهنية …وإن عددا غير محدود من 220 ألف موظف اقتراع التابعين للمفوضية انخرط في ممارسات مشكوك فيها وغير قانونية ” ماذا يمكن أن تقول فقرة تتهم جهة ما أكثر من هذا ، وهل بالضرورة أن يحصل التزوير والممارسات غير القانونية من موظفي المفوضية ؟ يكفي العشرات منهم في مراكز مختلفة ، في عدة محافظات ، لأن يغيروا الواقع ويغلبوا قائمة ما على أخرى ، فكيف إذا كان العدد غير محدود من هؤلاء ؟ فهم كالوباء إذا استشرى ، فقليله مؤثر كما هو كثيره.
ولأننا شعب حديث العهد بمثل هذه الممارسات الديموقراطية مع مرور اكثر من عشرة سنوات ، التي لا يمكن لها أن تمر دون تزوير في الانتخابات ، فلا بد للمفوضية من اخذ الدروس والعبر من التجارب السابقة .

أحدث المقالات

أحدث المقالات