17 نوفمبر، 2024 5:46 م
Search
Close this search box.

عراق الطائفية وحراك المصالح!

عراق الطائفية وحراك المصالح!

يقول الشاعر:
و عاجز الرأي مضياع لفرصته
حتى اذا فاته الأمر, عاتب القدرا

هكذا كان حال السنة بعد سقوط النظام البعثي. كانوا مترددين حول مشاركتهم في العملية السياسية, و ها هم اليوم يدفعون الثمن, فما جدوى البكاء على الاطلال, الأن؟

لم تكن اللوحة السياسية واضحة تماما انذاك, لكن كانت هناك ايحاءات و اشارات واضحة, بأن امتناع السنة عن المشاركة السياسية, و استعداد الكورد بنية صادقة في تطبيع الاوضاع و ترسيخ اسس التعايش السلمي, يؤدي بالعراق الى الهاوية و تسهل الطريق لمحاولة و مراوغة طائفة و قوة معينة للتفرد بالسلطة و جني ثمرة العراقيين.

اذن, في غياب السنة و النية صادقة للكورد في المشاركة السياسة و طي صفحة الماضي و غضه النظر عما لاقاه من ويلات على يد النظام البائد و ايمانه العميق بالمصالحة الوطنية و التسامح و التعايش, وتحت شعار التوافق السياسي, قدموا مفاتيح السلطة على صينية من الذهب للشيعة. و ما أنفكت الشيعة حتى اصبحت اليد الحديدية التي

تقود العراق حسب اهوائها, أو باللأحرى حسب اهواء ايران!

وبعد كل هذا المد و الجزر الدموي في الحياة السياسية العراقية. اصبحت العراق اليوم على حافة الانهيار و التشتت, لا سيما هناك تكهنات بأن الوضع في البلد وفي ظل ظهور ميليشيات خارجة عن القانون, ميليشيات لا تمت بصلة للدولة و ولاءها التام لاجندات خارجية, ميليشيات تقودها قيادات وراء الكواليس, قيادات فضلوا نعراتهم الطائفية و ولائاتهم الحارجية على انتمائهم الوطني, يؤدي بالعراق الى مخرجين خطيرين, لا بديل ثالث لهما, و هو اما الاعلان عن حكومة طارئة, أو محاولة الانقلاب من قبل قيادات معينة على الحكومة و ذلك من خلال ما يملكونه من قوات امنية و عسكرية تحت مسميات عدة و مغطية باقنعة قانونية و تقدوها خلف الكواليس, من بينها قوات السوات و مجموعات من قوات الحشد الشعبي. وفي كلتا الحالتين تعم البلد الفوضى السياسي و لا تبقى شرعية للدولة و مؤسساتها, وهذا يفتح المجال لكل طائفة و قوة سياسية, المضي وراء طموحاتها و أن تغامر بمستقبل شعوب العراق من اجل اهداف و مكاسب طائفية و سياسية سلطوية ضيقة.

دعنا عما تجري بين الكتل و التيارات الشيعية من خلافات, لكن من جانب اخر و حسب ما افادت بها مصادر من المعلومات, هناك الكثير من شيوخ العشائر و ذوي النفوذ و وجهاء السنة, اعترفوا بأن خروج امريكا من العراق مهد الأرضية الملائمة لظهور بوادر الحرب الطائفية في العراق,

كما و فتح الابواب على مصراعيها, لكي تتلاعب الايران بمستقبل البلد, و هناك من الاطراف و السياسيين الداعمين للسياسة الايرانية في العراق, يمهدون الارضية لهذه الاستراتيجية, مبتغين وراء ذلك تحقيق اهداف سلطوية بحتة.

الأن وفي العراق, الكل يرثي على حاله و من دون ان يجدوا اذانا صاغية في المقابل. السنة تتذمر من الوضع الراهن و تبكي على الاطلال, نادمين على انهم امتنعوا عن المشاركة السياسية في الماضي, و ان عدم وجود مرجعية سياسية و دينية سنية, ادت بهم الى هذا الوضع. الكورد بدورهم فقدوا الامل بالتزام بغداد بوعودها و ادركوا بأنها لا تلبي حقوقهم, وما محاولاتها من الاستمرار في المفاوضات مع اربيل, سوى المماطلة و الجري وراء ايجاد ذرائع جديدة لشل ارادة الكورد و اجبارهم للانحاء امام تطلعاتها السلطوية. كذلك اطراف من الشيعة تتهم اخرى من طائفتها بزعزعزة الوضع و اقتناص الفرصة. البرلمان و الحكومة تقران بأن الحشد الشعبي لزموا زمام الامور و هم الان سيد الموقف. مئات الالاف من اللاجئين باتوا دون مأوى و منفذ و لا يرون افقا للحياة الامنة.

اذن الانفلات الامني جراء حرب داعش في المناطق السنية , ليس السبب الوحيد وراء تدهور الأوضاع في البلد, كما يظنه البعض. بل استمرارالمشاحنات بين الاطراف السياسية المشاركة في العملية السياسية في بغداد و تبادل الاتهامات بينهم, منذ البدايات الاولي التي تلت سقوط صدام و حتى الأن, بما في ذلك من المشاحنات بين الطائفة و الكتلة

الواحدة. كذلك مخاوف السنة من انتقام الشيعة منهم و التي باتت واضحة في خطاباتهم و لامسنا بعض معالمها في عمليات تحرير بعض مناطق الأنبار من قبل الحشد الشعبي, من قتل عشوائي و النهب و السلب. و من جانب اخر, تهرب الحكومة في بغداد من الالتزام بوعود قطعتها على نفسها تجاه كوردستان و حقوق شعبها السياسية و القانونية و الاقتصادية المترتبة على عاتق بغداد و التي كفلها الدستور. كل ذلك لم يترك مجالا للشك, بأن البلد بات على وشك حرب طائفية لا مفر منها و بالتالي اصبح تقسيم العراق, الحل الأمثل و المخرج الأفضل لدولة لم يكن اسمها في الحسبان يوما ما, لكن المؤامرات و المصالح الدولية و توزيع غنائم الحرب العالمية الأولى فضلت انشاءها على حساب تطلعات شعوب المنطقة و فرضتها عليهم عنوة, بما فيهم الكورد!

أحدث المقالات