تمر المنطقة الان بظروف استثنائية الا انها تخدم في كل الأحوال فيما لو نظرنا الى النصف الفراغ من الكاس إسرائيل وامريكا والرجعبة في المنطقة حيث يتم نزع أسلحة الدمار الشامل من قوى الممانعة لصالح امن إسرائيل والنظام السوري في وضع الاحتضار في الوقت الذي أصبحت فيه داعش طالبان أخرى في العراق وسوريا الان فضلا عن الاستنزاف والانهاك لقوى المقاومة في ايران والمنطقة كما ان العراق أصبحت وحدته بل ومصيره في حالة خطر جراء الحرب الطائفية الاهلية الغير معلنة حيث وقع العراق ضحية للتشيع الصفوي والتسنن العلوي فكان الإسلام السياسي فيه يمينا رجعيا بامتياز الا ما ندر من وجود اسلام يساري ثوري قائم على نضال وبطولات فردية وانتفاضات غير ناضجة والحقيقة ان التشويه الذي أصاب الواقع العراقي من تكريس للطائفية وفقدان للهوية الوطنية ما كان ليصيبه لو كان اليسار فيه وهو وحده الحامل للراية الوطنية قادر على إبقاء شعلة الوطنية مشتعلة ولان اليسار الاشتراكي كان وما مازال يسار نخبة منعزلة عن الواقع لا تجيد الا فن التبرير والانتظار السلبي لنضوج العوامل الموضوعية للثورة في نمو أدوات الإنتاج وعلاقات الإنتاج كانتظار غودو الذي لا يأتي واما م واقع مرير كانت فيه الحركات القومية والاثنية والدينية والطائفية يمينية رجعية كان من الصعوبة بمكان قيام يسار إسلامي ثوري رغم ضرورته من اجل قيام الثورة وانتصارها حيث ان الثورة البرجوازية الوطنية ضرورة ملحة لأجل قيام التنمية والنضوج الطبقي من اجل تحقيق سيادة حقيقة للعراق ومن اجل بقاء الهوية الوطنية التي أصبحت في خطر حقيقي يعرضها للهلاك فيما لو قامت دولة كردستان الكبرى وانفصل الإقليم السني وفق المخطط الامبريالي الصهيوني الرجعي ان العراق بحاجة الى اسلام يساري ثوري لإنقاذه في الوقت الذي اخفق فيه اليسار الاشتراكي في أداء دوره ان العراق بحاجة الى أمثال الدكتور علي شريعتي لأجل التنظير لليسار الثوري الإسلامي ولأجل قيادته والا فلن يكون هناك عراق في المستقبل نناضل من اجل سيادته او حريته او بقائه ومن ألاقوال التي قيلت بحق الدكتور شريعتي قال السيد الخميني قدس سره :
(لقد أثارت أفكار الدكتور شريعتي الخلاف والجدل أحيانا بين العلماء ولكنه في نفس الوقت لعب دورا كبيرا في هداية الشباب والمتعلمين الى الاسلام . (شريعتي در جهان / 1365 هـ ش / طهران) .
وقال السيد أحمد الخميني :
ان ما قدمه الدكتور شريعتي كان عظيما ، بحيث يتعذر عليّ الآن الاحاطة به لأنه في الواقع كان ولا يزال معلم الثورة الاسلامية . (كدامين راه سوم / مراسم في منزل شريعتي آذر ماه 1359 ش / 1980م) .
وقال آية الله السيد الخامنئي أيضا :
اود هنا أن أنقل لكم خاطرة جرت عام 1347 ش (1969م) أي في السنة الاخيرة من عمر جلال آل أحمد (وهو مفكر ايراني) حيث جاء المرحوم آل أحمد الى مشهد فجمعتنا وايّاه جلسة مشتركة كان من حاضريها بالاضافة الى آل أحمد المرحوم شريعتي وعدد من الاصدقاء ، حين وصل الحديث الى علماء الدين وكان يعبر عنهم يومذاك بالحوزة العلمية التفت المرحوم آل احمد الى شريعتي متسائلا لماذا تنتقد الحوزة العلمية بكثرة ولا تنتقد مثقفينا … هلم وانتقد مثقفينا أيضا !
فأجاب المرحوم شريعتي بجواب يمكن أن نتلمس من خلاله حقيقة موقفه في التمييز بين (الروحانيين) كموقع وحالة ، والروحانيين (علماء الدين) كأشخاص ، قال : (ان سبب تأكيدي في نقد الحوزة العلمية يعود الى اننا ننتظر الكثير منها ، بينما لا ننتظر شيئا من نخب مثقفة ولدت في أحضان الثقافة الغربية . الحوزة العلمية قاعدة أصيلة نأمل منها أن تقدم الكثير ، وحين تتخلف عن العطاء في مقام العمل فاننا نمارس النقد ) .
وقال االسيد موسى الصدر (الذي صلى على جثمان شريعتي عام 1977) :
كان لنا صديق ، قائد من قادة الفكر الاسلامي هو الدكتور شريعتي ، …. أديب شامخ ، فكره اسلامي نضالي منفتح . اسلاميته وطبقيته وموقف رجال الدين لم تجعل من دعوة الدكتور شريعتي دعوة محافظة رجعية يمينية كما هو التقليد لان الدعوة الاسلامية تعتبر في كثير من الاوساط دعوة محافظة على الاقل ، لكن دعوة الدكتور شريعتي للاسلام ، دعوة تقدمية ثورية نضالية أو ما نسميه نحن دائما في اجتماعياتنا : دعوة حركية وليس دعوة مؤسساتية . يعني ليس الاسلام دكانا يجب أن نحتفظ بمكاسبه ونأخذ لاجله من الناس ونسخر الناس لخدمته كما حصل بالنسبة للمؤسسات الدينية . …. كان الدكتور شريعتي أحد قادة الفكر الاسلامي في العالم … حورب من قبل الحكم في ايران وحورب أيضا من قبل مجموعة من رجال الدين ، الذين يعتبرون الاسلام حكرا عليهم وميراثه من حقهم وهم وحدهم يفهمون الدين ولا يحق لاحد أن يفهم غيرهم ….. الدكتور شريعتي ، من خسائر الفكر الاسلامي والفكر الحركي والفكر النضالي المعتمد على الايمان بالله سبحانه ولذلك نحن نعتبره فقيدنا وخسارتنا ونكرمه في هذا اليوم ، يوم علي ، مولاه ومولانا ، ونبعث الى روحه أيضا ثواب الفاتحة .
(مسيرة الامام الصدر الجزء 11 ص 154 ـ 155) .
ان علي شريعتي لم ينكر الغيب الا انه كان واقعيا لانه كان يؤمن بان السعادة والعدالة يمكن تحقيقها في الحياة الدنيا وان الصبر والايمان بالغيب لايعيق الثورة ضد الظلم وكان ثورته ضد الحوزة التقليدية ثورة ضد وعاظ السلاطين الذين يستخدمون الدين كافيون للشعوب لصالح الحكام على اساس ان السكوت عن الظلم هو ايمان بالقضاء والقدر كما ان شريعتي كان يرفض قمع الاخر واكراه الغير على الايمان يه السلام من ان ما غتنى غني الا بفقر فقير وما جمع مال الا ببخل او حرام وكان يؤمن بالمساواة الاجتماعية كما امن علي عليه السلام بها وطبقها على خير وجه وهو لايمثل اصلا ولا اساسا ولايعطي مشروعية لا لشروس ولا لغيره لانه لم يكن ينتقد الدين بل كان ينتقد رجال دين قاموا بتشويه ان شريعتي كان يؤمن بان التفاوت الطبقي من اهم ابرز الصراعات الاجتماعية ومن ابرز مظاهر الظلم لذا كان يؤمن بما يقوله الامام علي عليه السلام ان امثال علي شريعتي مما يمتازون بالموضوعية الواقعية الثورية والشجاعة والاقدام هو ما يحتاجه العراق من مفكرين وقادة من اجل انقاذه من الضياع.