18 ديسمبر، 2024 8:48 م

عراقُ الأمس، برؤية الغد

عراقُ الأمس، برؤية الغد

حين يولد المرء في أي بيئةٍ طبيعية، يتوقع العيش بظروفٍ سليمة، وخالية من كُل التعقيدات التي من المُمكن حدوثها، ولكن أن تفتح عينيك على خوفٍ وظُلمٍ وأستبداد، فأي طفولة ستعيش في ظل تواجد تِلك الاشياء؟
تبدأ حياتك وأنت تجد والدًا يرتدي الزي “الخاگي” خارجًا عن ارادته، بسبب فرض على الاشخاص غير الموفقين دراسيًا مبدأيًا، ومبدأ الشمول والتعميم فوق طاولة تمكين مُجتمع مُسلحٍ ومتأهبٍ لكل المخاطر الخارجية، أو بمعنى أصح الاجتهادات الشخصية و غير المسؤولةُ للفئة الحاكمة أنذاك، التي تُحتم على الجميع التأهب الدائم، لِمُسايرةِ طيش السُلطةِ في أدارة الأزمات بخلق الحروب، طبعًا يُستثنى من الكلام المذكور أنفًا من جاء الى الدنيا بلا أب، ليعرف عند بلوغهِ أن اباه راح ضحيةٍ لمشاركتهِ في حربٍ سابقة لا ناقة للشعبِ فيها ولا جمل، سوى بعض الاجتهادات الشخصية غير المسؤولة من رجال السلطة في تِلك الزمكانية، وحين نتكلم عن الام، لا يسعنا الذكر الا الخوف الموجود في عينيها خوفًا من فُقدانِ فلذة روحها، فبعد عناء التربية والأهتمام، وعندما يحين وقت قطف ثمار ذلك الطفل ليُصبح شابًا ناضجًا ومتكاملاً من جميع النواحي، يذهبُ كل عناء تِلك السنوات بحبرٍ على ورق من رجلُ الدولةِ الطاغية ورجال البعث الظُلام.
وسط كُل ما تم ذكرهُ وما لم يُذكر، توجد همسات غير مسموعة وغير واضحةٌ الصدى في حينها عن معنى كلمة الحرية والتحرر من زمن العبودية والحرمان، الى أن سقط الدكتاتور، وسقطت اوراق الظُلمِ والاستبداد، ليُعاد حلم الطفولة بالنمو والبلوغ، وتقول الحرية كلمتها، لتنطلق الديمقراطية بخطواتٍ ثابتة، فبعد الحُكم الطاغي بحق الشعب العراقي، والمُغيب بشكل كبير لرؤية الفرد العراقي وحرمانهم طيلة 36 سنة، جاءت الخُطبة الصريحة، التي رفعت شعار الدولة العصرية العادلة، تحت ظلال خيمة المرجعية العليا، بشخصية قارعت ما قارعت، وضحت بالكثير لأجل أن نستنشق عبير الحياة المُستقرةِ بعيدًا عن لُغةِ السفك والأقتتال.
عراقُ اليوم، يسير بخطوات واثقة نحو ترسيخ الديمقراطية بشكلها الفعلي والعملي بعدما أكتسبها، مُقبلٌ على مرحلة مصيرية ومهمة تقترن بأستثمار مُدخلات ما بعد 2003، ومعالجتها برؤية 2018 تجاه الأحزاب والتيارات التي تُمثله بالشكل الصحيح، فمن يستطيع أسقاط هيمنة الظلم والاستبداد وجعله فعل ماضي، بالتأكيد سيكون قادر على قلب معادلة الحكومة القادمة، وأختيار البرامج والرجال الأنسب لقياد عراق الخدمات القادم، لأن المرحلة القادمة غير قابلة للتهاون، وغير قابلة لتجربة الوجوه المُجربة والمخفقة بشكل كامل في تحقيق برامجها الإنتخابية.
التغيير لن يكون شعارًا بلا شعور، وتحمل المسؤولية لن يكون مجرد حبرًا على ورق، وأختيار التوجه الأنسب لن يكون مجرد كلامٍ مُلمع مسموع، ولا شعارات غير مُطبقة، التغيير يحتاج لرؤية وأصرار، لأن تِلك الاشارة على ورقة الأقتراع، ستُغير خارطة العراق، من السهل الرسوبي والهضبة الغربية، الى بلدِ نواطح السحابِ والمشاريع، ليكون شامخًا كجبال شمالهِ، ورائعًا بطلةِ أهوار جنوبهِ، وبالتاكيد ستكون غيومه محملة بأمطار الخدمات، التي ستتجمل أكثر بقوس قزح اطيافه المُجتمعة بِكُلِ وطنيةٍ وأعتدال.