23 ديسمبر، 2024 10:18 ص

عراقية الرئيس

عراقية الرئيس

قد يعتقد البعض إننا نعني بمفهوم العراقية المعنى المجرّد للكلمة , أي أن يكون المرّشح لمنصب الرئيس , عراقي بالولادة ومن أبوين عراقيين , وبالرغم من كون الدستور العراقي قد وضع هذا شرطا أساسيا يوجب توافره في المرّشح لمنصب الرئيس , إلا أنّ هذا لا يعني بالضرورة أن يكون كل عراقي مولود لأبوين عراقيين يحمل صفة العراقية , فهنالك من العراقيين من الذين انخرطوا في صفوف الإرهاب وتلطّخت أياديهم بدماء أبناء شعبهم , وهنالك من هم متورطون بالفساد المالي والإداري وسرقة المال العام , وهنالك من هم المتورطون بتنفيذ الأجندات الخارجية المعادية للعراق ونظامه الديمقراطي الجديد , وهنالك من يريد الانفصال عن العراق ويطلق دعوات تقرير المصير وإعلان الاستقلال , وهؤلاء جميعا لا تنطبق عليهم صفة العراقية , وإن كانوا مولودون لأبوين عراقيين , فصفة العراقية التي نقصدها تعني في المقام الأول أن يكون العراقي المرّشح لمنصب الرئيس مؤمنا بوحدة العراق أرضا وشعبا ورافضا لكل الدعوات التي تدعوا للانفصال عن العراق , فالإيمان بوحدة العراق أرضا وشعبا ورفض دعوات الانفصال , أصبحت هي الشرط الأول الواجب توافره في المرّشح لرئاسة الجمهورية , سواء كان من المكوّن الكردي أو من غيرهم , وبما أنّ الحديث يجري حول التوافق على مرّشح التحالف الكردستاني كونه استحقاق توافقي وليس استحقاق دستوري , فينبغي على هذا المرّشح أن يعلن أمام الشعب في ظل دعوات الانفصال التي يطلقها رئيس الإقليم , أنّه لن يفرّط بوحدة العراق ويرفض دعوات رئيس الإقليم لتقرير المصير والانفصال عن العراق , في حالة الاستمرار على نهج التوافق والمحاصصات .
وأهمية منصب رئيس الجمهورية تأتي من كونه رئيس الدولة ورمز سيادة ووحدة البلد , والضامن للالتزام بدستوره , والساهر على المحافظة على استقلاله , وهذه الأهمية التي أولاها الدستور لرئيس البلاد , لا ينبغي أن تبقى حبيسة التوافقات والمحاصصات الطائفية والقومية , خصوصا أنّ التحالف الكردستاني الذي يطالب بهذا الاستحقاق التوافقي غير مؤهل في ظل هذه الظروف والأوضاع التي يمر بها البلد , أن يتبوّء منصب الرئيس , ولهذا فإنّ التوافق على تسمية رئيس كردي غير مؤمن بوحدة العراق وسيادته , يمثّل خرقا دستوريا فاضحا وخيانة وطنية كبرى , وقد آن الأوان للسادة النوّاب التحللّ من محاصصات بريمر سئ الذكر والتوّجه نحو تسمية رئيس يمثّل العراق بكل مكوّناته وأطيافه , يكون عابرا للمكوّنات والطوائف , وليس هنالك أفضل من المكوّن المسيحي الذي اثبت إنه مكوّن عراقي أصيل عابر للطوائف والقوميات , خصوصا بعد المحنة والإبادة التي يتعرّض لها مسيحيي العراق في الموصل وسهل نينوى على يد الإرهاب الداعشي القذر , كما إنه يعطي رسالة حضارية إلى دول العالم المتحّظر تعكس الوجه المشرق للديمقراطية العراقية الناشئة , فعيون الشعب تصبو صوب مجلس النوّاب العراقي من أجل إنهاء معاناتهم والخروج من مأزق المحاصصات الطائفية والقومية التي وضعنا بها الاحتلال الأمريكي .