ألمتعارف عليه أن كل وطن له دولة, وما نعنيه هنا, أن تُبنى مؤسسات حقيقية, بقوانين ثابته يدار بها البلد, أما في العراق, فلا نرى غير وطن يدار بحكومات , وهو ما توارثناه عبر أنظمة ألحكم ألمتعددة.
بعد الإحتلال, وممارسة ألديموقراطية, بخروج المواطنين للإنتخابات أملاً منهم , بتغيير الحال وبناء دولة, إلا أن الساسة فشلوا بذلك, وعلى ما يبدو أنهم معتزِّين بتراثِ ألفَشَل! كونهم ما رَشَّحوا أنفسهم إلا للحكم, وليس للبناء!
بنى العراقيون دولاً بقيادات قَرَأنا عَنها, عَبْرَ كُتُبِ التأريخ ألقديم, فدولة سومر, أكد, آشور, قامت منذ آلاف السنين, إلا أن من حَكَمونا بعد الإسلام, هذا الدين المُنزل من الخالق, بدستورٍ متكامل, قد ركن جانباً, حيث عدنا إلى ما قبل الرسالة! وكأن الآية الكريمة” وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل, أفإن مات أو قُتِلَ انقلبتم على أعقابكم” إلى آخر الآية ألكريمة, تنطبق على الحُكّامِ بالذات, حيث عاد الوضع قبل الاسلام, من تَشَرذُمٍ, وقَبليَّةٍ, إضافة للتصارع على الثروات, وكسب المغانم لهذه القبيلة أو تلك!
كل ما عمله الساسة, مما يزيد عن 1400 عام, هو تكوين حُكوماتِ كياناتٍ, مُقَسِّمَةٌ ما بين قبيلة الحاكم, أو قوميته ومذهبه. بعيداً عن الوطنية وتأصيلاً للعرقية والتعصب! تماماً كما كان أيام الجاهلية! غير آبهين بقول: رحم الخالق من أهداني عيوبي” من أجل تصحيح الأخطاء, حيث يوصَف مَن يَنتقد الأداء, أنَّه حاقدٌ, متآمر, خائِنٌ, يَستحق أقصى العقوبات, وأوضح مثالٍ لذلك, ثورة الحسين عليه السلام, فرضخ الشعب للظلم, بعد قتل ابن بنت الرسول عليهم الصلاة والسلام.
يُقال أن الحقيقة مُرة, لكن الأَمَرُّ هو عدم الاعتراف بالخطأ, والأدهى من ذلك, أن كل من يحكم, ينادي بشعار, قضينا على الطاغوت لنحكم بالعدل, متناسين أن دولة الحق لا تأتي بالتوافق, بل بدستور يصلح لكل الأزمان, وما يجب هو التمهيد لتلك الدولة, فالقوانين الوضعية, مَرَضٌ فيه من الأوبئة, ما يقتل ألجميع, كونه لم يأتي إلا من عُقولٍ ليست كاملة, فهو هجينٌ من مقتطفاتٍ أصيلة, دُسَّ بينها فقرات, فأصبحت كمن يزاوج بين الفرس والحمير.
لا يسعنا بعد ذلك إلا أن نقول, ارجعوا إلى بارئِكُم, فمن يبحث عن زوجة صالحة يسألُ عن أصلها, فالعرق دساس, فلا تحكوا بحكم الجاهلية باسم الإسلام.