23 ديسمبر، 2024 8:29 م

عراقنا الذي تركته أمريكا ورائها

عراقنا الذي تركته أمريكا ورائها

قالت صحيفة ذي ديلي تلغراف البريطانية يوم 16/3/2013، إن غزو العراق أسفر عن مقتل أكثر من (116) ألفاً من المدنيين العراقيين في غضون ثماني سنوات، وأن المدنيين العراقيين بدؤوا بمواجهة الموت منذ اللحظة التي بدأت فيها أول غارة جوية على البلاد في 19 مارس/آذار 2003.
هكذا بدا المشهد العراقي قبل عشر سنوات، قتل وتهجير وطائرات ودبابات تقتل المدنيين العزل بلا رحمة، والحقيقة أن هذه الأرقام التي ذكرتها الصحيفة البريطانية لا تمثل حقيقة الخسائر البشرية والمادية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تكبدها العراق منذ أن وطئت قوات الاحتلال الأمريكي أراضيه وحتى الآن.
عشر سنوات مرت من عمر “الديمقراطية” الأمريكية التي صُدرت، أو استوردت للعراقيين من وراء المحيطات، وما زال العراق يسير من سيء إلى أسوء!
وبمحاكاة الواقع الحالي في العراق، ومنذ أن بدأت مهزلة تحريره يمكن أن نسجل في ربوعه مئات السلبيات الخطيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:-
1. عملية سياسية هشة، ويشهد بذلك أقطابها، بما فيهم أولئك الذين شجعوا أمريكا على غزو العراق، والواقع السياسي الحالي يؤكد نشوء دكتاتورية صريحة يقودها رئيس الحكومة نوري المالكي، حيث تدار الأمور اليوم بقرارات ارتجالية فردية غير مدروسة.
وفي يوم 24/3/2013، رأى (ايلي سوغارمن) وهو مسؤول سابق في الشؤون الخارجية بمكتب وزارة الخارجية الأميركية للأمن العالمي أن” العراق يمر بمرحلة خطرة، وأنه بعد عقد تقريباً على تحرير العراق، فإن البلد الآن صديق وحليف للولايات المتحدة، لكنه ما زال يعاني من اقتتال اثني وطائفي. وديمقراطية العراق الوليدة تتأرجح بين الجمود والصراع على مدى السنوات التسع الماضية”.
ويقول سوغارمن “في الأسبوع الماضي زرت المنطقة الكردية في العراق للقاء رجال اعمال وقادة سياسيين، وأن شيئاً واحداً اتضح من خلال مناقشاتي معهم، ألا وهو أن البلد في خطر الاشتعال مرة أخرى، وإذا لم تكبح التوترات فوراً، وتمنح كل الكتل السياسية الكبيرة صوتاً في مستقبل البلد، فإن نظام العراق السياسي المنقسم والعاطل يقع بخطر الارتكاس في العنف”!
2. رفض شعبي واضح وصريح لسياسات التغييب والتهميش التي تمارسها الحكومة الحالية، وتتضح معالم هذا الغضب الشعبي بالاعتصامات والمظاهرات المستمرة في ست محافظات، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، والمنددة بالاعتقالات العشوائية والتهميش والتمييز العرقي والطائفي، وهذا يؤكد فشل الديمقراطية المزعومة التي أرادت الولايات المتحدة أن تجعلها نموذجاً في المنطقة!
وفي يوم 11/3/2013، أعلن أعضاء في لجنة حقوق الإنسان البرلمانية العراقية عن وجود سجن سري تم اكتشافه قبل أيام يقع بالقرب من أحد مداخل المنطقة الخضراء، ويضم السجن مئات المعتقلين في مقر الاستخبارات والأمن، وأن السجن السري يشهد أعمال تعذيب بصورة منتظمة للمعتقلين الذين لم يخضعوا حتى الآن لتحقيق قضائي، حسبما أفادت صحيفة “الوطن” السعودية!
3. في يوم 7 آذار/ مارس 2013، كشف تقرير أعدته مجموعة السلام الهولندية، عن “آثار ما استخدم من أسلحة يورانيوم منضب في العراق في حربي 1991 و2003″، أكدت فيه أن “خطر هذه الأسلحة أكثر بمائة مرة من تأثير حادثة مفاعل تشيرنوبل بأوكرانيا، وأن العراق يحتاج لنحو (30) مليون دولار لتنظيف أكثر من (300) موقع ملوث، وأن ما يفاقم خطر الأسلحة المشعة هو ضعف قدرة العراق على معالجتها، والتقاعس الدولي لاسيما الأميركي والبريطاني في هذا الشأن”!
4. في يوم 11/3/2013، كشفت دائرة الاسترداد التابعة لهيئة النزاهة في أول تقرير سنوي أعدته حول عملها للعام 2012، أن أموال الفساد المالي والإداري التي هربت إلى خارج العراق للسنة الماضية بلغت أكثـر من ترليون دينار عراقي (نحو مليار دولار)، وأن عدد المسؤولين المتهمين باختلاس هذه الأموال والهاربين إلى الخارج بلغ (37) مسؤولاً، بينهم ثلاثة وزراء”.
هذه لقطات سريعة من الخراب في العراق “الجديد” حاولت أن أنقلها من مصادر حكومية وأمريكية، حتى لا نُتهم بالافتراء على الحكومة “الديمقراطية” القابعة داخل أسوار المنطقة الخضراء!
هذا هو العراق الذي تركته أمريكا ورائها!
[email protected]