23 ديسمبر، 2024 10:19 ص

عراب الجرائم….؟!

عراب الجرائم….؟!

بداية نؤكد صحة توجهنا باختيار عنوان مقالنا، كون مجلس الامن هذا  ( عراب الجرائم ) مطروح امامه مسألتان هامتان يتعلق بهما مصير شعبين عربيين يتعرضان للذبح الجماعي على يد امريكا واسرائيل، ولا يجرؤ احد على مواجهتهما، او لا يتردد مطلقا بالقول: بان هذا المجلس ومن خلفه هيئته الامم المتحدة وامينها العام، لم يعد لهم دور في تمثيل الشعوب التي تريد نيل حقوقها، بل اصبح دوره يقتصر على اغتصاب تلك الحقوق، واذلال شعوبها، حتى الجانب الانساني من دور الامم المتحدة اصبح يتسم بعدم النزاهة، لانه يتأثر بمواقف الدول التي تقدم اليها الخدمات الانسانية من القطب الواحد الذي يحاول ان يسود العالم. وعليه، اصبح هذا المجلس ،  هم من هموم العالم الكبيرة، ينام حيثما يريد الكبار، ويستيقظ حتى يشاؤون، سيف مثلوم مشرع في الهواء ينتظر الفريسة الجاهزة، يخوض الحروب الوهمية، ويندحر في المبارزات الكبرى، مجلس الامن الدولي، هكذا سموه، وحرصوا على ان يظل مجلساً للأمن لا لشيء آخر، فالتسميات لدى الكبار لا تغني ولا تسمن، بهرجة، وتعليقات، وضحك على ذقون بسطاء الارض، يتطلع بنصف عين لا ترى ابعد من مساحة مقره القابع في نيويورك.
منذ اكثر من خمسين عاماً، وهذا المجلس الموقر، ساحة خطب رنانة تتجاوز في حماستها حروب شعراء الجاهلية، وتسطر القرارات الكبرى، وتبدأ اجهزة الاعلام في تناقل ما سيصدر مما هو متوقع، وما هو في افق المجلس من خطط جبارة، وتتحول قراراته الى الارشيف لحفظها في ملفات المجلس.
مسكين انت مسؤول ارشيف هذا المجلس. فقد اثقلوا عليك باطنان الورق والاقرص المدمجة لتنظيمها في ملفات انيقة بانتظار ان يطلبها طالب مخدوع اذا لم يكن ابله يعد دراسة عن الوهم الذي اسمه مجلس الامن.
ايه… ايها القانون، كم ترتكب باسمك من جرائم، وكم تعزف لك مقطوعات الفالس المسلية. اين انت ايها القانون الجائر مما يرتكب بحق اهلنا في الانبار والفلوجة، واطفال اخواننا في سوريا.
قرارات… وقرارات مضادة من اسيا الى افريقيا الى امريكا اللاتينية… الى حيث لا ادري… قائمة طويلة من المآسي اليومية القاتلة، ومن الحروب العدوانية الدامية… ومن مصادرة حقوق الانسان وقمع انتفاضات الشعوب.. والمجلس الكريم لا يحرك ساكنا لقرار اصدره بالاجماع او بالاغلبية المطلقة.
المهم ان تصدر القرارات، وان تنشر وتذاع في وسائل الاعلام، اما التطبيق فشأن آخر لا علاقة لأحد به، لأمن قريب ولامن بعيد، فمصالح الكبار فوق كل شيء، ولا ينبغي المساس بمقدساتها وحقوقها التي تتجاوز كل لوائح الحقوق الانسانية التي شرعتها البشرية. عندما ترفض التنفيذ، فهذا شأنها، والمجلس (طبل) يقرع في فراغ كبير لاغواء السذج والبسطاء من الناس، فقد سمعنا قراراته العديدة بخصوص بعض قضايانا المصيرية… ولازلنا نتداول في وسائل اعلامنا بعض ارقامها… وربما هناك قرارات قد نسيناها، لانها مرت دون ان تكتنزها ذاكرتنا.
ولكن كل هذه القرارات لم تستلزم التطبيق، ولم تجيش الجيوش، ولم تستنفر القوات الجوية والبرية… صدرت وباتت في مقر الامم المتحدة، ولم تذكر بها ولم تتناولها اجهزة الاعلام، ولم ينطلق الفقهاء للحديث عن القانون الدولي الملزم.
لعبة خبيثة تضيع فيها الالوان والحروف واللغات… فبين الترجمة الانكليزية والفرنسية، تختفي الحقوق وتقبر في مختبرات الترجمة الفورية.       
تعالوا ايها المغلوب على امركم، تجروا وتثقفوا وادرسوا اللغات، وحللوا الغاز المعاجم لتجدوا حقوقكم الوهمية، ودقوا على باب مجلس الامن لعله يستفيق.
غير ان المجلس، قد انتفض انتفاضة رجل واحد، وصرخ وتجبر وتكبر، وطار النوم من احداقه، نسي حكاية اهل الكهف وتداخل الليل بالنهار، فالكارثة قد حلت، والعالم في خطر، واي خطر … وتعالت الخطب العصماء فوق منبره العالي، فأزماتنا العربية والعراقبة منها ولاسيما تلك الرافضة لسياسات الهيمنة الامريكية فوق كل الازمات الدولية… ولا بد من الاسراع للحفاظ على مصالح الامريكان قبل ان يشرق الصباح وتعم شمس العرب ارض العرب، فصدرت القرارات تلو القرارات، وهاجت ماكنة التطبيق تحث الخطى وتسبق الريح، وشرع السيف للتنفيذ، فلابد من التنفيذ السريع… السريع….
وبدأ الكبار يبحثون، والقانون صار قانونا ملزم التطبيق. اين انت ايها القانون من ما يجري الآن في العراق وسوريا..؟ عن اي قانون يتحدثون، وبأي وجه يجابهون البشرية؟ وبأي منطق يحاكمون الاشياء… أهو الجهل ام التجاهل ام ماذا؟ اين مجلس الامن من مشاكل الشعوب ومصائبها وكوارثها؟
لا ادري، هل يتملك المرء الشعور بالغرابة، اذا اكتشف ان هناك مجلساً للأمن، وان هنالك قرارات ملزمة، ومن لا يطبقها فان الدمار بانتظاره، لان مخالفتها من الكبائر العظمى!!
اني اظن ان هذا الذي اسمه مجلس الامن الدولي، لم يتجاوز حدود النكتة المضجرة.. شبح يظهر في الفضاء بين فترة واخرى، ويختفي قبل ان يظهر.
هل ما زال من حقنا ان نطلق عليه اسمه الذي عرفناه، ام كشف المستور وبان على حقيقته- مجلس أمن امريكا وعراب جرائمها، ام ان احداً منا او منكم يشك في هذه التسميات المتوافقة المتطابقة جداً.
عد يا مجلس الامن الى غفوتك، فالنوم اسلم وانسب، ودع مجلس امن امريكا يمارس دوره كما تفرض عليه مصالحه… فاننا نحن المتطلعين الى افق اوسع، براء من الامم المتحدة ومجلسها الالعوبة.
لقد حانت ساعة الفرز الحقيقية، وعرفنا اية كذبة كبيرة سقطنا في براثنها اسمها مجلس الامن الدولي… عفواً، عراب الجرائم….؟!
[email protected]