إبتكر أجلاف الجاهلية حيلة ً لمنع إنتشار دين محمد الجديد , و الحيلة هي حشو تجويف الأُذن بالقطن عند المرور بحضرته و هو يصلي أو يتلو القرآن . إنهم يحذرون إخوتهم من إن سماع صوته و هو يتلو الآيات سيسلبهم لبهم و و يأسرهم بسحره و لافكاك بعدئذ .حاشاه ماهو بساحر , و لكن لهذا التحوط وجاهته . إنهم يحولون بين ترابط أضلاع مثلث الإشتعال : كلمات ربانية بينة مُعجزة ,و صوت عذب حلو الطلاوة صادح نابع من قلب صادق , و أذن واعية , و هكذا تشتعل الأرواح بلهب الايمان . ثمة رواية تقول :- قدم أحد الناس من يثرب الى مكة ليستطلع بنفسه ما سمعه من أخبار مثيرة حول ظهور نبي جديد . و كان بعض الناس قد خوفه من قبلُ و بشدة من حيل السحر التي يبرع بها هذا النبي الجديد . و طلبوا منه أن يغلق أذنيه قبل أن يلتقيه . سار الرجل في طرقات مكة و التقى قوماً ممن آمنوا مع هذا النبي و هم يمضون له ليستمعوا تلاوته القرآن . حدث الرجل نفسه بملامة و قال :- إنني ذو عقل و حصافة, فلماذ أهزأ بنفسي و أسدّ أذنيَّ ؟ أأفعل هذا لأن رجلاً ( النبي) يقرأ نصا ؟! و نزع من أذنه ما كان يسدها . و استقبل صوت النبي يتلو القرآن , وأسلم لساعته . إن هذا لتأثير يفوق حتى مثيله في الأساطير , مثلا : تأثير ( جنيات البحر) في الانشودة 12من ملحمة الأوديسا لهوميروس .( راجعها في الويكيبيديا إن شئت ) . و ليس تاثير تلاوة النبي عليه و على آله الصلاة و السلام , مقصورة على البشر . بل وحتى على الجن ,الذين أسلموا لما سمعوا النبي ليلا و هم في الصحراء بين مكة و الطائف يتلو القرأن وهو يصلي ونقل القرآن عنهم قولهم 🙁 إنا سمعنا قُرآنا عجبا يهدي الى الرشد فآمنا به ) . ومن المؤكد إن النبي كان على علم بتجمع الجن حوله حين يتلو بطلاوة صوته العذب القرآن الكريم . وحدث ذات مرة إنه (ص) أراد أن يجعل أصحابه ترى الجن , فذهب معهم ليلاً الى مشارف مكة, و ما إن وصلوا هناك حتى إبتعد النبي الكريم قليلا عن أصحابه و شرع يتلو القرآن المجيد . و تسرد رواية عبد الله بن مسعود ما جرى بعد ذلك كما يلي : – ( و هنا تجمعت حوله كائنات سود .حتى إنها حجبت الرؤية عنا , ولم أعد أستطيع أنا نفسي أن أسمع صوت النبي , بعد حين تفرقت كما تنقشع السُحب .) . يقول البراء بن عازب حول قراءة النبي(ص) لسورة التين أنه ( ما عاش شيئا أجمل من قراءته ! ) . ويحكي معاوية , الخليفة الأموي , لأصحابه فيما بعد : ( لولا أني أخاف أن تتجمع حولي زمرة من الناس , لمثلت لكم كيف كان يقرأ النبي !) . و توارث آل البيت (ع) هذه الفضيلة , فقد جاء في كتاب ( الكافي): أن الإمام الرابع زين العابدين (ع) كان من أعذب الناس صوتا في عصره , وكان كلما قرأ القرآن ظلّ السقّاءون و قوفاً ببابه يستمعون . فإذا قرأ القرآن … فما من إنسان يمر به إلا و غاب عن الوعي لجمال صوته , و لو أن الإمام قد ترك لصوته العنان لما تحمله أحد !) , هذا و هو بضعة من أبيه بضعة رسول الله ! , فكيف بصوت و تلاوة رسول الله ؟ ! اللهم صل عليه وسلم وبارك عليه و آله كما صليت و سلمت و بارت على إبراهيم و آله في الأولين إنك أنت الحميد المجيد .
( ملاحظة : ننصح الراغب بالاستزادة مطالعة كتاب : بلاغة النور .. جماليات النص القرآني – لمؤلفه الايراني – الألماني نفيد كرماني – منشورات دار الجمل )