18 ديسمبر، 2024 7:01 م

قراءة في خطاب السيد حسن نصر الله حول العراق في يوم القدس العالمي

قراءة في خطاب السيد حسن نصر الله حول العراق في يوم القدس العالمي

قبل الدخول في صلب الموضوع نستعرض كلام سيد المقاومة اللبنانية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في يوم القدس العالمي المصادف 23 حزيران 2017م حيث تطرق لمعظم قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية المركزية التي يرتبط بها حدث المناسبة السنوية ومعظم قضايا المنطقة، لكننا نطرح قضية بلدنا تحديداً وما أبداه سماحة السيد بشكل مقتضب:

خامساً العراق

العراق بعد ان اظهر إرادة سياسية واضحة من خلال الانتخابات المتعددة، والحكومات المتعاقبة، اظهر إرادة سياسية واضحة، انه لن يكون جزء من العملية السياسية الاميركية العربية لتصفية فلسطين، وبعد ان ظهر واضحاً في العراق ايضاً، وجود تيارات شعبية وجهادية قوية، وجود ثقافة مقاومة، وروح مقاومة، ونفس مقاومة، واستعداد عالي لمساندة حركات المقاومة في مواجهة إسرائيل، ولاسباب أخرى أيضا، أرسلوا داعش على العراق والى العراق.

لاتنسوا ايها الاخوة والاخوات ولا يجوز ان ينسى احد، ان داعش صناعة اميركية وتمويل سعودي وخليجي وتسهيلات تركية، بعدين اختلفوا مع بعضهن بحث ثاني، عم نحكي صنع اين؟! عم نحكي بلد المنشأ؟! وهذا مش انا العموئوله هيدا الرئيس الحالي الاميركي ترامب بقى سنة بالحملة الانتخابية تبعوا سنة! بكل خطاب بيقول انا اوباما وكلينتون وادارة اوباما هي التي صنعت داعش، وهي التي اوجدت داعش، والسعودية وغير السعودية مولت داعش بقرار اميركي، وتركيا قدمت التسهيلات لداعش بقرار اميركي.

فلتوا داعش على العراق وعلى الشعب العراقي على امل ان تطيح داعش بالحكومة العراقية، وبالنظام العراقي الجديد، وبالشعب العراقي، وبإرادة الشعب العراقي، وبعدين اما ان يذهب بالعراق الى التقسيم، واما ان يأتي الاميركيون ليستعيدوا العراق من داعش، وفي هذه المرة ينصبوا حكاماً على العراق، بعيدا عن أي عملية انتخابات، او دور حقيقي للشعب العراقي.

اذن هنا العراق ايضاً كان مستهدفاً لانه لم يكن لم يرضى ان يكون جزء من العملية السياسية التي يراد لها ان تحقق هذا الهدف المركزي)).

انتهى

لعل المتتبع لأحاديث سماحة السيد في جميع المناسبات فيما يخص العراق لا سيما بعد الانسحاب الأميركي المزعوم نهاية 2011 لا يستغرب من حالة الإشادة والتنزيه فيما يخص الطبقة السياسية “الفاسدة” بصورة بعيدة عن واقع الداخل القائم على العصبيات لا كما يحاول السيد ان يصورها حالة سياسية مشابهة لحالة الحزب في لبنان في مواجهة الكيان الصهيوني؟!.. لكونه اذا اعتقد بذلك سوف يسيء لحزبه قبل ان يمنح صك براءة لجماعة الخضراء وملحقاتها من المقاولين “المقاومين”… لذا نركز على ان تكون النظرة للساحة العراقية بجوانبها كافة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بناءاً على تقديرات الساحة العراقية، لا النظر للعراق من وجهة لبنانية تأخذ العامل الداخلي بشكل سطحي، ذات الإشكالية نوجهها لمن يأخذ تصورات غير دقيقة بناءاً على واقعه وظروفه دون معرفة العوالم الداخلية للشأن اللبناني أو السوري فيصطف بصيغة العصبية الدينية الضيقة بصورة سلبية.. لا سيما من يحاول ان يطعن بدور الحزب المقاوم تجاه الكيان الصهيوني الغاصب، او كردة فعل على رؤيته التي يراها لم تنصفه، بغض النظر عن هذا وذاك.

نبدء بما أكده سماحة السيد في بداية حديثه:

((العراق بعد ان اظهر إرادة سياسية واضحة من خلال الانتخابات المتعددة، والحكومات المتعاقبة، اظهر إرادة سياسية واضحة، انه لن يكون جزء من العملية السياسية الاميركية العربية لتصفية فلسطين)).

عذرا سيد المقاومة.. لكن عن أي إرادة تتحدث؟!

الا تعلم يا سيدي ان الإرادة الاميركية هي من فرضت ذاتها باحتلال مباشر في العام 2003م!

وهي ذاتها من حددت طبيعة النظام السياسي وفقاً للمحاصصة الطائفية السياسية!

الا تعلم ان الدستور المفروض اليوم ان أسسه الراسخة هي أميركية، وهو كفيل بتأسيس اضطراب سياسي واجتماعي واقتصادي بصورة فتنوية؟!..

الانتخابات التي تتحدث عنها اغلبها جرت في عهد الاحتلال؟!.. منذ العام 2005 و 2006 و2009 و2010!.. فأي إرادة انطلقت بصورة معوقة تطبق نصوص الأميركي!؟..

عذرا سيد المقاومة هل اذكرك بموقفك الوطني الشجاع يوم وقفت ضد الاتفاقية الامنية العراقية الاميركية في نهاية العام 2008م يومها وافق عليها الاغلب ممن تراهم حققوا ارادة سياسية؟!.. واستمرت الاتفاقية الامنية العراقية الاميركية بعد الانسحاب الشكلي والى اليوم هي مستمرة من جانب واحد تكريما لها من قبل الارادة السياسية!..

فأي إرادة سياسية عراقية يا سيدي ومولاي تقصد (ليست جزء من العملية السياسية الاميركية العربية)؟! ومن يدعي المقاومة يحمي السفارة الاميركية ويطبق نصوص الدستور الذي ارسته واشرفت عليه اميركا بالإضافة الى خضوع السفارة الاميركية، ويسمح بالقواعد العسكرية الاميركية، وكل هذه الامور ليس بارادته انما بارادة الجانب الايراني المشارك في انجاح المحاصصة السياسية الاميركية مع الجانب التركي والعربي الخليجي!..

عذرا سيد المقاومة.. الانتخابات التي اجريت افرزت حال العصبية الاجتماعية بشكل قانوني حيث انتشرت دكاكين متعددة، واقطاعات متناثرة، وشعارات متزايدة تغذت على العصبية الطائفية ووفق دستور فتنوي ارسته اميركا لمصلحة إسرائيل غير قابل للتعديل او التأويل.

عذرا سيد المقاومة حديثك عن ((وجود تيارات شعبية وجهادية قوية، وجود ثقافة مقاومة، وروح مقاومة، ونفس مقاومة، واستعداد عالي لمساندة حركات المقاومة في مواجهة إسرائيل)) غير دقيق.. لعله من المؤسف ان اخبرك بذلك.. فلا يوجد وعي عراقي شعبي وحتى سياسي تجاه فلسطين بالشكل الذي تتصوره، فلسطين آخر اولوياتهم واهتمامتهم لكونه لا يرضي وعيهم المناطقي، الطائفي، العنصري كجزء من ثقافة المحاصصة القائمة على الطائفية السياسية، فلسطين ليست جزء من تهيج الشارع غرائزيا كما هي الطائفية السياسية، الوعي الشعبي ليس فلسطينياً ويعاني عقد لا شعورية من الفلسطينيين بصورة سلبية منها ما كانوا يعانوه من ضخ الشعارات للبعث والتي قتلتهم وحكمتهم باسم فلسطين؟!. بالإضافة الى حالة التعميم من قبل الوعي الشعبي على بعض الفلسطينيين الذين يرتكبون عمليات إرهابية لجانب القاعدة او داعش!.. من غير ان ننسى ان الفلسطينيين ليسوا ضمن بيئتهم الطائفية التي يقيمون كل شيء عليها!؟ دون نهج مبدئي!. او نهج سياسي!..

عذراً سيد المقاومة لقد عانى الفلسطينيين ما عاناه وكانوا جزء من ضحايا الفتنة الطائفية؟!.. والعصبية الطائفية..

اتعلم يا سيدي لم يكن هنالك أي مكتب تابع للمقاومة الإسلامية الفلسطينية وحتى الوطنية منها اليسارية كما هي المكاتب المنتشرة في سوريا ولبنان!؟ لماذا باعتقادك؟!.. هل هو جزء من ما أفدتموه كون الخضراويون ((على استعداد عالي لمساندة حركات المقاومة في مواجهة اسرائيل)) فهل لديكم ممثلية او مكتب في بغداد؟!..

اما عن داعش وصناعتها فصدق الامين الصادق حينما ذكر ((لاتنسوا ايها الاخوة والاخوات ولا يجوز ان ينسى احد، ان داعش صناعة اميركية وتمويل سعودي وخليجي وتسهيلات تركية، بعدين اختلفوا مع بعضهن بحث ثاني، عم نحكي صنع اين؟!)) ربما هذا الكلام ينطبق اكثر على تـأسيس داعش في سوريا المستحدثة مع أزمتها وتمددها لاحقاً في العراق!؟ لكن داعش في العراق متواجدة قبل ذلك وبأسماء متعددة… داعش لم تظهر بهذا الحجم من قبل؟!.. كانت عبارة عن مجموعة صغيرة باسماء متعددة بدءاً من جماعة التوحيد والجهاد الى تنظيم القاعدة الى الدولة الإسلامية في بلاد الرافدين أخذت العمل بنشاطها مع انطلاق العراق الجديد المصنوع أمريكيا؟!.. وكانت اميركا على علم بنشوء وهيت له الظروف والآليات بدعم خفي ومعلن.. كما هيئت الظروف للعملاء المزدوجين ليترسخوا باسم العراق الجديد.. وليحافظوا على النظام العراقي الجديد الذي تكامل مع الافكار المشوهة وفي زمن الفوضى فكانوا اغلب من يرفعون اليوم كمجتمع مقاوم وكفصائل مقاومة هي صامتة على الاميركي؟!.. بل تقدم العرفان لما قدمه الاميركي!؟ ليحافظوا على ما اسسه الاميركي ليكون نظام المحاصصة عنوان للفساد والطائفية والفوضى والعصبية والتطرف الذي نشأ عليه داعش او غيرها.. فالاميركان لم يفلتوا داعش بل اصبحت المقاومة وثقافة المقاومة منفلتة وفوضوية عبر النظام السياسي التي اشدت به بقصد ودون قصد حينما قلت النظام العراقي الجديد، وهو مصطلح من قاموس بوش ومن ولائه: ((فلتوا داعش على العراق وعلى الشعب العراقي على امل ان تطيح داعش بالحكومة العراقية، وبالنظام العراقي الجديد، وبالشعب العراقي، وبإرادة الشعب العراقي)).. اتفق معك يا سماحة السيد الاحتلال هو انفلات للامور.. واي كلمة لمسمى مقاومة يجب وضع عليها عشرة خطوط لكونها بقصد او بدون قصد اشركها الاميركي في المحاصصة المولدة للفتنة الطائفية للحفاظ على مسمى العراق الجديد… والحكومة العراقية.. وارادة الشعب العصبوية.

عذرا سيد المقاومة داعش جزء من المحاصصة وان لم تخلها من خلال ادعائه تمثيل أهل السنة والجماعة!.. ومن خلال استثمار حالة المحاصصة واستفادت اكثر مما استفاد من هم بداخل المحاصصة… فاي نظام نموذجي بني على الطريقة الاميركية تدافع عنه وتقول ان داعش التنظيم الهزيل كفيل باسقاط مشروع المحاصصة الاميركي بعنوان الحكومة العراقية والنظام العراقي الجديد!..

عذرا سيد المقاومة المحاصصة هي اداءة التقسيم والاميركان لم يخرجوا الا بماء الوجه ومن ضمانات ايرانية كونها سيدة المقاومة!؟ حينما تعاملت وانجحت المشروع الاميركي بشكل خفي وعلني!؟ كما هو حال السعودية وتركيا!.. والقواعد الاميركية متواجدة منذ رحيل القوات الاميركية الشكلي من خلال سفارة عملاقة وقواعد جوية في صلاح الدين والانبار وغيرها بصورة قانونية ومرتبة ضمن الاتفاقية الامنية العراقية الاميركية!

عذراً سيد المقاومة الإرادة المقاومة لحكومة الممانعة رفعت اسم العراق عالميا في المراتب الاخيرة للدول على سلم النزاهة، والمراتب الاولى على سلم الفساد خلال سنوات متتالية طوال 14 عام من عهد المحاصصة الاميركية وتوابعها.

عذراً سيد المقاومة الارادة التي تتحدث عنها ادخلت الشركات الاميركية لاحتكار النفط العراقي بثمن بخس.

عذرا سيد المقاومة الارادة التي تتحدث عنها حولت العراقيين كشعب مقاومة الى اشخاص عصبويين للطائفة وللعرق وللمنطقة.

عذرا سيد المقاومة الارادة التي تتحدث لم تنتج لنا قطاعات صناعية وحركة تجارية ومنشأت زراعية بل كانت مستهلكة على عموم دول المحاصصة.

عذرا سيد المقاومة الحكومة والنظام العراقي لم يؤسسه الامام المهدي وليس دولة العدل او ولاية الفقيه.. بل اسسها الاميركي.

عذرا سيد المقاومة.. المقاومة اوامر العمليات كانت تنطلق بموافقة اميركية ولا يتحرك الحشد الا وفق خطط يضعها الاميركي لرئيس الوزراء المرضي عليه

عذرا سيد المقاومة.. السفارة العملاقة الاميركية في بغداد ما تزال تهندس؟!.. وما زالت الازدواجية للاميركي والدول الاقليمية مترسخة.

عذراً سيد المقاومة.. نذكرك بموقف ((سيدة المقاومة)) ايران بلسان حسين ابطحي معاون الشؤون القانونية للرئيس الايراني خاتمي حينما ذكر لولا ايران لما استطاع الاميركان احتلال بغداد وكابل.. وقد ثبت هذا الكلام حينما كانت الجمهورية الاسلامية صمام العملية السياسية التي ارساها المحتل الى جانب ادوار المحاصصة الاخرى من الدول الاقليمية كالسعودية وتركيا، والتي لعبت دور مبطن وظاهر في شرعنة المشروع الاميركي بشكل مباشر وغير مباشر.

عذرا سيد المقاومة.. التاريخ لا يرحم، ومحاولة تبرئة عملاء الخضراء باي صورة كانت من تهمة التعامل او الرضا او الصمت او القبول او التنفيذ للدستور والمحاصصة لن يرحم.. لكونه يمثل نجاح المشروع الاميركي في نقل الصورة الخاطئة لكم.

لذا يا سماحة السيد كل ما يحدث في العراق مبرمج قبل حصوله وليس مرتبط باي امر آخر او هيكلية اخرى.. ما يحدث جزء مما رسمه الاحتلال وتنفذه الأجندة الخارجية من خلال نظام المحاصصة عبر تفتيت الشعب باسم المكونات والاعراق واستحقاقاتها وجلب عصبياتها.. لا شيء آخر.