حين تمر الامم والاوطان بأزمات، يكون هدف الخروج من الاخيرة مقياساً لصحة كل التصرفات وان كانت غير قانونية، لان انتظار تشريع القوانين في ظل الروتين القاتل يؤدي الى استفحال الأزمات، وأزماتنا ليست محدودة، وانما كانت ولم تُزل أزمات بحجم الوطن، فأغلبها يهدد وجود الوطن لا بعض مفاصله، كأزمة داعش التي استوجبت وجود جيش رديف، وان كان غطائه فتوى تأريخية أسست لعراق جديد، وفسحت لنا المجال لان نكتب ونوثق لما قد حصل، ليعلن بعدها عن ايجاد اقوى مؤسسة عقائدية قتالية عرفها العراق، لتعود مرجعيتنا الرشيدة مرة اخرى لترعى كل من لبى النداء، وتطالب بأيجاد الغطاء القانوني لكل من خرج مدافعاً عن موطنه، كتعبير عن رد الجميل لمن أرخص الغالي والنفيس لأجل وطنه وإطاعة مرجعيته، ليكون قانون الحشد الشعبي حامياً له من نفسه ومن الآخرين، ليوجد تنظيماً خاصاً للمتطوعين من جهة وللفصائل المقاتلة الموجودة قبل صدور الفتوى من جهة اخرى، وتنهي حالة وجود المليشيات وحمل السلاح خارج إطار الدولة، ليكون التصنيف الجديد هو الجيش والشرطة والحشد التي تعتبر مؤسسات ضمن إطار الدولة، وكل ما عدا هذه المؤسسات هو خارج عن القانون ولو كان مؤيداً من اي جهة كانت
يجري الحديث بين الحين والاخر عن وجود كيانات تمثل المقاومة خارج إطار مؤسسة الحشد الشعبي، ليتم تشبيهها بحركات التحرر الوطني، والتي يعرف عنها بعدم حاجتها لأي اعتراف حكومي، كونها كما يشاع تمثل إرادة الامة في التحرر خارج الإطار الرسمي، لما يحكم المؤسسات الرسمية من قوانين ومعرقلات تعقد من تحركاتها، وبالتالي فان هذه المقاومة تحضى بحرية في الحركة ليس داخل حدود الدولة فقط، وانما سيتم استخدامها خارج حدود الدولة أيضاً، لتكون محور أساسي في التوازن الاقليمي، وتكون فاعل لا يستهان به في الأحداث التي ستجري لاحقاً
وجود فصائل للمقاومة لا ترتبط باي تشكيل مؤسساتي خاضع للدولة، يعني استمرار عدم حصر السلاح بيد الدولة، وهو ما سيتسبب بالكثير من الأزمات مستقبلاً، اضافة الى الخروقات التي ستحصل، بسبب سوء استخدام هذه القوة من الكثير من المنتمين لهذه المقاومة المزعومة، مما يفتح المجال امام استخدام هذه القوى للضغط السياسي والتأثير في المواقف والاحداث، والتدخل في جميع القضايا السياسية، وأخذ دور الدولة في الكثير من المواقف، مما يساهم في اضعاف الاخيرة في الوقت الذي نحتاج الى اعادة هيبتها، وهو الامر الذي يجعلنا نكون امام سيناريوهين لا ثالث لهما، السيناريو الاول قائم على قمع هذه المقاومة او إجبارها على الانضواء تحت مؤسسة الحشد الشعبي، اما السيناريو الثاني فستكون ملامحه واضحة تحت شعار ( انا للحرب وانا اليها راجعون )! .